خربة سمارة.. موقع أثري ينهبه الاحتلال
2015-05-28
تعود خربة سمارة الأثرية للعهد الروماني، وتقع إلى الشرق من طولكرم وتحيط بها قرى وبلدات سفارين وكفر اللبد وبيت ليد.
معا وصلت إلى الموقع الأثري في خربة سمارة والذي يسيطر عليه الاحتلال بحجة وجود مستوطنة "عناب"، لنشاهد كيف نهب الاحتلال الآثار وحرم الفلسطينيين من التنقيب عنها والاحتفاظ بها في الموقع ليبقى شاهدا على حقبة تاريخية مرت بها المنطقة.
خربة عسكرية..يتحدث مدير السياحة والآثار في طولكرم مفيد صلاح لـ معا عن خربة سمارة وتاريخها وطبيعة استخدامها والشواهد الأثرية فيها، قائلا: "لا شك تعد خربة سمارة موقعا أثريا تاريخيا هاما؛ لما فيه من تنوع أثري يتعلق بالحصون والمغر والمقابر والساحات، وهو ضمن الامتداد الطبيعي لأراضي قرية كفر اللبد، فالموقع استخدم في العهد الروماني كمركز قتالي دفاعي للسيطرة على المنطقة".ويتابع صلاح حديثه حول خربة سمارة: "مساحة الخربة تقارب 30 دونما مشغولة ومستهلكة بالمباني والإنشاءات الأثرية، التي تعطي إيحاءات بطابعها العسكري، حيث كانت مركزا مهما للسيطرة على منطقة طولكرم والمدن المجاورة حتى منطقة قيسارية على الساحل الفلسطيني".ويشير صلاح إلى أن هناك أسماء عديدة حملتها خربة سمارة، منها: خلة الكنيسة ودير سرور وتل الشومر، فيما تداول الناس اسم خربة سمارة نسبة إلى عائلة سمارة الساكنين في قرية سفارين وطولكرم، وهم ملاك لأرض الخربة.ويؤكد مازن عبد اللطيف، المحاضر في قسم التاريخ والآثار في جامعة النجاح ل(معا)، أن موقع خربة سمارة يحتوي على عناصر المدينة متكاملة، من حيث المعابد والكنس والأعمدة والجدران، إضافة للقلعة التي تتوسط المدينة.ويستطرد المحاضر عبد اللطيف في حديثه، قائلا: "لا شك أن الخربة لعبت دورا هاما جدا في العصور الكلاسيكية وتحديدا في العصر الروماني والبيزنطي، كونها المنطقة تعد حامية عسكرية وصنع فيها الأسلحة".احتلال ينهب ويمنع..يؤكد مفيد صلاح لـ معا : "أن الاحتلال الإسرائيلي وضع سيطرته على خربة سمارة منذ احتلاله للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967, فمنذ ذلك الحين وأعمال النبش والتخريب لم تتوقف في الخربة المسيطر عليها إسرائيليا كونها تقع ضمن المناطق المصنفة بـ "ج".وينوه صلاح إلى أن الاحتلال سرق مؤخرا لوحة الفسيفساء في ساحة إحدى القلاع المقامة في خربة سمارة، بالإضافة لسرقته أعمدة وحجارة وآثار كلها تم نقلها إلى داخل إسرائيل.ويصر مدير السياحة والآثار بطولكرم على أن المستوطنين يستخدمون الخربة الأثرية كمسارات بيئية وسياحية، فيما يمنع الفلسطينيين من زيارة الموقع والاطلاع عليه والتجول فيه.ويتطرق صلاح إلى عمل دائرة الآثار الفلسطينية في الموقع قائلا: "بالحقيقة وبالرغم من أهمية خربة سمارة التاريخية والأثرية, إلا أن الاحتلال يمنعنا من إجراء الحفريات المنظمة والعلمية في الخربة، ففي عديد المرات تعرضنا لمضايقات من قوات الاحتلال ومستوطنيه أثناء عملنا في الخربة، كما أننا معرضون للاعتقال في حال ضبطنا داخل الخربة".