:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/53330

من حي الشيخ جراح إلى قطاع غزة.. نبذة قانونية في التطورات الأخيرة

2021-05-17

في سياق تصعيد إعتداءاتها اليومية بحق الشعب الفلسطيني، وعلى وجه الخصوص في مدينة القدس المحتلة، أقدمت دولة الإحتلال الإسرائيلية منذ بداية شهر رمضان في 13 نيسان 2021، على تعطيل مكبرات الصوت في المسجد الأقصى بتعدٍ صارخ على حق الشعب الفلسطيني في ممارسة شعائره الدينية، ثم أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً يقضي بترحيل السكان الفلسطينيين من حي الشيخ جراح الواقع في القدس الشرقية، ومع إصرار الفلسطينيين على ممارسة شعائرهم الدينية المشروعة في القانون الدولي، بدأ المستوطنون الإسرائيليون بإنشاء مجموعات على "الواتس آب" تدعو لإقتحام المسجد الأقصى، كما أقدمت منظمات صهيونية متطرفة على حمل السلاح وإستهداف المصلين الفلسطينيين عند باب العامود في المسجد الأقصى، بعد ذلك تم مهاجمة الفلسطينيين أثناء الإفطار الرمضاني الذي نظمه شباب فلسطينيون تضامنا مع سكان الشيخ جراح من قبل المنظمات الصهيونية المتطرفة.

ومع نشوب أزمة الإنتخابات الفلسطينية، وتأجيلها بسبب منع دولة الإحتلال الإسرائيلية إجراء الإنتخابات الفلسطينية في القدس، إزدادت التوترات، رغم المحاولات التي أجراها الإتحاد الأوروبي، لكن دولة الإحتلال الإسرائيلية أصرت على موقفها، لبسط سيطرتها على كامل القدس، تطبيقا للإعتراف الأميركي بإعتبارها عاصمة موحدة لدولة الإحتلال الإسرائيلية، بخلاف القرارات الدولية والقانون الدولي.

لم تكتف دولة الإحتلال الإسرائيلية بذلك، بل زادت الوضع سوءً من خلال ممارسة الإعتقالات العشوائية بحق الشعب الفلسطيني، وتحديدا في حي الشيخ جراح، ولم يسلم من هذه الإعتقالات الأطفال والنساء والشيوخ، وقامت قوات الإحتلال الإسرائيلي بالإعتداء على المصلين الفلسطينيين في المسجد الأقصى، وذلك من خلال إلقاء القنابل داخل المسجد، وإستهداف المصلين بالرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إنفجار الغضب لدى الشباب الفلسطينيين، رفضا لسياسة دولة الإحتلال الإسرائيلية، كما أقدمت على إقتحام المسجد الأقصى من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلية، وإلقاء القنابل داخل المسجد، ما نتج عنه تدمير زجاج المسجد، ووقوع أضرار كبيرة وإصابات كبيرة بين المدنيين. وفي تصعيد خطير آخر، عمدت قوات الإحتلال الإسرائيلية على توفير الحماية إلى 30 ألف مستوطن لإقتحام المسجد الأقصى، مما أدى إلى إرتفاع الأعمال العنفية والإستفزازية التحريضية من قبل المستوطنين المتطرفين الإسرائيليين، وقتل الشرطة الإسرائيلية الأبرياء والأطفال، وإطلاق القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع على المدنيين، مما حول المسجد الأقصى ساحة حرب مفتوحة على مرأى من الإعلام العالمي.

ونتيجة لجميع الإنتهاكات الصهيونية والإعتداء الصارخ على المقدسات الإسلامية والمسيحية، والإمعان في الإعتداء على المدنيين الأبرياء، ومخالفة جميع الأعراف والقوانين الدولية، أصدرت غرفة العمليات المشتركة للفصائل الفلسطينية بيانا، حذرت من خلاله دولة الإحتلال الإسرائيلية بالإستمرار في هذه الأعمال الإجرامية بحق المدنيين الفلسطينيين، في حي الشيخ جراح، وباحات المسجد الأقصى، ومع إصرار دولة الإحتلال على رفع سقف المواجهات، وممارسة الضغوطات الأمنية على الفلسطينيين في القدس المحتلة، وضرب جميع التهديدات والتحذيرات الفلسطينية بعرض الحائط، أقدمت الفصائل الفلسطينية إلى إطلاق رشقات صاروخية على المستوطنات غير الشرعية الإسرائيلية، معلنة في بيان صدر عن غرفة العمليات المشتركة أن المقاومة الفلسطينية، وفي إطار حقها الطبيعي بالدفاع عن شعبها ومقدساته، لن تقف مكتوفة الأيدي، وهذا ما بادله الإحتلال الإسرائيلي بقصف المدنيين في غزة، مما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الشهداء المدنيين الفلسطينيين، من بينهم أطفال ونساء وشيوخ،، بالتزامن مع إستمرار الإعتداءات في القدس المحتلة، ومنع دخول الطواقم الطبية إلى المسجد الأقصى، لإنقاذ المدنيين المصابين بالجروح التي تسببت بها القوات الأمنية الإسرائيلية.

