المصالحة والغضب – في القدس وفي واشنطن ردوا بحدة..
2014-04-24
يعقد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو صباح اليوم اجتماع لوزراء المجلس الوزاري السياسي – الامني للبحث معهم في آثار اتفاق المصالحة بين فتح وحماس والجهاد الاسلامي على استمرار المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.
بعد وقت قصير من التوقيع على الاتفاق في غزة – الذي جاء لانهاء الانقسام الذي يعود الى سبع سنوات بين قيادة الضفة وقيادة القطاع – ألغى مكتب نتنياهو لقاء المفاوضات الذي كان يفترض أن يعقد أمس مع ممثلي ابو مازن بدعوى أنه يجب "فحص معاني الاتفاق". وبالتوازي طرأ تصعيد أمني في الجنوب.
وصرح وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بان "التوقيع على الاتفاق بين السلطة وحماس والجهاد الاسلامي معناه التوقيع على انهاء المفاوضات بينها وبين اسرائيل". ولكن محافل سياسية قدرت بانه من السابق لاوانه معرفة كيف ستؤثر المصالحة الفلسطينية الداخلية على استمرار الاتصالات مع اسرائيل.
وتحدث نتنياهو أمس عن التطورات مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري. وقال نتنياهو لكيري ان "الفلسطينيين يكررون نمط السلوك المعروف: في كل مرة يتعين عليهم فيها أن يحسموا فانهم يهربون من اتخاذ القرارات. من يصنع السلام مع حماس لا يريد السلام مع اسرائيل. أبو مازن اختار حماس وليس السلام".
في اسرائيل فوجئوا من التوقيع على الاتفاق في غزة وذلك لانهم قدروا بان احتمالات ان يخرج اتفاق المصالحة الفلسطيني الداخلي الى حيز التنفيذ ليست كبيرة. وفي نظرة الى الوراء، يقدرون في القدس بان ابو مازن خطط للتوصل الى اتفاق مع حماس كي يعد نفسه لكل سيناريو – سواء لحالة الاعلان عن فشل المحادثات مع اسرائيل، أم من أجل استخدام المصالحة مع حماس كرافعة ضغط على اسرائيل تسمح له بان يحصل منها على مزيد من الامتيازات في المفاوضات.
وقالت مصادر سياسية ان اسرائيل تتوقع من دول العالم الضغط على حماس للاعتراف بوجودها، بالكف عن أعمال الارهاب واحترام الاتفاقات الموقعة مع السلطة في الماضي – كشرط لاعتراف دولي بحكومة الوحدة الفلسطينية. وشدد ليبرمان على أن "ابو مازن لا يمكنه أن يصنع السلام في نفس الوقت معنا ومع حماس، المنظمة الارهابية التي تدعو الى ابادة اسرائيل".
وفضل وزير المالية ورئيس يوجد مستقبل يئير لبيد في تعقيبه التوجه المباشر الى قيادة السلطة قائلا: "كيف تريدون الوصول معنا الى اتفاق حين توقعون في هذه اللحظة على اتفاق مع الاشخاص الذين أقسموا على قتلنا؟ كيف تريدون اقامة دولة، الى جانبنا، مع هؤلاء الاشخاص؟ أي نوع من الدولة تريدون أن تقيموها معهم؟ كيف لم تطلبوا من حماس الاعلان بانها تهجر طريق الارهاب؟".
وهاجم وزير الاقتصاد ورئيس البيت اليهودي، نفتالي بينيت هو الاخر الاتفاق بشدة قائلا: "هذه حكومة وحدة الارهاب. لقد دخل الشرق الاوسط الى عصر سياسي جديد. والسلطة الفلسطينية اصبحت الجسم الارهابي الاكبر في العالم، على مسافة 20 دقيقة من تل أبيب. وفي حماس سيواصلون قتل اليهود وابو مازن سيواصل المطالبة بتحريرهم".
أما وزيرة العدل والمسؤولة عن المفاوضات السياسية، تسيبي لفني، فوافقت على أن "هذا تطور اشكالي جدا يمس بجهود السلام الجارية بكثافة. على اسرائيل أن تفحص المعاني وأن تنظر بما يتناسب مع ذلك في خطواتها".
ومن الجهة الاخرى، في المعارضة ردوا الانتقاد الذي اطلق في الحكومة على أبو مازن. "حتى الان ادعت الحكومة ضد ابو مازن بانه لا يمثل عموم الفلسطينيين. والان، عندما ستجعله المصالحة يمثل عموم الفلسطينيين، تطالبه بان يختار بين اسرائيل وحماس. هذا مطلب غير منطقي وغير معقول يتعارض والمصلحة الاسرائيلية"، قالت رئيسة ميرتس زهافا غلئون. "كل مصالحة بين الضفة وبين غزة حيوية، طالما الاتفاق بين ابو مازن واسرائيل يلزم حماس أيضا – وأولا وقبل كل شيء: وقف العنف".
أما رئيس المعارضة والعمل، النائب اسحق هرتسوغ فقال انه "حتى الان يدفع نتنياهو بالسجناء وبالقتلة كي يمدد مفاوضات عقيمة والخسارة الاسرائيلية مزدوجة. نحرر قتلة ونقترب من دولة ثنائية القومية في نفس الوقت. يجب تجميد الاستيطان والتوجه الى خطوة مكثفة من المفاوضات في المسائل الجوهرية".
وليس في اسرائيل فقط انتقدوا السلطة بل وفي واشنطن ايضا. فقد قالت الناطقة بلسان الخارجية الامريكية جان ساكي ان المصالحة الفلسطينية الداخلية "تثير القلق. هذا سيعقد جديا المساعي للوصول الى اتفاق سلام، ليس فقط جهودنا بل وايضا جهود الطرفين لتمديد المفاوضات. التوقيت رهيب وفظيع. نحن حقا خائبو الامل".
وأوضحت ساكي بان الولايات المتحدة ستطالب حماس باستيفاء الشروط الثلاثة: الاعتراف بوجود اسرائيل، احترام الاتفاقات السابقة والامتناع عن الارهاب. من الصعب أن نرى كيف ستتمكن اسرائيل من مواصلة ادارة المفاوضات مع حكومة لا تعترف بحقها في الوجود".
وفي ضوء ردود الفعل الحادة في اسرائيل وفي الولايات المتحدة، حاولوا في رام الله تهدئة الانطباع الشديد الذي خلفه اتفاق المصالحة الذي وقعته فتح مع منظمات الارهاب في غزة. فقد شدد أبو مازن على أنه من ناحيته، لا تناقض بين المصالحة وبين استمرار مفاوضات السلام مع اسرائيل. وادعى رئيس السلطة الفلسطينية بان "هذا الاتفاق سيعزز قدرتنا على الوصول الى حل الدولتين". وبزعمه، فان الاتفاق الذي وقع أمس ينسجم مع مبادرة السلام العربية ومع اتفاقات القاهرة والدوحة. وفي كل الاحوال، أوضح أبو مازن "فاننا ملتزمون بسلام عادل ودائم على اساس حل الدولتين".
واضاف مصدر فلسطيني رفيع المستوى أمس بان "كل اتفاق يوقع بيننا وبين اسرائيل سيكون ساري المفعول على قطاع غزة أيضا. وسيكون هذا هو الرد لكل الاسرائيليين الذين ادعوا بانه لن يكون ممكنا الوصول الى اتفاق سلام طالما لا تسيطر السلطة الفلسطينية في غزة".