ويشدد مدير السياحة والآثار صلاح على أن اعتداءات الاحتلال على الخربة ومنع عمل الجهات المختصة فيها, تفقدهم معلومات ذات أهمية، لتوثيقها والاستفادة منها علميا.خربة تهوّد..يتحدث مازن عبد اللطيف، المحاضر في قسم التاريخ والآثار في جامعة النجاح لـ معا، عن الحفريات التي شهدتها خربة سمارة، قائلا: "أجري في موقع الخربة حفريات قديمة، تعود لقبل احتلال فلسطين وتحديدا احتلال الضفة، نفذها خبراء آثار أجانب، إلا أنه ومنذ وضع الاحتلال يده على خربة سمارة، فإن إسرائيل هي من تصدرت إجراء الحفريات".ويؤكد المحاضر عبد اللطيف في حديثه ل(معا)، أن الاحتلال الإسرائيلي نبش آثار الخربة وسرق أعمدتها وأرضيات الفسيفساء ونقلها إلى المتاحف في إسرائيل، مضيفا: "كل هذا يأتي في إطار سعيه لتهويدها كباقي الخرب الأثرية والأماكن المقدسة، وهو أمر خطير كونه يحاول إلغاء حضارة وشواهد وجود الفلسطيني على هذه الأرض".ويرى المحاضر عبد اللطيف أن المختصين في علم الآثار لا يستطيعون العمل والحفاظ على الخربة؛ بسبب سيطرة الاحتلال عليها، ضمن اتفاقيات وقعت مع إسرائيل أبقاها تحت سيطرتهم.ويصر عبد اللطيف على أن هناك عوامل أخرى غير الاحتلال تساعد في إحداث التدمير والخراب في خربة سمارة الأثرية، تتمثل بأشخاص خارجون عن القانون ويبحثون عن الآثار داخل الخربة؛ من أجل بيعها، بالإضافة لإهمال وجهل المواطنين أصحاب الأراضي القريبة من الخربة في التعاطي مع آثارها، مما يتسبب بدمارها.معلومات شحيحة..يقول محاضر التاريخ والآثار في جامعة النجاح الأستاذ مازن عبد اللطيف ل(معا): "للأسف جميع ما وثق حول خربة سمارة هي روايات إسرائيلية، فالرواية الفلسطينية شحيحة وغير موجودة، وهو ما يجعلنا نستند في بحثنا ومصادرنا للرواية الإسرائيلية أو الأجنبية أن وجدت".ويجد المحاضر عبد اللطيف أن الروايات الإسرائيلية، هي مغلوطة وهدفها اثبات وجود اليهود في فلسطين منذ القدم، وإنهاء فكرة وجودنا, لذا يهدد ذلك معرفتنا حول الخربة وطبيعة ما مرت به من معطيات وظروف".ويعتقد الأستاذ عبد اللطيف أن ما تعيشه خربة سمارة يعد أمرا محزنا في ظل التغييرات التي حدثت مؤخرا في الخربة، بسبب سرقة الآثار، مضيفا: "بالفعل نحن خاضعون لاتفاقيات لا تسمح لنا بإجراء حفريات علمية ومنظمة في الخربة، التي ظهرت فعليا في خارطة الآثار الفلسطينية منذ سنوات قليلة، وهو ما لم يسمح لنا في الحفاظ على الخربة".ويناشد عبد اللطيف الجهات المعنية والمختصة بالعمل جديا للحفاظ على الخرب الأثرية في فلسطين، وتحديدا الواقعة تحت السيطرة الفلسطينية، والحفاظ على ما تبقى من خرب تسيطر عليها إسرائيل لما لذلك أهمية قصوى.تقرير: إيهاب ضميري