الذكرى الـ26 لإستشهاد مانديلا فلسطين ... الأسير عمر القاسم
2015-06-04
تصادف اليوم الرابع من حزيران / يونيو الذكرى السادسة والعشرين لاستشهاد القائد الوطني وأحد أبرز قادة الحركة الأسيرة في سجون الإحتلال الإسرائيلي الأسير عمر محمود القاسم الملقب بـمانديلا فلسطين.
نشأته
ولد عمر محمود محمد القاسم في 13/11/1941 في مدينة القدس القديمة. وتعلم ودرس في مدارسها، حيث درس الإبتدائية في المدرسة العمرية، وبعد أن أنهى دراسته الثانوية عام 1958 م في المدرسة الرشيدية الثانوية عمل مدرساً في مدارس القدس ، ولم يكتفِ بذلك بل واصل تعليمه والتحق بالإنتساب بجامعه دمشق وحصل منها على ليسانس الأداب " انجليزي " .
إلتحاقه بالثورة
إلتحق شهيدنا بحركة القوميين العرب في مطلع شبابه وكان مثقفاً ونشطاً، وسافر إلى خارج الوطن وإلتحق بمعسكرات الثورة الفلسطينية وحصل على العديد من الدورات العسكرية ، وبتاريخ 28/10/1968م قرر العودة إلى الوطن وبعد اجتيازه لنهر الأردن وهو على رأس مجموعة فدائية كان هدفها التمركز على جبال فلسطين، اصطدمت بطريقها بكمين إسرائيلي قرب قرية كفر مالك، ولم تستسلم المجموعة وقررت القتال رغم عدم تكافؤ المعركة ولكن وبعد نفاذ الذخيرة تمكنت قوات الإحتلال من أسر المجموعة وقائدها عمر ، وأخضع هو ومجموعته لتعذيب قاسي جداً ، ومن ثم أصدرت المحكمة العسكرية على الشهيد حكماً بالسجن المؤبد ، وزج به في غياهب السجون وفي الغرف الإسمنتية.
النضال داخل السجون
مع دخوله المعتقلات الصهيونية وهو مسلح بالوعي النظري، سيما وأنه من قادة اليسار الفلسطيني ممثلاً بالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أخذ يترجم وحدويته وضرورة النضال المشترك للحركة الوطنية الأسيرة ضمن صيغ وحدوية، منطلقاً في مسيرته الكفاحية الجديدة من جملة كان يرددها دائما على مسمع رفاقه "في الأسر لا ينتهي المناضل بل يبدأ، وهو نضال مكمل ومترابط مع النضال خارجه، سوف نصمد رغم الاختلال الفادح في ميزان القوى". كان القاسم من القلائل الذين يمتلكون الثقافة التنظيمية والسياسية والثورية فكرس إهتمامه ووقته في الأسر لتحويل المعتقلات الى أكاديميات وطنية تخرّج المناضلين المثقفين، وفي هذا السياق أقام دورات الكادر، كما خصص دورات لحرب التحرير الشعبية وتجارب حركات التحرر العالمية، وأسس لصحافة المعتقلات، صحيفة في كل معتقل، ومجلة موحدة للحركة الأسيرة، واعتنى بالمواهب الناشئة، ودرّس الأسرى اللغات الإنكليزية والفرنسية والعبرية، وكما ساهم في التعبئة والحشد المعنوي في إعداد الأسرى وفي مواجهة إدارات السجون لتحسين ظروف الإعتقال فشارك مع إخوانه المعتقلين في الإضرابات عن الطعام بل وكان من أبرز الداعين لتلك الإضرابات ومن قيادتها.
مواقف بطولية داخل الأسر
تجسدت صلابة القاسم في سجنه أثناء مقابلة "اسحق نافون" له في السجن العام 1987، حينما طلب "اسحق نافون" رئيس الدولة الصهيونية منه بعدم القيام بأي نشاط سياسي، مقابل الإفراج عنه والسماح له بالإقامة في القدس، وجاء رد القاسم حازماً: "أمضيت عشرين عاماً في الاعتقال، ولا يهمني مصيري الشخصي، ما يهمني هو قضية شعبي، وأن لا يبقَ كابوس الاحتلال على صدر الشعب. سأبقى أناضل وسوف يأتي اليوم الذي أتحرر فيه".
الاستشهاد داخل الأسر
توقف القلب الكبير عن الخفقان، واستشهد القائد الوطني الكبير "عمر القاسم" في سجون العدو الإسرائيلي يوم 4 حزيران/ يونيو 1989 بعد إصابته بمرض عضال، ونتيجة مماطلة الاحتلال بمعالجته، استشهد القائد الكبير بعد أن أمضى واحداً وعشرين عاماً في سجون الاحتلال، وهي أطول فترة حتى استشهاده يمضيها سياسي في سجون الاحتلال، واستحق لقب "مانديلا فلسطين". رحل القاسم مخلفاً تراثاً زاخراً للمناضلين داخل وخارج السجون، وللشعب الذي استلهم من صموده وتفانيه خبرة الصمود في معركة صراع الإرادات. لقد قدم الرفيق عمر كل ما يملك من أجل تحرر شعبه، وارتفع نجماً يضيء الطريق المؤدي إلى النصر، وقدم الشعب لإبنه البار أسمى آيات التقدير والاحترام، ذلك عندما خرج الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في جنازة مهيبة لم تشهدها القدس من قبل مخترقين أهم شوارعها صلاح الدين مثبتين قدرتهم وإرادتهم على تحريرها من قوات الاحتلال ولو لساعات قليلة.