جامعات لبنان العريقة تدقّ أبواب الخارج: الأميركيّة في قبرص وتتحضّر لدبي
2022-04-16
كان لافتاً توقيع الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) وبلدية بافوس القبرصية في 8 نيسان (أبريل) الجاري، اتفاقاً تاريخياً لإنشاء حرم الجامعة الأميركية في بيروت ميديترانيو. فهي المرة الأولى في تاريخ الجامعة التي تنشئ حرماً لها خارج لبنان، بعدما دأبت على تعليم الطلاب والعناية بصحة الناس في مجتمعها في بيروت على مدى أكثر من 155 عاماً. الأمر لا يقتصر على قبرص، بل تدرس الجامعة الإمكانات لتنفيذ مشاريع تطوير الجامعة وتوسيع حضورها. الخيار وقع على قبرص بداية، بينما في دبي فما زالت الأمور قيد الدرس
وبينما كانت جامعة القديس يوسف أيضاً قد فتحت فرعاً لها في دبي قبل سنوات باختصاصات محددة، وكذلك جامعة البلمند في قبرص، والجامعة اللبنانية الأميركية تتحضر للتوسع خارجياً، وهي جامعات عريقة في لبنان، بدا أن الهدف هو توسيع المشاريع الخارجية للحفاظ على وجود الجامعات في بيروت، كما أوضحت الجامعة الأميركية في بيان لها ما يبدد مخاوف الطلاب بترك الجامعة للعاصمة اللبنانية، بسبب الانهيار المالي
الواقع أن وجهة الجامعات اللبنانية إلى التوسع في الخارج، هو للحفاظ على رصيدها في بلدها الأم، بعدما أحدثت السنوات الثلاث الماضية، ما يشبه الزلزال في التعليم العالي في لبنان. الجامعات العريقة والتاريخية المصنفة عالمياً واجهت أعتى العواصف، بعدما تلقت ضربات سبّبها الانهيار في البلد وفساد السلطة السياسية ومحاصصاتها الطائفية وتغطيتها لمخالفات الجامعات التجارية، وعجز الدولة عن تأمين الرعاية والحماية، وتوفير الحصانة لتتمكن الجامعات التي تلتزم المعايير الأكاديمية من التقدم والمنافسة عربياً وعالمياً
انتزعت دول عربية عدة ريادة التعليم العالي من لبنان، والذي احتل تاريخياً المركز الأول في المنطقة بجامعاته التي تأسست منذ القرن التاسع عشر، وفي مقدمها الجامعتان الأميركية في بيروت والقديس يوسف، فأصابت سنوات الانهيار الأخيرة، أي بعد قرن ونصف قرن على تأسيس أول جامعتين في المنطقة، موقعهما كما جامعات أخرى تغالب الانهيار، وإن تمكنتا برصيديهما التاريخيين من الصمود والوقوف في وجه الرياح العاتية، وحجز مقعديهما بين أول 25 جامعة عربية في تصنيف QS العالمي ومعهما الجامعة اللبنانية والجامعة اللبنانية الأميركية وجامعة البلمند
الانهيار في لبنان كان الأصعب على الجامعات اللبنانية المصنفة، بعضها فقد أساتذة أكفاء، ولها على الدولة مبالغ مالية لم تُسدد لتسعفها في مواجهة الأزمة، فتقدمت بما تملكه من رصيد وباللحم الحي للبقاء والصمود، وفتحت على طاقاتها في العالم ومتخرّجيها ومراكزها المتخصصة، فعادت إلى تبوُّء مراكز متقدمة عربياً وعالمياً، والأهم أنها بقيت ضمن لوائح التصنيفات أمام ما تتمتع به الجامعات العربية من قدرات وإمكانات ودعم من دولها، حيث تقدمت الجامعات السعودية والإماراتية لتتصدر التصنيفات الدولية، وثبتت مواقعها انطلاقاً من المعايير المحددة في التصنيفات، لتنتزع من لبنان مراكز الصدارة والسمعة الأكاديمية
تختلف التصنيفات للجامعات العربية حصراً عن التصنيف للجامعات العالمية، والذي يظهر فيها اختلافات في النقاط تبعاً للمعايير المعنمدة، خصوصاً أن تصنيف كيو أس العالمي للجامعات العربية بدأ عام 2014، وهو منذ تلك السنة يسلّط الضوء على 160 جامعة عربية، وفي السنة 2022، 180، فيما التصنيف العالمي لـQS يتناول بالتقييم 1000 جامعة على مستوى العالم.