التعديلات الدستورية الأخيرة التي أقرها مجلس الدوما الروسي (11/3)، تتيح للرئيس فلاديمير بوتين الاستمرار في الرئاسة (نظرياً) بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية في العام 2024. وذلك بعد أن مهّدت الطريق أمامه للترشح لولايتين رئاسيتين إضافيتين، مدّة كل منهما ست سنوات، لأنها «صفّرت» عدد ولاياته السابقة والحالية، حيث نصّت الفقرة 3.1 من المادة 81 من «الدستور المعدّل» على إعفاء الرئيس الذي يشغل منصبه وقت دخول التعديلات الدستورية حيز التنفيذ، من احتساب ولاياته السابقة ضمن الحد الأقصى للولايات الرئاسية.

وتشمل التعديلات المقرّة تعزيز صلاحيات السلطة التشريعية والتنفيذية في النظام السياسي القائم، فضلاً عن حقوق اجتماعية واقتصادية، مثل الحد الأدنى للأجور وتكييف معاشات التقاعد مع معدل التضخم. وعلى رغم تأكيده مراراً عدم نيته الاستمرار في الرئاسة مدى الحياة، إلا أن بوتين (67 عاماً)، الذي يحكم روسيا منذ عشرين عاماً، أعلن في كلمة له أمام «الدوما» قبوله التعديلات، بشرط إقرارها من المحكمة الدستورية، وتصوّيت الروس لصالحها في الاستفتاء المقرر إجراؤه في 22 نيسان/ إبريل المقبل؟.

وجاء إقرار التعديلات في ظل تردّي الأوضاع المعيشية للروس، وخاصة بعد الضربة الحادّة التي أصابت اقتصاد البلاد بسبب تراجع أسعار النفط، وتراجع سعر صرف الروبل إلى أدنى مستوياته منذ عام 2016.

وقد ندّد المعارض المعروف، أليكسي نافالني، بالتعديل الذي يسمح لبوتين بالترشح مجدداً ورأى أنه بمثابة «انقلاب». كما وجهت الصحافة الروسية المستقلة انتقادات إلى مشروع التعديلات، معتبرة أنّ تشبث بوتين بالحكم، بعد عقدين من حكمه، «يعكس عجزه عن إقامة منظومة سلطة لا تعتمد على شخصيته، وهو ما يضع روسيا على خطى النظم الاستبدادية في الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى».

ولخّص الصحافي الروسي المعارض، أوليغ كاشين، قبول بوتين التعديل الدستوري، في «عدم ثقة الأخير لا بالدولة الروسية ولا بمؤسساتها، ولا حتى بأنصاره وقدرتهم على توفير كل ما يحتاجه بدءاً من الحفاظ على البلاد، ووصولاً إلى ضمانات شخصية له ولأسرته». ورأى كاشين أنّ التعديل يكشف عن أنّ بوتين «لم يتمكن خلال 20 عاماً من حكمه، من إقامة جهاز دولة قادر على السير بصرف النظر عمّن هو على رأسه»!.

بدوره، رأى كيريل مارتينوف، في مقال بصحيفة «نوفايا غازيتا» الليبرالية المعارضة، أنه كان واضحاً منذ البداية أنّ حزمة التعديلات الدستورية التي اقترحها بوتين في كانون الثاني/ يناير الماضي، «لا هدف لها سوى عدم تغيير أي شيء»، معتبراً أنّ «القطار الذي انطلق يشكّل هدماً للنظام الدستوري».