:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/6337

عن دورة «جديدة» للمجلس الوطني الفلسطيني-معتصم حمادة

2015-08-30

دعوة المجلس الوطني الفلسطيني لدورة «جديدة» لها متطلباتها السياسية والتنظيمية والوطنية، وأي عبث خارج هذه المتطلبات سيلحق الضرر الفادح بالصف الوطني.
الدعوة لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني حاجة سياسية وطنية ملحة، باعتبار المجلس الهيئة السياسية والتشريعية العليا، التي توحد الشعب الفلسطيني، وترسم له، عند المحطات القانونية لانعقاده، خطط العمل الكفاحي، من أجل تحقيق أهدافنا الوطنية في الحرية والاستقلال والسيادة والعودة.
الحوارات الوطنية التي جرت في القاهرة، منذ العام 2005 وحتى العام 2013، أكدت على أهمية انعقاد هذه الهيئة، وضرورة إعادة الحياة لها، إطاراً توحيدياً، بعد ما تمّ الزج بها في ألاعيب وخطط أوسلو، في العام 1996، وتمّ إغراقها بالمئات من الأعضاء، في عملية تحشيد مفتعلة، اندرجت آنذاك في إطار المعركة السياسية المحتدمة بين فريق أوسلو، والتيارات الوطنية والتقدمية والديمقراطية المعارضة للاتفاق، والمتمسكة بالبرنامج الوطني الموحد، كبديل، جرى التوافق عليه عبر سنوات طوال من النضال المشترك ضد الاحتلال ودفاعاً عن الشعب والثورة والوطن.
وبالتالي، وعندما تم التوافق في الحوارات الوطنية على ضرورة انعقاد المجلس الوطني، إنما ولدت الدعوة في أجواء ترى في عملية الانعقاد، تجديداً للمؤسسة، وتخليصاً لها مما علق بها من أدران أوسلو وأمراضه وعيوبه، وإعادتها إلى موقعها الأصلي، باعتبارها أداة وحدة وتوحيد، وإطاراً جامعاً لكل الفلسطينيين، بغض النظر عن خلفياتهم الفكرية والأيديولوجية، وبغض النظر عن رؤيتهم الخاصة، ما داموا قد توافقوا على البرنامج النضالي الكفاحي، كما صاغته وثيقة الوفاق الوطني في غزة في 26/6/2006، ورسمت له آليات ومحاولات وميادين تحقيقه، بما في ذلك اللجؤ إلى كل أشكال المقاومة الشعبية منها والمسلحة، لطرد الاحتلال، ورحيل المستوطنين، واستعادة كل شبر من الأرض الفلسطينية المحتلة في عدوان 1967.
* * *
وعملاً بالتقاليد الوطنية التي أرستها سياسات الوفاق الوطني، اعتبرت القيادة الفلسطينية المؤقتة [الإطار القيادي المؤقت المعني بتفعيل م.ت.ف، وإعادة بناء مؤسساتها]، هي اللجنة التحضيرية المعنية بوضع الإجراءات الضرورية لانعقاد المجلس الوطني. وهي الهيئة التي تضم، كما معروف، رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية، ورئيس المجلس الوطني، والأمناء العامين بما في ذلك حركتا حماس والجهاد، وشخصيات مستقلة.
والأهم من هذا كله أن التوافق استقر على ضرورة تجاوز صيغة المحاصصة [الكوتا] المقيتة، التي ولىّ زمنها، وضرورة الذهاب إلى تشكيل المجلس الوطني الجديد عبر الانتخابات الديمقراطية، وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، في الداخل، والخارج، وحيث أمكن، وتوفير حلول متوافق عليها لتمثيل المناطق التي يصعب أو يتعذر تنظم الانتخابات فيها، لسبب أو لآخر. واعتبرت الانتخابات هي المدخل الإجباري للوصول إلى التجديد، وللوصول إلى العلاقات الديمقراطية المتكافئة، القائمة على العدالة في التمثيل وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، وبحيث يحتل كل فريق [حزبي أو فصائلي، أو مستقل]، الحصة التي يستحقها