ثلاثة شهداء خلال اقتحام جنين ورابع في مواجهات عابود
استشهد أربعة مواطنين بينهم فتى وأصيب آخرون بجروح، أحدهم جروحه خطيرة، خلال عملية اقتحام شنتها قوات الاحتلال في مدينة جنين ومخيمها، وفي مواجهات شهدتها بلدة عابود.
فقد اغتالت قوات الاحتلال، فجر أمس، ثلاثة مواطنين من مدينة ومخيم جنين وبلدة قباطية جنوباً، خلال عملية اقتحام واسعة النطاق شنتها في المدينة ومشارف المخيم، وسط اشتباكات مسلحة وصفت بالعنيفة.
وأعلنت وزارة الصحة، استشهاد المواطنَين صدقي صديق زكارنة (29 عاماً) من الحي الشرقي في المدينة، وطارق فوزي الدمج (29 عاماً) من المخيم، وعطا ياسين محمود الشلبي (46 عاماً) من بلدة قباطية جنوباً، برصاص الاحتلال، وإصابة عدد من المواطنين.
وقالت مصادر محلية، إن قوات خاصة إسرائيلية تسللت إلى المدينة ومشارف مخيمها، ونشرت وحدات "القناصة" على أسطح البنايات، وأطلقت النار على المارة في الشوارع، فيما دفعت قوات الاحتلال بعشرات الآليات العسكرية ترافقها جرافتان ورافعة عسكرية إلى موقع الاشتباكات.
وأكد شهود عيان، أن قوات الاحتلال تعمدت إطلاق النار على مركبة إسعاف خلال محاولتها انتشال جثمان أحد الشهداء، واخترقت إحدى الرصاصات زجاج المركبة الأمامي.
روايات شهود عيان
وقال المواطن غسان السعدي، إنه كان يسير بمركبته خلف سيارة الإسعاف، وأضاف: "عندما وصلنا قرب الدوار الرئيس في المدينة، لاحظنا وجود شهيدين على الأرض، فحاولنا مع طاقم الإسعاف سحب أحدهما، فيما لم نتمكن من إنقاذ الآخر جراء كثافة نيران الجنود المقتحمين".
وأضاف السعدي: "حاول شبان آخرون كانوا بالجوار انتشال جثمان الشهيد الثالث، إلا أن قوة من الجيش سارعت لمنعهم خلال انسحابها من إحدى العمارات السكنية".
ومضى يقول: "جاءت سيارة الإسعاف وحملت أحد الشبان وتقدمت لمساعدتهم، وأثناء ذلك أطلق القناصة النار على شاب ثالث فارتقى شهيداً أمامنا".
وتابع: "غادرت مع الإسعاف وعدت وحدي لأنتشل جثمان الشاب لكنني لم أستطع، جاءت مدرعات وأمرني أحد الجنود بمغادرة المنطقة، فغادرت، ومن ثم أخذت المدرعات القناصة المنتشرين وغادرت المكان، وتمكنّا من انتشال الشهيد".
وفي روايته لـ"الأيام"، قال السعدي: "عند الرابعة فجراً، جرى تداول أنباء عن وجود قوات خاصة، فخرجت من منزلي باتجاه البلدة القديمة في جنين، ولم يكن هناك أي وجود لجيش الاحتلال، وكانت حركة المواطنين طبيعية كالعادة في مثل هذه الساعة حيث يتوجه الناس الى أعمالهم، وعلى بعد عشرات الأمتار من المكان الذي وصلته سمعت صوت إطلاق نار من طرف واحد، وكانت هناك سيارة إسعاف وصلت بعد دقائق إلى المكان سرت خلفها لتقديم أي مساعدة، فوجدنا شابين على الأرض، ورأساهما مهشمان جراء إطلاق النار عليهما".
وأضاف: "لم نشاهد أي سلاح من أي نوع مع الشابين، ولم يكن في المكان أي مواجهات، والمكان بعيد عن مخيم جنين حيث وقعت اشتباكات مع الجيش، ومن الواضح ان الشابين كانا متجهين الى عملهما، حيث أنهما كانا ينتعلان حفايات وليس أحذية تلائم المشاركة في أي مواجهة".
وأشار إلى أنه أثناء وضع الشهيد الأول على الحمالة لنقله بالإسعاف، حدث إطلاق نار كثيف، ما أحدث إرباكاً أثناء إخلاء الشهيد، ليتبين لاحقاً أن إطلاق النار استهدف شاباً آخر تبين أنه الشهيد الشلبي وهو عامل من قباطية استهدفه قناصة يتمركزون في إحدى البنايات المجاورة.
وقال السعدي: "أؤكد بشكل قاطع أن المكان الذي استُشهد فيه الشبان الثلاثة لم يشهد أي مواجهات، وليس بينهم أي مطلوب، ولم يكن أي منهم مسلحاً، وما جرى هو جريمة قتل لمجرد القتل".
من جهته، قال أشرف أبو الراكز: "شاهدنا اقتحاماً كبيراً لقوات الاحتلال لم نشهده من قبل، حين حاولت جرافة الدخول إلى المخيم من جهة دوار العودة في المنطقة الغربية، إلا أن المقاومين تمكنوا من تفجير عبوة ناسفة عطلت تقدمها، وبعد إعطاب الجرافة، تقدم جيب عسكري وبدأ الجنود بإطلاق النار والمتفجرات نحو المنازل، حيث تضرر أحدها بشكل كبير، كانت تسكنه سيدة مع أطفالها".
