:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/59735

دعوات لتهدئة الغليان الحاصل في برج الشمالي.. ماذا حدث في المخيّم؟

2021-12-15

يوم الجمعة 10 كانون الأوّل ديسمبر الفائت، وتحديدًا عند الساعة التاسعة والنصف وقع انفجار في مخيم برج الشمالي، قرب مدينة صور، جنوب لبنان، سقط الضحيّة حمزة ابراهيم شاهين، وهو مربًّ و مهندس، وفق ما نعته حركة "حماس" في بيان لها.

الأحداث تتسارع في المخيم، ويوم التشييع وقعت كارثة أخرى، واقترب المخيّم مما كان الجميع يحاول تجنبه، ألا وهو "الفتنة" داخل المخيمات، لتُطلق النيران على المشاركين في الجنازة، ويسقط على إثر ذلك 3 ضحايا وعدد من الجرحى، ولتبدأ حينها حالة من الأخذ والردّ، وبيان يقابله آخر، بين حركتا "حماس" و"فتح"، ودعوات وتحركات سياسية للتهدئة.

مروحة من الاتصالات بين الفصائل لوقف التداعيات

مسؤول الإعلام في الجبهة الديمقراطية، فتحي كليب، تحدث لـ " لبوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّه، "منذ اليوم الأول للحادث الذي حصل في مقبرة مخيم برج الشمالي، والجبهة الديمقراطية سواء على مستوى قيادتها الميدانية أو على مستوى قيادتها المركزية في لبنان، وهي منهمكة في سلسلة من التحركات والاتصالات مع عدد من القوى في سبيل احتواء هذه الجريمة المدانة من قبل أبناء شعبنا الفلسطيني".

وأضاف كليب، "ولهذه الغاية، فقد شملت اللقاءات حركتي فتح وحماس في مخيم برج الشمالي والبص، وقد أجرت قيادة الجبهة ممثلة بمسؤولها علي فيصل اتصالات هاتفية مع كل من سفير دولة فلسطين في لبنان، أشرف دبور، ومع مسؤول حركة حماس في لبنان، أحمد عبد الهادي، ونائبه جهاد طه، كما أجرت سلسلة من الاتصالات مع مسؤول حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، إحسان عطايا، ومسؤول الجبهة الشعبية مروان عبد العال، ومسؤول العلاقات في الجبهة الشعبية، محمد جباوي، وكل ذلك بهدف وقف أي تداعيات للجريمة التي حدثت، وفي كل الحالات فقد تمكنت جميع القوى من سماع صوت العقل لجهة ضرورة احتواء ما حصل وترك الأمر للأطر القانوينة والقضائية اللبنانية، وللحوار الفلسطيني الفلسطيني لهدف الوقوف على أسباب ما حصل وضمان عدم تكراراه في أي منطقة أخرى".

وتابع: "وحتى الآن الأمور تتجه إلى التهدئة، انطلاقًا من حرص ووعي كافة الأطراف، خاصة من قبل حركتي فتح وحماس، اللتان تدركان جيدًا تداعيات استمرار حالة التوتر، والتي قد تطال كل المخيمات الفلسطينية، في وقت نعلم جميعًا حالة الاستهداف العام للمخيمات الفلسطينية بعنوانها السياسي".

وتمنى كليب، أن "تحمل الأيام القادمة بشائر خير، لجهة وذع الأسس للانتهاء من تداعيات الجريمة، وتسليم الفاعلين إلى الجهات الرسمية، والانتهاء من كلّ ما من شأنه أي يسيء لشعبنا ومخيماتنا".

تشييع غاضب لضحايا إشكال المقبرة

وأمام مسجد الشهداء، في مدينة صيدا، توجه الآلاف من أبناء المخيمات الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، لتشييع ضحايا إشكال مخيم برج الشمالي.

التشييع يمكن وصفه، على أنّه غاضب، أعلام فلسطين ورايات حركة حماس رفعت بكثافة من قبل المشاركين، فيما الهتافات كانت مطلبية لناحية تسليم المطلوبين والمشاركين في إطلاق النار.

كذلك تحدث في التشييع عدد من العلماء ورجال الدين، الذين طالبوا بالتهدئة وتحكيم العقل والمنطق. كذلك كلمة لحركة حماس، ألقاها مسؤول العلاقات الوطنية في الحركة يف لبنان، أيمن شناعة، طالب فيها بتسليم القتلة للسلطات اللبنانية والقضائية، وقال: "لن نتراجع عن مطالبنا بتسليم القاتل المعروف للجميع".

وأضاف، "إنّ سلاح الأمن الوطني بات يشكل خطرًا على أمن المخيمات واللاجئين الفلسطينيين، خطر ظهر أخيرًا فيما ارتكبه عناصره بإطلاق الرصاص على شعبنا وأهلنا في المخيم".

وطالب شناعة، "بإغلاق الموقع العسكري التابع للأمن الوطني الفلسطيني في برج الشمالي"، فيما اتهم كذلك من أطلق النار، بأنّه خطط ودبر لإطلاق النار على المشيعين عن سبق إصرار وترصد".

بداية المأساة

مساء الجمعة، سمع صوت كان أشبه بصوت قنبلة، هكذا أفاد ديب إبراهيم، الذي يقطن بالقرب من مكان الانفجار، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، وبعدها بدقائق سمع صوت آخر، تليها حالة من الهرج والمرج أسفل الشارع.

إبراهيم، الذي كان جالسًا داخل منزله، همّ إلى النزول إلى الشارع، ليشاهد بأمّ عينيه كيف كان الحريق يأتي على أحد المستودعات بالقرب من مسجد أبي بن كعب، إلّا أنّه عاد إلى منزله، وما إن دخل بدقائق حتى هزّ المنزل انفجار ضخم، كُسرت على إثره النوافذ المواجهة لمكان الانفجار.

ووفقًا لبيان حركة حماس، فإنّ انفجار مخيم برج الشمالي، ناتج عن حريق اندلع داخل أحد "المخازن التموينية جراء ماس كهربائي"، الملاصق لمسجد أبي بن كعب، التابع لها، وليأتي الحريق على عدد من اسطوانات الغاز المخصصة لمرضى كورونا.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين أول من دخل محيط الانفجار

فريق "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، صباح اليوم التالي للانفجار، دخل مخيم برج الشمالي، ووصل مكان الحادث، كان أول موقع إخباري يصل مكان الانفجار، إذ لم يتمكن أحد من وسائل الإعلام دخول المخيم، لحساسية الموضوع.

اطلع الفريق، على أوضاع المنطقة، وتظهر الصور المرفقة، كيف أنّ الحريق جاء على جزء من مسجد "أبي بن كعب"، فيما تضررت المنازل والمحال المحيطة بموقع الانفجار، اقتصر على تهشم في زجاج النوافذ والأبواب. كما أظهر تواجدهم في محيط منطقة الانفجار، على حالة التماسك المجتمعي وكيف كان جميع اللاجئين حريصين على دعم بعضهم وتنظيف ما جرى تهشيمه وتكسيره نتيجة للحادث.

سقوط ضحية نتيجة الانفجار

مساء السبت، أعلنت حركة "حماس"، بعد تكتم، عن أنّ أحد عناصرها وهو حمزة ابراهيم شاهين، قد "استشهد نتيجة للانفجار"، ودعت في بيان لمسؤول العمل الجماهيري في الحركة، رأفت مرة، "إلى أوسع مشاركة، ليكون التشييع فيها وطنيًا وشعبيًا فلسطينيًا ولبنانيًا حاشدًا، بمشاركة سياسية وشعبية وعلمائية وشبابية وكشفية، في رسالة تعبر عن الوحدة الوطنية الشاملة".

الجنازة والفاجعة.. وبيان عالي النبرة

وفي جنازة مهيبة، أقيمت يوم الأحد التالي، شارك بها جمع كبير من قيادات الفصائل والمرجعيات الفلسطينية وممثلين عن الأحزاب اللبنانية ولفيف من العلماء، وعدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين. ومع وصول الجنازة إلى مقبرة المخيم، حصلت الفاجعة. اشتباك بين عناصر حزبية داخل المخيم وإطلاق نار على اللاجئين الفلسطينيين بشكل مباشر.

وتظهر المقاطع المصورة، التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، حدوث إشكال وتدافع بين عناصر من حركة "حماس" وأخرى تابعة لقوات "الأمن الوطني الفلسطيني"، ثوان معدودة فقط، ويتطور الإشكال إلى إطلاق نار، ويهرع المشاركون في الجنازة إلى الهرب حماية لأرواحهم.