بالإضافة إلى جميع هذه الإنتهاكات، مارست دولة الإحتلال الإسرائيلية جريمة الحرب متعمدة، من خلال القصف بشكل مباشر على مستودعات الأدوية للهلال الأحمر الفلسطيني، وعلى المدارس التعليمية الحكومية والتابعة للأونروا، وقصف المباني السكنية والصحفية، ومجلس القضاء الأعلى الفلسطيني، كما قصفت البنى التحتية لقطاع غزة، وبالتحديد المياه، حيث بات 350 ألف نسمة في قطاع غزة يعانون من العطش، وقامت أيضا بإغلاق المعابر الحدودية، لعدم السماح إدخال المواد الطبية والغذائية للمدنيين في قطاع غزة.

لقد وفر القانون الدولي الإنساني حماية عامة وخاصة للأعيان المدنية، وردت في إتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والبرتوكوليين الإضافيين الأول والثاني لإتفاقيات جنيف عام 1977، وإتفاقية لاهاي المتعلقة بالأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح لعام 1954، حيث نصت المادة 25 من لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين الحرب البرية لعام 1907، على أن "تحظر مهاجمة أو قصف المدن والقرى والمساكن والمباني غير المحمية أيا كانت الوسيلة المستعملة"، وقد حددت إتفاقية جنيف الرابعة في المادة 147 الإنتهاكات الجسيمة للإتفاقية، والتي منها تدمير وإغتصاب الممتلكات دون مبرر يتعلق بالضرورة العسكرية، وتلزم المادة 146 منها الأطراف المتعاقدة، بإتخاذ اي إجراءات تشريعية تلزم فرض عقوبات جزائية فعالة على مرتكبي المخالفات الجسيمة، أو الذين يصدرون الأوامر لإقترافها، وتقديمهم للمحاكمة.

وقد أقر البروتوكول الإضافي الأول حماية خاصة لمجموعة من الأعيان كما نصت المادة 27 منه: " في حالات الحصار أو القصف يجب إتخاذ كافة التدابير اللازمة لتفادي الهجوم، قدر المستطاع، على الأماكن المخصصة للعبادة، والفنون والعلوم، والأعمال الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات، والأماكن التي يتواجد فيها المرضى والجرحى". أما فيما يخص الإعتداءات والقنابل التي إستهدفت المسجد الأقصى، فتنص المادة 16 من البروتوكول الإضافي الثاني على أنه " يحظر إرتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية، أو الأعمال الفنية، وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب، وإستخدامها في دعم المجهود الحربي".

تشير الحرب على غزة أن إعلان التحقيق من قبل المدعية العامة فاتو بنسودا فيما يتعلق بجرائم الحرب المرتكبة بعدوان غزة عام 2014، لم يشكل رادعا كافيا لدولة الإحتلال الإسرائيلية إلى الآن، بل مازالت ترتكب الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين لاسيما الأطفال، وأضافت اليوم على هذه الجرائم إستهداف المسجد الأقصى، من خلال إلقاء القنابل بداخله، من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلية، في ظل صمت دولي وعربي، أو إقتصار الردود بالإدانات والإستنكارات، دون اللجوء إلى إتخاذ تدابير يطبق من خلالها قرارات الشرعية الدولية، التي تنص على إقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران عام 1967، من هنا يجب تضمين هذه الإنتهاكات والجرائم في تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، دون أن يغفل عن ملفي الإستيطان والأسرى.

لقد منح القانون الدولي أجاز القانون الدولي نضال الشعوب بكافة الوسائل المتاحة في سبيل التحرر الوطني، وإنهاء الإحتلال عن أراضيه، وذلك في عدة قرارات إتخذتها الجمعية العامة للأمم المتحدة أهمها قرار 3034 الصادر عام 1972، والقرار 3246 الصادر عام 1974، ونشدد على عبارة "بكافة الوسائل"، والتي تشمل المقاومة الشعبية التي بدأها الشعب الفلسطيني بالقدس رفضا للممراسات الإسرائيلية الجائرة بحقه، وأيضا المقاومة المسلحة التي أطلقتها غرفة العمليات المشتركة الفلسطينية كسياسة إستراتيجية دفاعية، لما تعرض له أبناء القدس من مهاجمة شرسة، وإعتقالات عشوائية، وإلقاء القنابل داخل المسجد الأقصى...