أم رأفت العيساوي: المرأة التي لم يُرهقها 30 عاماً من الاستهداف والألم
2015-03-08
وراء سنوات عمرها التي تعدت الـ 60 ألاف الحكايات والبطولات... قدرها لم يجعلها امرأة عادية، فهي أم الأسرى والشهيد والأسيرة...التي وطوال 30 عاماً ويزيد لا تزال تدفع ثمن تربية أبنائها الخمسة وشقيقتهم إن الوطن أغلى ما نملك وإن القدس "حبه عيونهم".
هكذا هي أم رأفت "ليلى العيساوي"، أم الأسرى الثلاثة والأسيرة الرابعة والشهيد الخامس... واثنين آخرين يحملون في سيرتهم العمرية سنوات عمر تمتد لنصفها...تحكي وتختتم بـ "لن ننكسر وفي القدس صامدون".
وبدأت قصة أم رأفت مع الاعتقالات والاحتلال منذ العام 1986 بعد اعتقال ابنها البكر رأفت، لم يكن يبلغ من العمر بعد 16 عاماً، قالت أنها شعرت بأنها أكبر مصائبها في وقتها، وابنها الفتى في المعتقلات بعيداً عنها.. ولكنها اليوم تراها أهون ما حصل معها.. فبعدها اعتقل رأفت وبعده مدحت وبعده شادي وفراس واستشهد فادي واعتقلت شيرين كأنه "عُقداً وحُل" واحداً وراء الآخر كانت له حكايته.
العيساوي.. 30 عاماً وهي تتابع أبناءها الأربعة " شادي ورأفت وفراس ومدحت" وابنتها الوحيدة " شيرين" من سجن لسجن، وفادي أيضا قبل استشهاده... فعائلتها لم تجتمع على مائدة واحدة منذ العام 1986 كما قالت وهو العام الذي أُعتقل فيه ابنها البكر رأفت وشقيقه الأصغر مدحت.
وكان أشد مراحل حياتها صعوبة حينما استشهد فادي، والذي ارتقى في مجزرة الحرم الإبراهيمي في العام 1994، وتلاها اعتقالات أبنائها التي لم تنتهي حتى اليوم.
في العام 2010..ومع تنفيذ صفقة تبادل الأسرى مع الجندي المختطف لدى المقاومة في حينه جلعاد شاليط، كانت فرحتها الكبرى حينما أُفرج عن ابنها سامر "الرابع في ترتيب عائلتها، من اعتقال كان ليمتد 20 عاماً أخرى بعد قضائه عشرة في سجون الاحتلال.
في اتصال معها يومها قالت إن فرحتها لا يسعها شيء، فها هي عائلتها تلتئم بعد 24 عاماً، وحتى وإن غاب فادي شهيداً، يومئذ قالت إنها ستصنع طعاماً لكل الحي ليشاركوها فرحتها التي حرمت منها طويلاً " أبنائها الخمسة" وشقيقتهم وهي وزوجها على مائدة واحدة.
لم يستمر الأمر طويلاً.. فبعد سنة وأشهر قليلة عادت سلطات الاحتلال لاعتقال سامر الذي دخل بأطول إضراب عن الطعام عرفته السجون، وكانت هي بطلة الحكاية أيضاً.
ظهرت أم رأفت العيساوي، في كل مكان تناشد وتتضامن وتدعم ابنها الأسير المضرب..
وعادت من جديد تُلاحق اعتقال أبنائها الآخرين هنا وهناك، ومضايقات سلطات الاحتلال لهم في البيت كل حين، ومع كل مداهمة للمنزل كان يؤشر إليها من قبل ضباط الاحتلال بأن تربيتها لهم هو سبب ملاحقتهم.
كانت أم رأفت تفتخر بهذا القول، ومن قلب المحكمة والمداهمة تردد " كل أولادي فدى القدس" لم تضعف عزيمتها أبداً، وحتى وسامر يمر بأصعب مراحل إضرابه ووصوله إلى وضع خطير للغاية.
ومن جديد انتصر "تربيه أمه" على السجان وخرج سامر منتصراً وخرجت المرأة لتنفض عن ظهرها كل حزنها وتقف لتطلق " زغرودة انتصار" هزت القدس كلها.
واليوم من جديد يقبع في سجون الاحتلال ثلاثة من أبنائها، والاثنان الباقيان مطاردان للشرطة، فمنذُ عشرة أشهر اعتقل كل من شيرين ومدحت، ثم أُعيد اعتقال سامر والذي أعادت سلطات الاحتلال حكمه القديم " 20 عاماً" من جديد.
وتعتقد أم رأفت، كما العائلة كلها، أن الاعتقالات المتتالية لأبنائها ليست صدفة، وإنما حملة ممنهجة من سلطات الاحتلال في سبيل تهجيرهم عن بلدتهم المقدسية، وقالت:" عرضوا على أبنائي مراراً الإبعاد إلى الضفة مقابل الإفراج عنهم ولكنهم رفضوا، وهاهم يدفعوا ثمن صمودهم في المدينة".
وعلى غير عادتها بدا على صوتها التعب الشديد، قالت أصبت بنزيف بعيني بعد ارتفاع السكر لدي بعد اعتقال سامر، وأخذت تردد دعاء أن تراهم من جديد الخمسة قريباً في بيتها، منتصرين على سجانيهم، ولن تيأس.