نقابات عماليه واقتصاد فلسطيني-محمود خليفه
2014-04-26
يعيش الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والقدس ظروفا اقتصاديه ومعاشيه صعبه بفعل الاحتلال الإسرائيلي وماسبقه من ظروف سياسيه احاطت بفلسطين وبالمنطقه العربيه وتمثلت بالانتداب وبالهجره اليهوديه وبالصراع الفلسطيني والعربي الاسرائيلي. وبسبب الإجراءات والتدابير المفروضة على الاقتصاد والتي قادت الى تعميق تبعيتة وتكبيله بقيود اتفاق باريس الاقتصادي وما فرضه من شروط مجحفه وتعسفيه وما ترتب عليهامن سياسات ماليه ونقديه واقتصاديه. الحقت الضرر الصافي بالسلطة وبالمجتمع واعطت الافضلية والربح الصافي للاحتلال الكولنيالي التوسعي الاحلالي العنصري ولاقتصاده، وشرعت وظيفته بالربح والاستغلال وتضخيم نمو اقتصاده وزيادة ناتجه ومتوسط دخله واجوره.. وتدفيع الثمن غاليا تجويعا وافقارا للشعب الواقع تحت الاحتلال بمنع النمو وتراجع الناتج وانخفاض متوسط الدخل وانخفاض الاجور وازدياد نسبة الفقر والحد المدقع له وتدمير القطاعات الانتاجية وتسييد الريع والسمسرة والتحويلات والاعتماد على المساعدات الخارجية والقروض والمديونية.. وشيئا فشيئا يفرض الاقتصاد المركزي على الاقتصاد التابع والضعيف شروط السيطرة والتحكم الشاملة بالسوق والاسعار والسياسات والانظمة المالية والمصرفية وبالقوانين وبالأطر والاجراءات والعلاقات اليومية وبمجريات الحياة الاقتصادية والموازنات والاغلفة الجمركية وغيرها.. ويصبح حال السلطة الفلسطينية كحال من يضع يده في جيب الاخر ولا يستطيع الحركة الا بما يمليه ويشترطه عليه هذا الاخر الاحتلال.
كما تاثر الاقتصاد الفلسطيني سلبا بفشل وبعقم السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات المتعاقبة في التنمية والتشغيل، وفي السياسات العمالية والنقابية. مما فاقم الأزمات والمآزق الاقتصادية وعكس أثارها الاجتماعية على المجتمع كله في المدن وفي المخيمات والارياف.
اليوم يعيش عمال فلسطين حياة الفقر والبطالة والعوز، ويتعرض الصمود الوطني للتراجع ولمخاطر الانهيار.. والمشروع الوطني بثوابته في العودة والدولة والقدس الى الاهتزاز.. ويتوسع غول الاستيطان وتزداد العدوانية اليمينية المحتلة وتطبق اغلاقها للافاق السياسية للتسوية المتوازنة ولعملية السلام المغدورة الموعودة. ويفقد الكثيرون الامل بتحقيق الحلم الذي عاش وناضل من اجله.. حلم الحرية والانعتاق.. وتصر حكومة نتنياهو الاستعمارية اليمينية على استمرار قضم وهضم الارض وصلاحيات السلطة معا.. والضغط من اجل فرض الامر الواقع وصولا الى ما يسمى بالسلام الاقتصادي والدولة ذات الحدود المؤقتة في الضفة لتتحول الى دائمة وكذا قذف قطاع غزه نحو مصر.
لقد تداخلت العوامل السياسية الغاية في الصعوبه مع العوامل الاقتصادية الاجتماعية.. لتنتج مازقا مركبا يتطلب جهدا استثنائيا وبرنامجا وطنيا موحدا. تلعب فيه الحركة الجماهيرية الناهضة والناشطة دورا حيويا ومحوريا يمكن من الصمود اولا وتوسيع وتعزيز المقاومة الشعبية بمحاورها المختلفة في مواجهة الاستيطان والجدار وتهويد القدس والدفاع عن الاسرى وحماية البرنامج الوطني والثوابت وتواصل الهجوم السياسي والدبلوماسي الذي بدا لكسب تأييد المجتمع الدولي والتقدم الى عضوية مؤسسات الامم المتحدة والوكالات الدولية المختلفة بعد نيل فلسطين عضوية الدولة غير عضو في الامم المتحده ثانيا.
هذه الحركة الجماهيرية ومن اجل الحفاظ على حيويتها وزخمها وثبات بوصلتها ونقاء انتمائها واهدافها فلا بد ان تلعب الحركة العمالية الواحده الموحده ومن خلال نقاباتها واطرها وكتلها النقابية واتحاداتها المختلفة... ومن خلال علاقاتها ونفوذها مع نظرائها اقليميا ودوليا ومن خلال عضويتها موحدة او متعدده مع الاطر والهياكل العمالية الاقليمية كالاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب واعضاءه ومكوناته القطاعية والمهنية.. ومع الاتحادات الاقليمية والدولية كالاتحاد العام لعموم الصين والمنظمة النقابية الافريقية والكوساتو الجنوب افريقي واتحاد النقابات العالي الطبقي بامتياز. لا بد ان يتوفر للحركة الجماهيرية وقلبها النابض القوي.. الحركة العمالية الموحدة عاملي الوحدة الوطنية والبرنامج الواقعي.. والقيادة الصلبة والحازمة البعيدة عن اشكال التردد والاوهام وعن التطرف والمغامرة والتطير كشرط ومتطلب ضروري لانتصارها.
ويجدر بالحركة العمالية ان تستخلص الدروس والعبر من تجربتها الخاصه في العمل الوطني الفلسطيني. لا سيما ذلك الدور المجيد الذي لعبته في الانتفاضات الفلسطينية المتتالية وعلى راسها الانتفاضة الاولى الكبرى المجيدة نهاية الثمانينيات. وما قدمته النقابات في سبيل الحفاظ على القيادة الموحدة للانتفاضة وبرنامجها الواقعي والموحد.. اضافة الى الاف المعتقلين والجرحى وما الت اليه الحالة الفلسطينية بمجملها اليوم من ظروف وصعوبات. لا زالت الطبقة العاملة تعاني ازماتها وويلاتها الاقتصادية والاجتماعيه.. بعد ان تخلفت عن القيادة واستسلمت لقيادة الفئات الطفيلية من السماسرة وانتهازية الفئات الوسطى.
ان ما يعانيه العاملون بأجر، وما تعانيه فئات المرأة والشباب والمسنون والأطفال من التهميش ومس المكانة الاجتماعية ومن ضنك الحياة وافتقاد شروطها الكريمة في الصحة والتعليم والسكن وفي الحريات والمواطنة والمشاركة والحقوق الأساسية للفرد وللجماعة يكاد يصل الى حدود قياسية من السلبية والعناء. فالتنافس الشديد على فرصة عمل وتدني الأجور وضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار وغياب الرقابة وافتقاد الدعم الحكومي وغياب وضعف التفتيش الصناعي وبيروقراطية الحوار الاجتماعي وشكليته وكما غياب الظروف والشروط والبيئه المناسبة للعمل وغياب التامينات والحمايه الاجتماعية والامن الوظيفي وعنف قمع الاحتلال وممارساته العنصرية، كل ذلك يدفع بالحركة العمالية نحو خيارات مفتوحه اماالاحباط والاستسلام والخروج من دائرة التاثير والفاعلية او خيارت الصدام والتطرف والمغامرة وما كان يعرف تاريخيا بالطفولية وتدمير الآلات والتطرف والعنف.
لقد لعبت النقابات والاتحادات العمالية الفلسطينية على امتداد السنوات التي سبقت الانتفاضه الدور التاريخي الذي اوصل الحركه العمالية الى درجة عالية من التنظم والانتظام.. والى مستوى من التوسع والانتشار اجبر سلطات الاحتلال على تجريم وتحريم النقابات والاعلان عن حلها .واغلاق مقراتها والزج بالالاف من اعضائها وانصارها في السجون وعلى قوائم الابعاد.. وما الشهداء والمبعدين بالمئات والمعتقلين والجرحى بالالاف من العمال والنقابيين والقادة منهم الدليل على مستوى التأثير والفعل لهذه النقابات.. ومؤشر على القدرة الكفاحية لها من اجل انتزاع الحقوق الفردية والجماعية للعمال والدفاع عن مصالحهم وتامينها امام المشغلين وامام سلطات الاحتلال نفسه. كما ان النقابات الموحدة والقوية والمتسعة والمنتشرة والجماهيرية قادرة على ايجاد القوانين والتشريعات. وقادرة على تطوير وتغيير الموجود منها .وبما يتوافق مع الحقوق والمصالح العمالية ويتلائم مع المعايير والمتطلبات الدولية للعمل اللائق ولشروط وظروف وبيئة العمل الملائمة.