كما اسفرت عنها نتائج الانتخابات. كذلك اعتبر التوافق على البرنامج السياسي الموحدَّ والموحدِّ، مدخلاً آخر، نحو استعادة الوحدة الداخلية، الوحدة السياسية التوافقية، إلى جانب الوحدة التنظيمية القائمة على الأسس الديمقراطية. وحدة تمّ التوصل إليها في محطة الحوار الوطني في غزة (26/6/2006). وأعيد التأكيد عليها في دورة المجلس المركزي في آذار (مارس) 2015. وعلى هذه القاعدة، يتم انتخاب مجلس وطني جديد، يتولى بدوره انتخاب لجنة تنفيذية جديدة [دوماً خارج المحاصصة]، ولجانه المختصة، لتشكل أداة الرقابة الشعبية على الأداء السياسي للجنة التنفيذية ودوائرها المختلفة باعتبارها القيادة السياسية اليومية للشعب الفلسطيني والمرجعية السياسية العليا لحكومة السلطة الفلسطينية، وبما يعيد التوازن إلى العلاقة بين الهيئات والمؤسسات، ويعيد الاعتبار الشعبي، والسياسي لمنظمة التحرير ولجنتها التنفيذية ومجلسها الوطني.
* * *
الاستحقاقات السياسية المقبلة على الحالة الفلسطينية عديدة، وشديدة الخطورة، ومن العبث أن يتم التعامل معها باستخفاف، ودون الجدية المطلوبة.
والشرط الأهم لمواجهة هذه الاستحقاقات بالجدية المطلوبة هو تنظيم الصف الوطني الفلسطيني، بدءاً من بذل الجهد الضروري لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الداخلية، وإعادة بناء المؤسسة الفلسطينية التشريعية [المجلس الوطني] والتنفيذية [اللجنة التنفيذية ودوائرها]، على أسس ديمقراطية توحيدية.
الفشل في الوصول حتى الآن إلى إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية، لا يكون الرد عليه برسم سياسات تسهم أكثر فأكثر في التشظي والشرذمة والتفتيت واضعاف الشرعية، وتعريضها لسهام التشكيك ومساءلة رجال القانون. بل يكون بإبداء المزيد من الحرص على الوحدة الداخلية وتجنب كل ما من شأنه توفير الذرائع للتيارات الانقسامية لتوغل في انقسامها، مبررة لنفسها ما تفعله وكأنه رد على سياسات معاكسة. كذلك لا يبدو حكيماً، وليس مفيداً ، ولا يخدم المصلحة الوطنية، العبث بالصف الداخلي، بدءاً من اللجنة التنفيذية، وصولاً إلى المجلس الوطني، وليس مفيداً ولا حكيماً، ولا يخدم المصلحة الوطنية إغراق الحالة الفلسطينية في خلافات، تبدو مفتعلة، ولا ضرورة لها، على حساب التحضير لمواجهة الاستحقاقات.
• استحقاقات تنفيذ قرارات المجلس المركزي، في آذار (مارس) الماضي، بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، ومقاطعة الاقتصاد الإسرائيلي، وتفعيل الشكاوي لدى محكمة الجنايات الدولية، وتصعيد المقاومة الشعبية.
• استحقاقات مواجهة التوسع الاستيطاني، في القدس، وفي أنحاء الضفة الفلسطينية.
• استحقاقات مواجهات الحركات الاستيطانية الداعشية الأصولية وعصاباتها وأعمالها العدوانية ضد الشعب في الضفة والقدس.
• استحقاقات تراكم خطوات سياسة الانفصال في قطاع غزة بتشجيع من أوساط أوروبية وغربية، بهدف ضرب المشروع الوطني الفلسطيني.
• استحقاقات مواجهة التطاول على حق العودة.
• استحقاقات دعم صمود اللاجئين في سوريا وتجاوز الأزمات العاصفة بمخيماتهم في لبنان.
لذلك نرى أن الذين فتحوا باب العبث بالوضع القيادي في م.ت.ف، عليهم أن يستدركوا، وأن يعيدوا إغلاق هذا الباب، وأن يستدير الجميع نحو وضع خطط مجابهة الاستحقاقات الخطيرة.
هنا القضية المركزية... هنا علينا أن نوحد الصفوف.