التطرف الديني في إسرائيل وانقلب السحر على الساحر
2015-08-15
كان لافتاً أن يكتب وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت، وهو يميني متطرف، مقالة في صحيفة «نيويورك تايمز» يزعم فيها أن منفذي العملية الإرهابية في دوما هم «إرهابيون وطابور خامس»..
على كل ليست هذه هي الإشارة الوحيدة على الحرج الرسمي الإسرائيلي من تصاعد موجة التطرف الديني داخل إسرائيل، لا سيما أن جريمة «دوما»، كشفت عن تنظيم يهودي متطرف ذي أجندة خطيرة، يأتي على رأس أهدافها إقامة حكم ديني في إسرائيل يقوم على أساس الشريعة اليهودية.
ومصدر الحرج أن إسرائيل دأبت على تصدير صورتها إلى العالم، والغرب تحديداً، كـ «واحة للعلمانية والديمقراطية وسط محيط عربي مسلم يسكنه التطرف الديني».. هذه الصورة بدأت بالتحول إلى مجرد دعاية زائفة، وذلك على وقع زحف التطرف الديني اليهودي، بجرائمه الكثيرة وممارساته الفاقعة والتي لم تكن جريمة «دوما» إلا واحدة منها.. وهكذا انقلب السحر على الساحر، وباتت إسرائيل مصدرا للإرهاب الديني (فضلا عن كونها مصدرا لإرهاب الدولة) بعد أن دأبت طيلة السنوات الماضية على تصوير نفسها ضحية لهذا الإرهاب.
بالطبع لا تستطيع المؤسسة الرسمية الإسرائيلية التنصل من هذه الظاهرة، فشباب التنظيمات الإرهابية الإسرائيلية أولاد هذه المؤسسة. أرسلتهم الحكومات الاسرائيلية، في زمن حكم حزب العمل كما في زمن حزب الليكود، ليقوموا بمهمة «وطنية»، هي احتلال رؤوس الجبال والتلال في الضفة الغربية وتهويدها. وحسب تقرير لجريدة «الحياة» اللندنية فهؤلاء «كانوا أداة الاحتلال الأولى في التهويد. هناك تغذوا من بطش الاحتلال العسكري للفلسطينيين، فراحوا يمارسون اعتداءات أبشع. السلطة دللتهم ولم تكبل أيديهم. والآن يتمردون حتى على مرسليهم. ويهدد بعضهم باغتيال الرئيس الاسرائيلي، رؤوبين رفلين وغيره من المسؤولين».
تتحدث التقارير الإسرائيلية عن تنظيم يضم المئات وربما الآلاف، والفكرة التي يعملون عليها، مصابة بجنون العظمة: تدمير اسرائيل، وممارسات أكثر عنفاً.
ويقول يارون ازراحي، المفكر الإسرائيلي اليساري، «إذا كان الشباب هم المستقبل فإن هذا المستقبل فوضوي وعنيف.. هذه القلة القليلة قد تغير الواقع في إسرائيل وفي جميع أنحاء العالم. انهم يتعاملون مع العنف والتمرد على أنه أمر في غاية الرومانسية».
ورأى الخبير السياسي، نحاميا شترسلر، أن هذه المجموعة الشبابية المتطرفة «لم تأت من الهامش، وإنما من مركز الأحداث، من التعليم في جامعة بار إيلان، من محيط النشطاء السياسيين في المناطق، ويحظون بدعم الحاخامات في المستوطنات».