ان الواقع الراهن وما تعانيه الحركة العمالية اليوم وهي على ابواب العيد العالمي للعمال. يتطلب من الحريصين على القضية والغيورين على الوطن. ومن القيادة الفلسطينية وعلى راسها السيد الرئيس ابو مازن. ومن قيادة منظمة التحرير عموما وحركة فتح بشكل خاص "حيث يشغل نقابيوهاالعمال في الضفة وحدها اربعة اتحادات عمالية متعارضه ومتوازيه ومتشرذمه وضعيفة في التمثيل وفي العدد..وتعمل بلا اي تعاون او اي تنسيق.. لا بل بعلاقات علنية في سلبيتها وتصل حتى العدائية احيانا وعلى شاشات الفضائيات او بالعنف كما وقع في اريحا مؤخرا من قبل بعض الرعاع.. مما الحق ويلحق بالوضع الفلسطيني والعمالي الكثير من الاضرار والضعف وسوء السمعة وافتقاد ثقة الشارع وعلى الاصعدة الوطنية والاقليمية والدولية كافة.. يتطلب التوجه الفوري للوحدة الفورية في لجنة تحضيرية لمؤتمر منتخب تنجز اعمالها في سبة شهور ولمرحلة انتقالية معرفة ومحدده.. او التوجه الى مؤتمر توحيدي يضم الهيئات والاطر العمالية المنتخبة والمعلنة اعلاميا على مدى السنة الماضية ولمرحلة انتقالية ايضا.
ان سلوك البعض من النقابات العماليه الفلسطينية في الضفه ضد الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب والتحريض بل العمل الرسمي المعلن والمدفوع الاجر لشقه ولتخريب وحدته.. والتفاخر بعنجهية وغباء بتشكيل اتحاد عربي جديد للنقابات والاتحادات الهامشية العربية.. وبعضها الموازية في بلدانها وغالبيتها المحايدة في امور الصراع الفلسطيني والعربي الاسرائيلي او السلبية تجاه دعم واسناد نضالنا.. والمعادية لمقاطعة اسرائيل وفرض العقوبات عليها B.D.S .. والاكثر هم من المشجعين والناشطين من اجل التطبيع مع الاحتلال.. وهم من المنظمات التي لا تشارك في اليوم الدولي لفلسطين الذي ينظم على هامش المؤتمر الدولي للعمل في جنيف وفي حزيران من كل عام.. ويحصل العمل ضد العمال العرب واتحادهم من قبل البعض الفلسطيني لاسباب ومصالح خاصه وخارجيه وتتعارض مع المصالح الوطنية والقومية الفلسطينية والعربيه.. وعدا عن ان هذا السلوك يشكل ذريعة ومبررا لهم لممارسة العداء لشعبنا وبث الكره ضده.. فانه يلحق ضررا كبيرا باتحادنا الام: الاتحاد العام لعمال فلسطين الذي لعب ولا زال يلعب الدور القيادي والمركزي في الدفاع عن وحدة الحركه العمالية العربية وتعبيرها الاتحاد الدولي لنقابات العمل العرب واطاره الثلاثي منظمة العمل العربية ومرجعيتهما الجامعه العربيه.. ويمارس اتحادنا هذا بقناعة وطنية وبانتماء قومي وبافاق نضالية عالميه تتعلق بحجم ومستوى التاييد الدولي لشعبنا ولعمالنا وتعبيره العضوية في اتحاد النقابات العالمي W.F.T.U الناشط والفاعل في تاييد ودعم حقوق شعبنا والمناهض للعولمة المتوحشة وللراسمالية وللتحالف الامريكي الاسرائيلي وللاحتلال البغيض.
الوحدة العمالية لا عقبات ولا صعوبات موضوعية امامها.. لماذا؟؟ لان العمال موحدون بطبعهم وظروفهم وانماط عملهم وعيشهم .. موحدون بمصالحهم وبهمومهم.. فما اسهل ان يتوحدوا في منظماتهم النقابية والاجتماعية.. العقبات امام الوحدة ليست موضوعيه ويجب تجاوزها من قبل المعنيين فيها وفورا وبلا اي تأخير.
هذا هو طريق حل معضلات الازمة السياسية التي عمقها الاحتلال والتي تداخلت مع انعكاسات اقتصادية واجتماعية تمثلت باجراءات وتدابير وممارسات احتلاليه اسرت الاقتصاد الفلسطيني وعمقت تبعيته وتقييده وفق المصالح الاحتلاليه وخلقت البطالة والفقر والعوز على المجتمع الفلسطيني باسره.. طريق الوحدة العمالية ووحدة النقابات وتمكينها لنضال من اجل كنس الاحتلال واعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني المستقل وتحقيق النمو وانجاح التنمية وتحقيق مبدا التكامل الفعلي بين السياسات الاقتصادية والسياسات الاجتماعية.. فاهداف التنمية الاجتماعية تحتاج الى النمو الاقتصادي.. والنمو الاقتصادي يصبح بلا مغزى اذا لم يرتق بمستوى حياة الانسان الجمعي والفردي وفي مختلف مجالات الحياة في السكن وفي الغذاء وفي الصحة وفي التعليم والرفاه العام.. هذا هو الدور الحضاري الاقتصادي التنموي الاجتماعي والقانوني الراهن للحركه العمالية ونقاباتها الموحدة والمستقلة والمنتخبة ديمقراطيا والتي تسعى لتوحيد نضال الملايين عبر العالم من اجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الانسان وضد معضلة الفقر والبطالة.
