اسباب رفض باكستان المشاركة مع السعودية في الحرب على الحوثيين؟
2015-04-12
كتب طوني خوري: منذ الاثنين الفائت، وباكستان غارقة في نقاشات طويلة وحامية بين اعضاء البرلمان حول مشاركة اسلام اباد في عملية "عاصفة الحزم" التي اطلقتها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، قبل الخروج بقرار لافت قضى باعتماد الحياد وعدم المشاركة الفعلية في العمليات العسكرية.
المناقشات اخذت طابعاً جدياً لاكثر من سبب: الاول ان المعني بالموضوع هو السعودية التي تعتبر "الممول" الاساسي لباكستان في مختلف المشاريع وخصوصاً منها النووية، وهي كانت دائماً الى جانب هذا البلد عند الضيق لمؤازرته مالياً. كما انه في 29 آذار الفائت، انطلقت تدريبات عسكرية سعودية باكستانية سمّيت "الصمصام -5" بمشاركة قوات برية وخاصة في مركز الملك سلمان للحرب الجبلية بميدان شمرخ شمال منطقة الباحة قرب الحدود اليمنية.
السبب الثاني ان الحكومة الباكستانية كانت تسرعت اذ اعلنت مع بدء الغارات الجوية على الحوثيين في اليمن، استعدادها لارسال جنود من اجل مؤازرة السعودية في التحالف الذي كانت تعمل على انشائه(1). ولكن سرعان ما تصاعدت اصوات باكستانية منددة بهذا الموقف وداعية الى التزام الحياد.
السبب الثالث ان المشكلة هي مع ايران تحديداً، وهي الجار الذي لا تريد باكستان اغضابه حالياً، خصوصاً في ظل المناوشات التي تحصل على الحدود بين البلدين وكان آخرها واكثرها حديّة يوم الخميس الفائت(2).
اما اسباب عزوف باكستان عن المشاركة العسكرية في "عاصفة الحزم" فله ايضاً اسبابه ومنها:
- الاقتناع بالرسالة الايرانية التي حملها معه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الى اسلام اباد يوم الاربعاء الفائت من ان المواجهة العسكرية في اليمن ستحمل مشاكل خطيرة الى المنطقة بأجمعها، ولن يكون اي بلد بمنأى عنها.
وقد اثمرت الزيارة ان اتفق ظريف ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف على الحوار لمعالجة الازمة. ولكن لا شك ان باكستان كانت تدرك ان الاقلية الشيعية على اراضيها يمكن ان تتحرك بشكل سريع وتشكل خطراً على الوضع في البلد، على غرار ما حصل في دول الخليج، وهو امر لا ترغب فيه اسلام اباد.
كما ان الباكستانيين يعلمون جيداً ان المناوشات الحدودية مع ايران يمكن ان تتخذ مساراً تصاعدياً خطيراً ينبىء بمواجهات شرسة لا تصب في مصلحتهم خصوصاً في ظل الفورة السياسية الايرانية وتقبّل الغرب لها.
- قراءة سياسية واقعية تفيد بأن الاراضي السعودية لا تتعرض لخطر ايراني، وبالتالي لا موجب لباكستان للتدخل عسكرياً وفق التزام مسبق بحماية هذه الاراضي من اي اعتداء. اضافة الى ان اليمن بعيد نسبياً عن باكستان، فيما ايران اقرب بكثير واتصالاتها السياسية اخيراً مع سلطنة عمان وتركيا كفيلة بإبعاد اي ذريعة يمكن ان تعطى بتهديد ايران (الشيعية) لاهل السنّة، كما ان دولاً خليجية ومنها قطر غير متحمسة لاي مشكل مع ايران.
- لا تريد باكستان تفويت فرصة نادرة للحصول على الغاز من ايران، كما انها لا ترغب حتماً في اغضاب المارد الصيني حول هذا الموضوع. فقد بات الاتفاق الصيني-الباكستاني حاضرا لبناء بكين خط انابيب لنقل الغاز يكون بديلاً او مكملاً للانبوب الحالي بين اسلام اباد وطهران (انبوب السلام)، وتبلغ قيمة المشروع نحو 3 مليارات دولار.
وبالاضافة الى كل ما سبق، لا يمكن اغفال نقطة بالغة الاهمية، وهي ان باكستان برفضها التدخل العسكري والاتفاق مع ايران على الحل السلمي للازمة اليمنية، تكون قد قدّمت للسعودية باباً للخروج المشرّف مما اسماه البعض "المستنقع اليمني"، لان الرياض غير قادرة، وباعتراف الجميع، على الحسم العسكري في اليمن، كما ان اي حرب استنزاف (اي حرب طويلة الامد) لن تكون في صالحها، ولا يمكنها التراجع عما قامت به حتى الآن فهل تكون اسلام اباد بوابة المخرج السعودي من "مستنقع اليمن"؟
(1) بتاريخ 30/3/2015، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول حكومي باكستاني قوله: "لقد تعهدنا بتقديم دعم كامل النطاق للسعودية في عمليتها ضد المتمردين (الحوثيين)، وسننضم إلى التحالف العربي".
(2) بتاريخ 9/4/2015، نقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية عن قناة "دنيا نيوز" الباكستانية، أن القوات الإيرانية أطلقت ثلاث قذائف هاون على قرية "زعمران" بإقليم بلوشستان الباكستاني المحاذي للحدود مع إيران. وذلك بعد ساعات على استدعاء الخارجية الإيرانية القائم بأعمال السفارة الباكستانية في طهران، لتسليمه مذكرة احتجاج على مقتل ثمانية جنود من قوات حرس الحدود الإيرانية في منطقة "نغور" المحاذية لإقليم بلوشستان على يد مسلحين.
عن النشرة اللبنانية