مصر تدخل الجمهورية الثالثة باحتفالات شعبية ودعم عربي
2014-06-09
أنجزت مصر أمس أهم مراحل خريطة الطريق بتنصيب الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي وسط احتفالات شعبية عمت المحافظات، بأدائه اليمين الدستورية، وفق إجراءات دقيقة لم تشهدها مصر من قبل، وفي حضور عربي رفيع المستوى، وتمثيل دولي متفاوت. وأظهرت قدرة أجهزة الأمن على تأمين الاحتفالات الشعبية والرسمية والوفود الأجنبية، أفول نجم جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائها، الذين لم تتجاوز مواقفهم حيز مواقع التواصل الاجتماعي.
وعقد السيسي، عقب تنصيبه، اجتماعات ثنائية مع كبار ضيوفه في مقدمهم نائب الملك ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، وولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والذين شددوا على دعم مصر.
وكان الأمير سلمان بن عبد العزيز أكد في تصريحات لدى وصوله إلى القاهرة أمس أن السعودية «ستظل حكومة وشعباً أخاً وفياً تقف جنباً إلى جنب مع مصر الشقيقة في الشدة والرخاء»، معرباً عن الأمل في أن يكون انتخاب السيسي رئيساً لمصر «إيذاناً بدخول مصر في عهد جديد يحقق لشعب مصر تطلعاته التي يصبو إليها».
وقال الأمير سلمان: «هذه المناسبة تمثل نقطة تحوّل عظيمة لمصر نحو الأمن والاستقرار والسير في طريق التنمية المستدامة، إنه يوم فاصل بين مرحلتين، بين الفوضى والاستقرار، ولا تبني الأمة مستقبلها ولا تقيم عزتها دون استقرار».
وأقيمت مراسم الاحتفال بتنصيب السيسي على ثلاث مستويات: بدأت في الصباح بأدائه اليمن القانونية، أمام قضاة المحكمة الدستورية العليا، قبل أن يدشن ولايته التي تستمر لأربع سنوات، من قصر الاتحادية الرئاسي، متعهداً العمل على «استعادة دور مصر داخلياً وإقليماً ودولياً»، قبل أن يتسلم مهام منصبه من سلفه المستشار عدلي منصور. ووقّع الاثنان على وثيقة نقل السلطة في سابقة في التاريخ المصري. واختتمت المراسم باحتفالية كبيرة ومبهرة أقيمت في قصر القبة الرئاسي وحضرها ما يقرب من ألف شخصية عامة وكبار أركان الدولة المصرية ونخب سياسية وكبار الفنانين والكتاب والمثقفين والإعلاميين، ورؤساء الهيئات والنقابات المهنية، ووزراء سابقين، والسفراء المعتمدين في القاهرة، حيث جلس الجميع في ساحة أكبر القصور الرئاسية في مصر.
ووصل السيسي بموكبه قبل الساعة الثامنة مساء، قبل أن يصعد سلم القصر ويحيي ضيوفه من شرفته ويدخل لتفقد جنبات القصر، والتقى رئيس الحكومة إبراهيم محلب ورئيس «لجنة الخمسين» عمرو موسى وشيخ الأزهر أحمد الطيب وبطريرك الأقباط البابا تواضروس الثاني. وكان لافتاً وجود رئيس المجلس العسكري السابق المشير حسين طنطاوي الذي التف حوله كبار جنرالات الجيش لتحيته، ونزلت حرم الرئيس السيسي وبجوارها السيدة جيهان السادات زوجة الرئيس الراحل أنور السادات، قبل أن يخرج السيسي مجدداً في صحبة سلفه المستشار عدلي منصور، وينزلان معاً عبر درجات السلم إلى الساحة الرئيسية حيث جلسا على المنصة معاً وعزف السلام الجمهوري وتلى آيات من القرآن الكريم، قبل أن يلقي كلمة مطولة حدد فيها ملامح رؤيته لإدارة شؤون البلاد.
وكانت أجريت مراسم تسليم وتسلم السلطة الى السيسي من سلفه المستشار عدلي منصور ظهرا في قصر الاتحادية الرئاسي. وكان لافتاً الحضور الواسع من قبل قادة عرب ورؤساء دول ووفود دولية، في مقدمهم أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، وملك الأردن الملك عبد الله، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، إضافة إلى رئيس البرلمان الجزائري محمد العربي ولد خليفة، ممثلاً للرئيس بوتفليقة، ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري ورئيس مجلس الدوما (النواب) سيرغي ناريشكين. وعقب تحيته لضيوف مصر، دخل السيسي وسلفه منصور إلى القصر الرئاسي، وتبادلا إلقاء الكلمات.
وقال السيسي إن رئاسة مصر «شرف عظيم ومسؤولية كبيرة يتشرف بها»، معرباً عن أمله في أن «تشهد مرحلة البناء المقبلة نهوضاً شاملاً على المستوى الداخلي والخارجي»، متعهداً استعادة دور مصر «الإقليمي والدولي.. يتواكب مع بناء الداخل». كما تعهد بأن تشهد المرحلة المقبلة نهوضاً شاملاً في كل المجالات، وقال «اعتزم أن تشهد مرحلة البناء المقبلة نهوضا شاملاً على المستوى الداخلي والخارجي. سنأسس دولة قوية محقة عادلة سالمة آمنة مزدهرة تنعم بالرخاء تأمن بالعلم والعمل»، ووعد بأن «خيرات مصر يجب أن تكون من أبنائها وإلي أبنائها». وشدد على أن مصر الجديدة «ستضطلع برسالتها التي حرصت عليها وهي الإسهام المباشر في تحقيق استقرار المنطقة». وأضاف أن «مصر ستظل «مقر الإسلام الوسطي الذي يرفض الإرهاب والعنف مهما كانت الدوافع».
وخاطب السيسي وفود الدول التي حضرت مراسم تسليم السلطة، داعياً إياهم إلى «تعزيز علاقة مصر مع دولكم لنعمل معا ونأمن لشعوبنا مستقبلاً أفضل ونترك إرثاً من التعاون»، معتبراً إن هذه اللحظة «تاريخية فريدة وفارقة في تاريخ هذا الوطن.. فلم يشهد وطننا تسليماً سلمياً ديموقراطياً للسلطة في مناسبة غير مسبوقة وتقليد غير معهود وبداية حقبة جديدة في تاريخ وطننا لنجتاز المخاطر ونتغلب على الصعاب». وأختتمت مراسم تسليم السلطة التي جرت، في قصر الاتحادية (شرق القاهرة)، بتوقع منصور والسيسي علي وثيقة تسلم السلطة للمرة الأولى في تاريخ مصر، حيث يجري تسليم السلطة بين رئيسين للجمهوري.