وأشار أبو الراكز، إلى أن عدداً من الجيران بادروا رغم الخطر إلى نقل تلك الأسرة إلى منزل مجاور لتأمينها من النيران بعد أن تضررت خمسة منازل أخرى بالجوار.
وروى شهود عيان، أن قوات الاحتلال أعدمت الشهيد الشلبي أثناء توجهه إلى مكان عمله داخل الخط الأخضر، عندما حاول إسعاف الشهيد زكارنة الذي استهدفه قناصة عند الدوار الرئيس في المدينة في منطقة الرأس، وأطلقوا النار بشكل مباشر على سيارة إسعاف كانت تحاول نقل أحد المصابين، ونجا سائقها وطاقمها من موت كان محققاً.
واعتقلت قوات الاحتلال، باجس محمود الكايد من جنين، وأحمد طاهر جرادات، وخالد مصباح أبو الهيجاء، وأشرف البدوي من المخيم، ودهمت مديرية الثقافة بعد أن فجرت بابها الرئيس وخربت بعض الأعمال الفنية والكتب فيها.
وبعد انسحاب قوات الاحتلال، انطلقت مسيرة حاشدة من أمام مستشفى "ابن سينا"، حمل المشاركون فيها جثامين الشهداء، وجابوا شوارع مدينة جنين ومخيمها، ورددوا الهتافات المنددة بجرائم الاحتلال، فيما أعلنت القوى الوطنية والإسلامية في محافظة جنين، الإضراب الشامل.
وفي وقت لاحق، شيعت جماهير غفيرة، جثامين الشهداء الثلاثة إلى مثواهم الأخير، حيث انطلقت مسيرة التشييع من أمام مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان، وجاب المشاركون فيها شوارع المدينة وهم يحملون الجثامين على الأكتاف، وسط هتافات منددة بجرائم الاحتلال.
وتوقف المشيعون، وسط المدينة قبل أن يتم نقل جثامين الشهداء زكارنة إلى مقبرة الحي الشرقي، والدمج إلى مقبرة شهداء ملحمة نيسان في المخيم، والشلبي إلى مسقط رأسه في بلدة قباطية حيث ووريت الجثامين الثرى، وتحولت مسيرات تشييعهم إلى مهرجانات تأبين.
شهيد من بيت ريما في عابود
وفي بلدة عابود، شمال غربي رام الله، استشهد فتى من بلدة بيت ريما وأصيب أربعة آخرون بجروح.
وأكدت مصادر محلية لـ"الأيام"، استشهاد الفتى الريماوي، وإصابة صديقه هاشم حيدر (17 عاماً) بجروح خطيرة، حيث جرى اعتقاله ونقله إلى أحد المستشفيات داخل الخط الأخضر، بينما أصيب ثلاثة فتية آخرون بجراح.
وأعلنت وزارة الصحة، عن استشهاد الفتى الريماوي، جراء إصابته برصاصتين، الأولى خرجت من جهة الظهر، بينما الثانية خرجت من البطن.
وكانت هيئة الشؤون المدنية، أكدت في وقت سابق استشهاد مواطن دون أن تحدد هويته، وإصابة آخر بجراح خطيرة قرب عابود، قبل أن تعلن في وقت لاحق عن استلام جثمان الشهيد، ونقله إلى مجمع فلسطين الطبي.
وأشار رئيس بلدية بني زيد الغربية كايد الريماوي، إلى أن قوات الاحتلال استهدفت خمسة فتية، أربعة منهم من بيت ريما، والخامس من عابود.
وروى أنه قرابة الساعة الرابعة والنصف مساء، وقعت مواجهات محدودة في المنطقة، وتحديداً عندما قام مستوطن بإطلاق النار باتجاه الفتية، دون أن يصاب أحد بأذى، قبل أن تتدخل قوات احتلالية كانت على مقربة من المكان، وتطلق النار باتجاه الفتية.
وأوضح أن الفتى الريماوي وهو أكبر أشقائه استشهد على الفور، وجرى احتجاز جثمانه نحو ساعة، قبل أن يتم تسليمه لهيئة الشؤون المدنية، بينما أصيب الفتى حيدر بجروح خطيرة، وجرى اعتقاله، ونقله لمستشفى في الداخل.
وأشار إلى أن إصابة الفتى "م.ر" ويبلغ من العمر 18 عاماً من بيت ريما بالرصاص، وجرى نقله إلى مجمع فلسطين الطبي ووصفت إصابته بـ "المتوسطة"، بينما نقل المصاب "ع.ر" وهو من بيت ريما إلى المستشفى الاستشاري في رام الله، ووصفت إصابته بـ "المستقرة"، لافتاً بالمقابل، إلى أن المصاب الأخير من عابود، أصيب بجروح طفيفة وغادر المستشفى.
ولفت إلى أن تشييع جثمان الشهيد الريماوي، سيتم بعد أداء صلاة الجمعة اليوم، حيث سيتم نقله بداية إلى منزل العائلة لإلقاء النظرة الأخيرة عليه، تمهيداً لأداء صلاة الجنازة على روحه الطاهرة، ثم مواراته الثرى في مقبرة بيت ريما.
وقالت مصادر محلية إن الشهيد طالب في الصف الحادي عشر في مدرسة ذكور بشير البرغوثي الثانوية ببيت ريما.