:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/500

المتحف الفلسطيني .. حلم يتحول إلى حقيقة / عمر القطان*

2013-04-30

شهد الأسبوع الماضي وضع الحجر الأساس لمشروع عاش فينا طويلاً فكرةً وطموحًا، بدأ يتجسد الآن واقعًا وعملاً. ومثل كل أحلام الشعب الفلسطيني، يتحول المتحف الفلسطيني اليوم إلى حقيقة، تقف خلفها واحدة من أهم المؤسسات الوطنية التنموية التي ساهمت في تطوير المجتمع وبنائه، وهي مؤسسة "التعاون"، التي يدرك الجميع مدى تأثيرها وأثرها خلال الثلاثين عامًا الماضية في تمتين الأسس والبنية التحتية الإنسانية لمجتمع عانى الكثير في سبيل تحقيق حريته، والتأكيد على حقه في الحياة الكريمة.
لقد تم إنشاء المتحف الفلسطيني بهدف تشجيع وخلق فكر مختلف عن فلسطين وشعبها، ولربط الفلسطينيين واحتضانهم أينما كانوا.
ونأمل أن يوفر المتحف مساحة غنية بالمعلومات عن فلسطين والفلسطينيين، وأن يحتضن حوارًاً مستمرًّا حول أهم القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني. وفي الوقت نفسه، فإن المتحف ليس موجهًا للفلسطينيين فحسب، فنحن نريد له أن يكون مساحة تحتضن الجمهور الأوسع من أنحاء العالم كافة، من خلال انفتاحه على كل ما هو جديد ومبدع.
سيكون المتحف أكثر من مجرد بناء تقليدي يضم معروضات ومقتنيات، على الرغم من أهميتها ومدى الحاجة إليها، فنحن ننظر إليه باعتباره مؤسسة عابرة للحدود السياسية والجغرافية، لا تكتفي بالحفاظ على التراث وتأكيد الهوية الفلسطينية، وإنما تسعى إلى النهوض بالثقافة الفلسطينية، والعمل على تفعيل حراك فكري وفني مفتوح للجميع.
ومن خلال المتحف، نسعى إلى أن نتواصل مع الفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة، سواء في فلسطين، أو في الداخل، أو في الشتات. فمشاريع المتحف وبرامجه ومعارضه لن تبقى حبيسة الجدران، وإنما ستصل إلى الفلسطينيين أينما كانوا من خلال بناء شبكة فعالة من الشراكات مع المؤسسات والمراكز الثقافية في فلسطين وفي العالم، لتشكل مع شبكته الرقمية فضاءً لإبداعات وابتكارات المفكرين والباحثين والفنانين، وتسعى إلى تقوية الروابط بين الفلسطينيين وتعزيز ارتباطهم بأرضهم التاريخية.
هذا يعني أن برامج المتحف ومعارضه وعملياته الحيوية ستصل إلى حيث نريد، من خلال شبكة الشراكات التي تشكل امتدادًا له. وبهذا نضمن أن يكون لفلسطينيي الشتات مؤسسة وطنية تحتويهم وتتيح لهم المشاركة، وتكون المتنفس والرابط بالوطن الأم. وفي الوقت نفسه، يكون المتحف جزءًا من التوجه الثقافي المعاصر، وواحدة من المؤسسات التي تشارك في عملية التأثر والتأثير في المجريات الثقافية العربية والعالمية.
إلا أننا لن نكتفي بهذا، بل سنعمل على إنشاء شبكة رقمية متطورة وسهلة الوصول، تتيح لأي كان حول العالم أن يطلع على إنجازات المتحف ومشاريعه، وأن يتفاعل معه ويستفيد من برامجه من خلال العالم الافتراضي، وبهذه الطريقة يمكن للمتحف الفلسطيني أن يتواجد في أي مدينة حول العالم، وربما في كل بيت أيضًا.
إن هدف المتحف الأسمى هو أن يكون "صوتًا لكل الفلسطينيين"، فماذا عن فلسطينيي غزة والداخل، وماذا عن الملايين من الفلسطينيين الذين يتوزعون في الشتات؟ كيف يمكن لبناء يقع على أراضي بيرزيت، ويبعد مئات وآلاف الكيلومترات عن أقرب بقعة لتجمع الفلسطينيين خارج حدود الضفة الغربية، أن يكون لهم وفي خدمتهم؟ ومن هنا قررنا أنه إذا لم يكن بإمكان هؤلاء الوصول إلى المتحف الفلسطيني، فإن المتحف سيصل إليهم.
ومن خلال المتحف نسعى إلى أن نخلق شراكات بحثية مع الجامعات والمؤسسات التعليمية المختلفة في فلسطين وفي العالم، وأن نوفر فرصًاً للبحث المتواصل ولعرض التراث الإنساني، ولتقديم الجديد وخلق حوار بغرض التعليم والدراسة والترفيه. ونحن على يقين أن موقعنا هنا بالقرب من جامعة بيرزيت، سيساعد في تدعيم طموحاتنا البحثية، من خلال توفير فرص للطلبة للمشاركة، وأن يكونوا جزءًا من الجهود التي يبذلها المتحف في هذا الاتجاه.
نحن ندرك جيدًا حجم المهمة وأبعاد الطموح، ونعرف أن الكلام قد يكون أسهل بكثير من العمل، ولكننا في الوقت نفسه نعي جيدًا القوة الكامنة فينا، مؤسسة، وطاقمًا، وداعمين، ونعرف أن المحرك الأساسي لأي عمل جدير بالاحترام هو الإيمان والإصرار والثقة بأن كل الأحلام ممكنة، وبخاصة تلك التي تسعى إلى النهوض بالإنسان، ومنحه مساحات للتعبير والإبداع، وتضيف إلى حياته بعدًا وأملاً أكبر.
* رئيس فريق عمل المتحف الفلسطيني.