الذكرى الـ86 لإعدام شهداء ثورة البراق محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي
2015-06-17
يصادف اليوم 17-6 ذكرى استشهاد شهداء ثورة البراق محمد جمجوم - فؤاد حجازي - عطا الزير
كانو ثلاث رجال ... إتسابقوا عالموت ... أقدامهم عليت فوق رقبة الجلاد ... وصاروا مثل يا خال... بطول وعرض البلاد ... نهوى ظلام السجن يا أرض كرمالك ... يا أرض يوم تندهي بتبين رجالك... يوم الثلاثة وثلاثة يا أرض ناطرين ... مين اللي يسبق يقدم روحو من شانكفي 14 - 8- 1929 نظم قطعان المستوطنين اليهود مظاهرة بمناسبة ما يسمى( ذكرى تدمير الهيكل) وفي اليوم التالي ( 15-8) نظموا مظاهرة ثانية جابت شوارع القدس حتى وصلت الى حارة البراق وهناك رفعوا علم الحركة الصهيونية وراحوا ينشدون النشيد القومي الصهيوني ويشتمون المسلمين .في اليوم التالي 16-8- 1929 -كان يوم جمعة-والذي شهد ذكرى المولد النبوي الشريف ، فتقاطر المسلمون من كل مكان للدفاع عن حائط البراق الذي اراد المستوطنون الاستيلاء عليه .وحدث الصدام وسقط الشهداء والجرحى من الجانبين لتعم الثورة كافة انحاء فلسطين في يافا وعكا وحيفا واللد والرملة والقدس وغيرها .كان واضحا ان الاستعمار البريطاني يستخدم سياسة التمكين لليهود في فلسطين ورغم ان الاعتداء تم بمبادرة المستوطنين الا ان شرطة الاحتلال الانجليزي اعتقلت 26 شابا فلسطينيا ممن شاركوا في الثورة وفي الدفاع عن حائط البراق واصدرت بحقهم احكاما بالاعدام !! في محاكمة صورية ثم خففت الحكم عن 23 منهم الى السجن المؤبد وابقت حكم الاعدام بحق كل من محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير .محمد خليل جمجومولد الشهيد محمد خليل جمجوم في مدينة الخليل عام( 1902) وتلقى دراسته الابتدائية فيها وعاش عذابات الاستعمار الانجليزي وبدايات الاحتلال الصهيوني .عرف عنه مقاومته للعدوان ورفضه الاحتلال وكان يتقدم المظاهرات التي تخرج احتجاجا على اغتصاب فلسطين وقد شارك في احداث ثورة البراق الى ان اعتقلته الشرطة الانجليزية .فؤاد حجازيمن مواليد مدينة صفد ، سنة 1904 ، وهو أصغر الشهداء الثلاثة تلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية الاسكتلندية وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الامريكية في بيروت وقد عرف بشجاعته واقدامه منذ صغره وكان يشارك دائما في فعاليات الاحتجاج ضد اغتصاب فلسطين وبرزت مشاركته في ثورة البراق.عطا الزيرمن مواليد مدينة الخليل عام( 1895) ، وهو اكبر الشهداء الثلاثة كان في دراسته بسيطا وعمل في عدة مهن يدوية واشتغل في الزراعة وكان معروفا بقوته الجسدية منذ صغره وقد شارك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل احتجاجا على الهجرة الصهيونية وهبّ لنصرة البراق يوم 61-8-1929 وشارك في الصدامات الدامية في الخليل التي قتل فيها نحو 60 يهوديا واصيب خمسون آخرون . ٭٭٭يوم الثلاثاء الحزين وزغرودة الشهداءحددت سلطات الاستعمار البريطاني يوم 17-6-1930 لتنفيذ حكم الإعدام بحق الثلاثة الذين تقدموا وابتسامات الانتصار على وجوههم ليسطروا بها قصيدة وملحمة بطولية ، لم يرهبهم الموت ولا أخافهم حبل المشنقة بل تصارعوا على من يتقدم الى منصة الإعدام أولا وزاحم محمد جمجوم أخاه عطا الزير حتى تغلب عليه وكان قد سبقهما إلى ربهما الشهيد فؤاد حجازي الذي اعدم أولا في الثامنة صباحا ثم اعدم محمد جمجوم ثانيا في التاسعة صباحا ليليهما عطا الزير ثالثا وفارقت الأرواح الأجساد الفانية لكن الابتسامة والرضا بلقاء الله لم يفارقا الوجوه التي أشرقت برائحة الجنة .قبل الاعدام تواضع وارتقاءقبل ساعة من موعد التنفيذ استقبل محمد جمجوم وفؤاد حجازي زائرين قدموا لهما التعازي وكانت من النوادر ان يعزى ميت بوفاته قبل موته ، فقال محمد جمجوم : الحمد لله اننا ، نحن الذين لا أهمية لنا، نذهب فداء للوطن وليس اولئك الرجال الذين يحتاج الوطن الى جهودهم وخدماتهم ، ثم طلب جمجوم الحناء له ولزميله فؤاد ليتخضبا به كعادة أهل الخليل في أعراسهم .أما فؤاد حجازي فقال لزائريه: اذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئا من كابوس الانجليز على الأمة العربية الكريمة ، فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماما .وهكذا اعدم الثلاثة وتركوا الدنيا ومضوا الى ربهم يحملون جهادهم في سبيل المسجد الاقصى المبارك وعانقت دماؤهم الارض التي احبوها ومنذ ذلك اليوم لم يتوقف شلال دماء الشهداء الى اليوم .رسالة قبل معانقة حبل المشنقةتمكن الثلاثة من توجيه رسائل مكتوبة الى اهلهم وذويهم وذلك قبل يوم واحد من تنفيذ الاعدام .وكانت رسالة فؤاد حجازي قد نشرت في صحيفة اليرموك يوم 18-6-1930 غداة استشهاده وجاء فيها : اذا كان لدي ما اقوله وانا على الابواب الابدية فإنني اوجز القول قبل ان اقضي : اخوي العزيز يوسف واحمد وفقكما الله ، رجائي اليكما ان تفعلا ما اوصيكما به اوصيكما بالتعاضد والمحبة الاخوية والعمل بجد واجتهاد على مكافحة شقاء الدنيا لإحراز السبق في مضمار الحياة التي ستقضونها ان شاء الله بالعز والهناء .يا احمد ... السكينة السكينة، الهدوء الهدوء ... ملابسي تحفظ شهرا ثم تغسل، ممنوع قطعيا تنزيل اي طقم عليّ سوى اللباس والفانيلة والكفن داخل التابوت .البكاء ، الشخار، التصويت هذا ممنوع قطعيا لأنني لم اكن ارضاها في حياتي خاصة تمزيق الثياب ، يجب الزغردة والغناء واعلموا ان فؤادا ليس بميت بل هو عريس ليس الايا والدتي اوصيك وصية ان لا تذهبي الى قبري الا مرة في الاسبوع على الاكثر ولا تجعلي عملك الوحيد الذهاب الى المقبرة .أما فؤاد حجازي وهو أول القافلة يقول لزائريه: " إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الانكليز على الأمة العربية الكريمة فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماماً ".... وقد كتب فؤاد وصيته وبعث بها إلى صحيفة اليرموك فنشرتها في اليوم التالي وقد قال في ختامها: "إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج, وكذلك يجب إقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة. إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية".