:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/4615

معركة وطنية.. أم مناورة دبلوماسية فاشلة؟-نعيم الأشهب

2015-01-04

من غير المعقول أن القيادة الرسمية الفلسطينية لم تكن على علم بعدد الأصوات الثمانية فقط المؤيدة لمشروع القرار الذي قدمته الى مجلس الأمن حول إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراض الفلسطينية، قبل التصويت عليه . أما لماذا هرولت متسرعة بشكل مفتعل ومكشوف لإجراء التصويت، قبل ساعات من استبدال عدد من الأعضاء غير الدائمين في المجلس بأخرى لصالحنا، ما يضمن، على الأقل، الصوت التاسع المطلوب لنجاحه، فليس لذلك من تفسير إلاّ التبرع المجاني لنجدة الولايات المتحدة وتجنيبها الحرج باستعمال الفيتو.
ومعلوم أن هذه القيادة قبلت بالتوجّه الى مجلس الأمن تحت ضغط شعبي متصاعد لإتخاذ إجراءات فعلية ضد الإحتلال الذي يصعّد جرائمه ضد شعبنا وأرضنا دون توقف. لكنها وبعد طول تلكؤ في الإقدام على هذه الخطوة، تقدّمت بمشروع قرار يستجيب للضغوط الأميركية - الإسرائيلية أكثر مما يعبّر عن موقف الإجماع الوطني الفلسطيني، بدليل أن جميع القوى الوطنية، بما فيها صوت فتح الحقيقي الذي جاء على لسان مروان البرغوثي من سجنه رفضت بحزم تلك الصيغة الهزيلة التي تهبط بالحقوق الأساسية الفلسطينية دون قرارات الشرعية الدولية في قضايا مفصلية كالقدس واللاجئين والحدود.
ورغم أن قرار مجلس الأمن، في هذا الشأن، يضمن العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، لكنه لا يضمن تصفية الإحتلال عن الأراضي الفلسطينية طالما أنه ليس مدعوما بالبند السابع الذي يلزم هذا المجلس بالعمل على تنفيذه؛ لكننا ساهمنا عن وعي على إهدار هذا الإنجاز السياسي الهام الذي يحرج المحتلين وسندهم الأميركيين ويعزز عزلتهم الدولية؛ ربما رهانا على جولات جديدة من المفاوضات العبثية بالإشراف الأميركي المنفرد.
لكن هذا الفشل للقيادة الفلسطينية ودبلوماسيتها لن يفت في عزيمة الشعب الفلسطيني ويوقف مظاهر التصعيد المتنوّع الأشكال في صراعه مع الإحتلال من جانب، ومن الجانب الآخر تشديد مطالبته وضغطه على هذه القيادة لإتخاذ خطوات فعلية ردا على جرائم الإحتلال من الجهة الأخرى، وفي مقدمتها استعادة الوحدة الوطنية على أسس راسخة وليس كإجراء تكتيكي، ووقف التنسيق الأمني المشين والتوجه بلا تردد للإنتساب الى بقية مؤسسات الأمم المتحدة وفي مقدمتها محكمة الجنايات الدولية لجلب المحتلين الإسرائيليين للمساءلة والعقاب على جرائمهم ضد شعبنا، وقبل كل شيء، التخلي عن الوهم القاتل بالرهان على تحقيق أي إنجاز حقيقي للقضية الوطنية الفلسطينية عبر التحالف الأميركي - الإسرائيلي .
ومن المؤسف والمحزن معا أن القيادة الرسمية الفلسطينية لا ترى الهزائم التي تلحق بالسياسة الأميركية، في المنطقة والعالم، والإرباك الذي راح يميّز هذه السياسة وتقلباتها، في المواقف والقرارات ؛ كما لا ترى حالة التفسخ في الطبقة السياسية الإسرائيلية وتزايد عزلة اسرائيل دوليا وافتضاح جرائمها ضد شعبن ؛ وبالمقدار نفسه، لا تقيّم هذه القيادة بالشكل السليم الإنعطاف المتزايد على النطاق الدولي في فهم عدالة القضية الفلسطينية وتأييدها.