الإشكال الذي حصل، أوقع 3 ضحايا لحركة "حماس"، وصفتهم في بيان عالي النبرة، بأنّهم "شهداء قتلوا ظلمًا". والضحايا هم؛ محمد وليد طه، حسين محمد الأحمد، عمر محمد السهلي.

بيان الحركة لم يتوقف عند نعي فقط، بل اتهم قوات الأمن الوطني، بارتكاب مجزرة، وحملته المسؤولية المباشرة عن "جريمة قتل واغتيال متعمد"، كما حملت السلطة في رام الله وأجهزتها الأمنية في لبنان المسؤولية الكاملة.

كما أشار بيان الحركة، إلى أنّ، "جريمة (إطلاق النار على التشييع) تستهدف كامل المجتمع الفلسطيني في لبنان، وعلى قواه الوطنية.

وتابع: "هذه الجريمة تهدف إلى تخريب مسيرة السلم الأهلي والأمن والاستقرار في المجتمع الفلسطيني في لبنان، كما تستهدف العبث بأمن المجتمع اللبناني في عمق منطقة حساسة في جنوب، في الوقت الذي يشهد فيه لبنان العزيز أزمة اقتصادية واجتماعية وتستهدفه مشاريع أمنية "إسرائيلية".

ودعا بيان "حماس"، حركة "فتح" وجميع الفصائل والقوى والأحزاب الفلسطينية واللبنانية والإسلامية، إلى إدانة واستنكار المخطط التخريبي "لقوات الأمن الوطني الفلسطيني"، الذي لا يخدم إلا الاحتلال الإسرائيلي، التي صار وجودها عبئاً على أمن واستقرار أمن مخيماتنا"، وفق وصف البيان.

كما دعا كذلك، "إلى تسليم القتلة للسلطات اللبنانية، وإحالتهم للعدالة، وكل من له علاقة بالمجزرة، وندعو أجهزة الأمن اللبنانية إلى ملاحقة هؤلاء القتلة ووقف التعاون مع جهاز يرتكب مثل هذه المجزرة".

حالة طوارئ.. قيادة فصائل منظمة التحرير في انعقاد دائم

من جهتها رفضت قيادة فصائل منظمة التحرير وفي اجتماع عقدته أمس الاثنين، البيان الصادر عن حركة حماس "والروايات التي تستهدف مؤسسة الأمن الوطني الفلسطيني".

وتابع البيان: "كما نرفض سياسة التشكيك والتخوين التي تتبعها حركة حماس ومحاولة التجيش ضد منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها الشرعية وفي مقدمتها مؤسسة الأمن الوطني الفلسطيني".

كما أكدت قيادة فصائل منظمة التحرير، أنها في حالة انعقاد دائم لمتابعة الأحداث المؤسفة التي حصلت في مخيم برج الشمالي، ومعالجة أثارها وارتداداتها على كافة المخيمات والمجتمع الفلسطيني في لبنان".

قيادة الأمن الوطني: "سلمنا القاتل"

أما قيادة الأمن الوطني الفلسطيني، وفي بيان لها، أول من أمس الأحد، استنكرت "الحملة العشوائية التي تشنها شبكات إعلامية تتبع لحركة حماس"، وأكدت أنّ قيادة فتح وعلى رأسهم سفير فلسطين في لبنان، أشرف دبور، كانوا من الحريصين على الوقوف إلى جانب أهلهم في مخيم برج الشمالي في مصابهم، كما أنّ قيادتا فتح والأمن الوطني الفلسطيني، كانا من أول المشاركين في الجنازة.

ونفى بيان الأمن الوطني الفلسطيني، مزاعم واتهامات حركة حماس، وفق وصفه، وأشار إلى قيامه بتسليم من إدعى إطلاقه النار، وجاء في البيان: "قمنا بتسليم من ادعى أنه أطلق النار للأجهزة الأمنية اللبنانية، التي نثق بمجريات تحقيقاتها وفي حال ثبت من هو متورط من أي جهة كانت، فلدينا الجرأة لتوقيفه وتسليمه للقضاء".

وتابع البيان: "حركة حماس أرادت أن تستبق تلك التحقيقات لترمي بسهامها وسمومها، على قوات الأمن الوطني الفلسطيني، وأعلنت ببيانها الرسمي تقول فيه مجزرة الأمن الوطني الفلسطيني في برج الشمالي متنكرة للدور الوطني الطليعي لقوات الأمن الوطني ودوره في الحفاظ على أمن المخيمات".