:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/62072

أي درجة من الإذلال ستعانيها أوروبا بعد تحويل تجارة الغاز الروسي إلى الروبل؟

2022-03-29

أمهل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الحكومة حتى 31 مارس لتحويل الدفع مقابل الغاز الروسي إلى الروبل الروسي بالنسبة للدول غير الصديقة

علاوة على ذلك، فقد تحدث الرئيس عن الغاز "كبداية"، بمعنى أن بإمكاننا افتراض أن صادرات أخرى ستتبع الغاز في التعامل بالروبل، من السلع والمواد الخام الروسية التي لا يمكن تعويضها، وحتى تشمل جميع الصادرات

لا داعي للتكرار هنا أن أوروبا لا تمتلك خيارا آخر سوى الموافقة، حيث لن تكون قادرة على استبدال الغاز الروسي لا في هذا العام، ولا حتى في غضون سنوات قليلة. بالأحرى، سيكون عليها كي تفعل ذلك أن تكرس نصف اقتصادها له، بعد ذلك سينهار النصف الآخر. لذلك فإن كل تصريحات السياسيين الأوروبيين، بأن أوروبا لن ترضخ لشرط التعامل بالروبل، ليست سوى المرحلة الأولى من قبول المحتوم وهي "الإنكار"، بعدها سيأتي الغضب، ثم محاولة التفاوض فالاكتئاب ثم القبول في نهاية المطاف

وفقا لهذا النهج، أتوقع أن يرفض الاتحاد الأوروبي الدفع مبدئيا، بعدها سوف تعلق روسيا الإمدادات، حتى يبدأ دفع ثمن الغاز بالروبل

يلي ذلك فترة من ردود الفعل العنيفة داخل الاتحاد الأوروبي، حيث ستبدأ من الصناعيين، بعدها سوف يمارس الشعب ضغوطا على السياسيين، الذين سيلومون بطبيعة الحال بوتين. ومع ذلك، فإن الدبلوماسية الأوروبية ستتقدم لإيجاد "حلول وسط" مع روسيا، أي وسيلة لاستئناف الإمدادات دون رفع أشد العقوبات

بالمناسبة، سوف يكون على بلدان الخليج في هذه المرحلة أن تتحمل ضغطا وحشيا من واشنطن، في الوقت الذي سوف تتصاعد وتيرة التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، التي ستعلن أنها لن تسمح لدول الخليج بالتخلي عن عقودها معها، وهو تصعيد من الصعب التكهن بدرجته، إلا أن العرب في الخليج سوف يتعرضون للتهديدات من الغرب ومن الصين على حد سواء

بعد ذلك، في يونيو ويوليو، عندما يتم استهلاك احتياطيات الغاز، سوف تطال التداعيات الاقتصادية أوروبا. فتغلق المصانع، وتشح السلع، وتندلع مظاهرات واحتجاجات جماهيرية، ويحدث انقسام داخل الاتحاد الأوروبي، وبين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وانهيار محتمل للائتلاف الحاكم في ألمانيا وغيرها

وفي موعد لا يتجاوز سبتمبر أو أكتوبر، ستضطر أوروبا إلى البدء، بدرجة من الخزي والإذلال، أن تلغي العقوبات المعادية لروسيا. ربما قبل ذلك، حيث سيكون من الواضح بالفعل في يوليو أن أوروبا ستواجه كارثة اقتصادية واجتماعية في الشتاء بدون الغاز الروسي

كل ذلك واضح، ولن أخوض في تفاصيله. إلا أن اللغز يتعلق بأمر آخر، حيث لا تتوقف درجة الخزي والإذلال لأوروبا على آلية الدفع فحسب، بل ستمتد لتطال مصير الدولار كعملة عالمية لآليات الدفع

ففي الظروف العادية، لم تكن لتوجد صعوبة في سداد المدفوعات بالروبل من خلال النظام البنكي، حيث ستقوم البنوك الغربية، نيابة عن المستوردين الأوروبيين أو اليابانيين وغيرهم من المستوردين للغاز الروسي، بتبادل الدولار واليورو والين مقابل الروبل في البورصة، أو من خلال البنوك الروسية. وكان من الممكن، بدلا من ذلك، للبنوك الروسية إقراض شركائها الغربيين بالروبل

لكن ذلك يتطلب أن يكون لدى البنوك الغربية حسابات بالروبل في البنوك الروسية والعكس صحيح، أن يكون لدى البنوك الروسية حسابات بالدولار واليورو في البنوك الغربية. وبينهما، يجب أن تكون هناك آلية تسوية، مثل نظام "سويفت" SWIFT، الذي قطعوه عن البنوك الروسية. في ظل العقوبات، لم يعد الأمر كذلك، على الأقل بالنسبة للبنوك الكبيرة القادرة على خدمة المعاملات الكبيرة

يعني ذلك أن أوروبا ستضطر صاغرة وبإذلال، على أي حال، إلى إلغاء هذه الحزمة من العقوبات

لكن ذلك سيظل إجراء فاترا لروسيا. فالغرب سيظل يدفع للبنوك الروسية باليورو أو بالدولار، وينقلها إلى روسيا ويحولها هناك إلى الروبل.