المشهد الإقليمي ما بعد «فيينا النووي».. خطوات أولى على الطريق!
2015-08-11
كيري: الولايات المتحدة والدول الخليجية اتفقوا على تطوير التعاون الاستراتيجي بينهم في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية، ضمن التزام واشنطن بأمن منطقة الخليج بعد الاتفاق النووي
شهد عدد من العواصم العربية والإقليمية، من القاهرة إلى الرياض إلى عمّان إلى الدوحة وصولاً إلى طهران، حراكاً ديبلوماسياً مكثفاً ونشطاً في الأيام القليلة الماضية، تمحور حول محاولة البحث عن حلول سياسية للأزمات الساخنة في المنطقة، وخصوصاً بعد انجاز اتفاق فيينا النووي.
وفي هذا السياق، شهدت الدوحة اجتماعات ثنائية وثلاثية وأخرى موسّعة (3/8)، جمعت إحداها وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة والسعودية في لقاء مشترك ونادر. كما عقد وزيرا الخارجية، الأميركي والروسي، كلٌ على حدة، مباحثات مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، في إطار حراك سياسي متقدّم تشهده المنطقة، قد يساهم في رسم المشهد الاقليمي ما بعد الاتفاق النووي بين طهران ومجموعة «5+1» الذي يقلق الخليجيين.
لقاء روسي - سوري - إيراني
وبعد يوم على اجتماعات الدوحة، استضافت طهران، وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في ظل حديث عن «مبادرة إيرانية معدّلة» لحل الأزمة السورية.
وبحسب مصادر إيرانية، فقد تضمنت هذه المبادرة «المعدّلة» أربعة بنود هي: «الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة تعديل الدستور السوري بما يتوافق وطمأنة المجموعات الإثنية والطائفية في سوريا، وإجراء انتخابات بإشراف مراقبين دوليين».
اجتماعات الدوحة
أما في الدوحة، فقد سعى وزير الخارجية الأميركية جون كيري لإقناع نظرائه في الدول الخليجية بجدوى الاتفاق النووي مع طهران لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، لكن دول الخليج ركّزت على أهمية أن يواكب هذا الاتفاق «العمل على حثّ طهران على عدم التدخل في الشأن الداخلي لدول المجلس والعمل على تحقيق الاستقرار في المنطقة».
وفي الوقت الذي ركّز فيه البيان الختامي للاجتماع، على بعض النقاط التي تمثل مخاوف وتحفظات هذه الدول على الاتفاق النووي مع طهران، إضافة إلى تلك التي اعتادت تقديمها كـ«ثوابت في رؤيتها للواقع الاقليمي»، إلا أن المؤتمر الصحافي الذي جمع الوزير الأميركي مع وزير الخارجية القطري خالد العطية، شهد ترحيباً خليجياً بالاتفاق النووي.
وجاء هذا الترحيب على لسان الوزير القطري، الذي اعتبر أن الاتفاق «كان أفضل خيار بين خيارات أخرى للتوصل إلى حل لقضية البرنامج النووي الإيراني عبر الحوار». مشيراً، في الوقت نفسه، إلى اتفاق وجهات النظر بشكل عام، بين الوزراء الخليجيين وكيري، حول العراق وسوريا واليمن ومسائل إقليمية أخرى.
وفي بيانهم الختامي الصادر عن الاجتماع، شدّد المشاركون على أن اجتماع الدوحة «رسم الخطوات القادمة بشأن الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والولايات المتحدة، ومجالات التعاون بين الجانبين التي أعلن عنها في كامب ديفيد»، منتصف شهر أيار (مايو) الماضي.
وبحسب البيان، استعرض الوزراء «خطة العمل المشترك الشاملة بين مجموعة دول «5+1» وإيران، والصراع في اليمن والحاجة للوصول إلى حل سياسي فيه، يستند إلى المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني». كما أدانوا هجمات تنظيمي «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» و«داعش» مشيرين إلى أن «هذه المجموعات تستغل عدم الاستقرار في اليمن، وتمثل تهديداً لليمنيين وللمنطقة».
وعبّر الوزراء عن تضامنهم مع العراق في تصدّيه لمنظمة «داعش» الإرهابية، مؤكدين على «الأهمية القصوى لوجود حكومة عراقية فاعلة وشاملة، ومشددين على أهمية تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها، وكذلك على الحاجة إلى قوات أمن قادرة على محاربة داعش».
وعلى الرغم من التراجع الملحوظ في الاهتمام بالشأن الفلسطيني، فقد أكد المجتمعون «على ضرورة حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي على أساس اتفاق سلام عادل ودائم وشامل، يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة متماسكة تعيش جنباً إلى جنب بأمن وسلام مع إسرائيل».
اتفاقات أمنية وعسكرية
وعقب هذا الاجتماع قال كيري: في ما يتعلق بالاتفاق النووي، «ما يمكننا القيام به هو ضمان تنفيذ الاتفاقية بشكل كامل، والحيلولة دون امتلاك إيران للسلاح النووي.. لا نعرف ما إذا كانت المواقف الإيرانية ستتغير بعد الاتفاق. يأمل الجميع في فتح صفحة جديدة، إلا أن علينا جميعاً أن نقوم باستعداداتنا كما لو أن تلك الصفحة لن تفتح».
وأضاف الوزير الأميركي، أن بلاده ودول الخليج اتفقوا على تطوير التعاون الاستراتيجي بين الطرفين في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية، ضمن التزام واشنطن بأمن منطقة الخليج بعد الاتفاق النووي (المثير للقلق الخليجي) مع إيران.
وأشار كيري إلى أن الاتفاق مع الدول الخليجية يشمل «تبادل المعلومات المخابراتية، وتسريع وتيرة مبيعات الأسلحة التي تتطلبها هذه الدول، والقيام بتدريبات مشتركة لتحديث القدرات العسكرية، وتدريب القوات الخاصة لتصبح أكثر فاعلية في التعامل مع التحديات المتوقعة»، وكذلك «العمل على دمج أنظمة الدفاع الباليستية بين هذه الدول لتطوير قدرات الردع التي تقوم بها»، وكذلك «تطوير قدرة الاعتراض البحري لتصبح أكثر فاعلية».
وسبق لقاء الوزير الأميركي بنظرائه الخليجيين لقاء مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، أطلع خلاله كيري أمير قطر على تفاصيل الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني، في حين أعرب الأخير عن أمله بأن «تكون منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل إضافة إلى تجنب سباق التسلح فيها».
كما التقى الشيخ تميم، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وجرى خلال اللقاء «مناقشة توحيد جهود المجتمع الدولي لإيجاد الحلول المناسبة للأزمة السورية والعراقية واليمنية والليبية والتباحث بشأن التصدي لخطر الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة».