مقاربة بين حركة المقاطعة في جنوب أفريقيا وحركة المقاطعة (BDS)
الجزء الأول
مقاربة بين حركة المقاطعة في جنوب أفريقيا وحركة المقاطعة (BDS)
كثير منا يتساءل لماذا نجحت المقاطعة في جنوب أفريقيا، ولم ترتق إلى الآن المقاطعة لدولة الإحتلال الإسرائيلية إلى المستوى اللازم في فلسطين، رغم تشابه العديد من النقاط بين القضيتين، فيما يخص جريمة الفصل العنصري (الأبارتهايد)، بل وبحسب تقرير مجلس حقوق الإنسان المعروف بتقرير "غولدستون" الذي كان قاضيا في محكمة العدل الدولية وهو من جنوب أفريقيا، أشار إلى أن نظام الأبارتهايد في فلسطين أخطر من نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا.
هناك العديد من التقارير الدولية التي أشارت إلى نظام الفصل العنصري في فلسطين الممارس من قبل دولة الإحتلال الإسرائيلية، وقد صدر مؤخرا في 27 نيسان 2021، تقرير "هيومن رايتس ووتش" الذي يؤكد على نظام الفصل العنصري، وأضاف جريمة الإضطهاد التي ترتقي أيضا إلى جريمة ضد الإنسانية بحسب المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
من الملفت أن مقاطعة إسرائيل تزامن مع مقاطعة حكومة جنوب أفريقيا، ولكن المقاطعة في جنوب أفريقيا نجحت بشكل أسرع من مقاطعة إسرائيل، للعديد من الأسباب، كون المقاطعة العربية لإسرائيل كانت من مبدأ الغاية، أما في جنوب أفريقيا، إنطلقت من مبدأ الوسيلة لإنهاء نظام الفصل العنصري، وهذا ما سيتم مناقشته من خلال عرض حالة المقاطعة في جنوب أفريقيا، ثم عرض حالة المقاطعة لإسرائيل، وكيف تطورت المقاطعة من غاية إلى وسيلة مستخدمة لإنهاء الإحتلال، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، بإعتبار أن جنوب أفريقيا كان يعاني جريمة الفصل العنصري فقط، أما في فلسطين، فهناك إحتلال إسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بالإضافة لإرتكاب إسرائيل مختلف أنواع الجرائم والمجازر بحق الشعب الفلسطيني، ناهيك عن جريمة الإضطهاد، والسيطرة على كل جوانب الحياة، من خلال التحكم بالإقتصاد الوطني الفلسطيني عبر المعابر الحدودية، وعدم الإعتراف بوجود الشعب الفلسطيني على أرضه، كذلك الإعتداءات الإجرامية المتواصلة على الأطفال.
إن إجراء أي تحقيق للمارسات الإسرائيلية القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ضروري للتأكد من مدى الأعمال غير الإنسانية المحددة في المادة 2 من إتفاقية الفصل العنصري لتوثيق حقوق الفلسطينيين في نطاق واسع من قبل منظمات حقوق الإنسان وهيئات المراقبة للأمم المتحدة المتاحة بسهولة ليس فقط على مستوى القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الانساني بل تصل إلى المنهجية المقصودة للفصل العنصري.