ان غياب نقابات عمالية فاعلة وقوية، وموحدة ديمقراطية في علاقتها مع جمهور العمال وتحوز على قوة التمثيل والاستقلالية وتعمل على تنفيذ برنامجها المستمد من همومهم ومشكلاتهم المعاشية واليومية يزيد الحالة العامة سوءاً. ويلحق اضرارا جمه بالاقتصاد وبالمجتمع وبالقضية الوطنية على حد سواء لا سيما وأن منظمات اصحاب العمل الشريك الرئيسي في الحوار الاجتماعي الثلاثي لهم مشكلاتهم ومصالحهم الاجتماعية. لا بل يقفون احيانا صفاً موحداً في مواجهة السياسات المالية والاقتصادية للحكومة، كما جرى في رفض الضريبة التصاعدية على الدخل وتعديل السياسات الضريبية او ضد العاملين ومطالبهم المشروعة كما جرى من قرار الحد الادنى للاجور وغيرها.
الأول من أيار/ عيد العمال العالمي وعيد العمال الفلسطينيين، عيد النضال العادل والمشروع من أجل مصالحهم وحقوقهم.. عيد الكفاح من اجل انتزاع الحق في الحياة الكريمة وفي العمل اللائق وفي الصحة والتعليم والرفاه لهم ولأبنائهم.. عيد النضال ضد التمييز ومن اجل الاجر المتساوي للعمل المتساوي وضد العمل السخرة وعمالة الاطفال.
الاول من ايار عيد النضال العمالي الوطني ضد الاحتلال وممارساته القمعية في القتل والاعتقال ومنع التنقل وضد التمييز القومي والديني والعمل الأسود، ومناسبة للكفاح من أجل الحقوق والحريات النقابية الأساسية في التنظيم النقابي وفي المفاوضات الجماعية، ومن أجل حوار اجتماعي وسياسات عمالية تسهم فعلاً و قولاً في الحد من مشكلات البطالة والفقر وتدني الأجور والغلاء الفاحش ومن أجل الضمان الاجتماعي الشامل وتأمين الصحة والسلامة المهنية وتطبيق قانون العمل وتطوير التشريعات والقوانين.
لقد انتظر العامل الفلسطيني قرار الحكومة حول السياسات المالية القائمة على التقشف وحماية المال العام من الفساد والهدر وإقرار الضريبة التصاعدية على الدخل. كما انتظر تحسين ظروف وشروط وبيئة العمل، وانتظر تحسين سبل وأساليب التدخل والرقابة على الأسعار، وجودة ومواصفات المنتج الفلسطيني والرقابة على الاستيراد. لقد حصد العامل الرياح بفعل ضغط وتعنت أصحاب العمل وضعف إرادة الحكومة وانحيازها إلى أصولها وموقعها الطبقي والاجتماعي.
أيار العمال مناسبه للكفاح من أجل الخلاص والانعتاق من نير الاحتلال البغيض، والوحدة النقابية والوطنية، والتمرد على استمرار تحويل العمال ونقاباتهم إلى واجهات شكلية لا تمثيل ولا دور عمالي لها. إن مصالح العمال وحقوقهم لن تصان ولن تتحقق إلا بنضال نقابات عمالية جماهيرية قوية، موحدة ومستقلة، تقودهم وتكسبهم الوعي والتجربه ..تدافع عن مصالحهم وتنتزع حقوقهم.
ايار العمال عهد التمسك بالثوابت وبالحقوق الوطنية في العودة والاستقلال والدولة بعاصمتها القدس، عيد لوحدة الحركة العمالية داخل الوطن في القدس والضفة وغزة، اتحاد موحد ديمقراطي ومنتخب من أدنى إلى أعلى ووفق قاعدة التمثيل النسبي الكامل.. عيد رفض التهميش والتغييب المتعمد عمالياً والمعتمد رسمياً تجاه عمالنا وأبناء شعبنا ومنظماته الشعبية ونقاباته العمالية والمهنية في بلدان ومخيمات المهاجر والشتات.
وعمال فلسطين اليوم كجزء من عمال العرب والعالم وشعوبه المضطهدة والفقيره يجدون مصلحتهم الوطنية والاجتماعيه في وحدتهم وراءالشعارالكفاحي الاممي العظيم :
يا عمال العالم وشعوبه المضطهده اتحدوا
الاتحاد العام لعمال فلسطين
رام الله