:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/6740

حواتمة في حديث شامل خص به«الشروق» التونسية

2015-11-05

أكد الدكتور نايف حواتمة، الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن الأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية أصبحت على وشك الانفجار، مشيرا إلى وجود توجه فلسطيني خلال المرحلة القادمة نحو انتزاع اعتراف دولي بدولة فلسطينية كاملة العضوية.
وتطرق حواتمة في حديث خصّ به «الشروق» التونسية إلى الأزمة السورية مشيرا إلى أن التدخّل الروسي أحبط مخطّطا أمريكيا خطيرا في دمشق..
وفي ما يلي نص الحوار:
في ذكرى وعد بلفور التي تحلّ هذه الأيام، كيف يبدو الوضع الفلسطيني اليوم، من وجهة نظرك دكتور، في ظل استمرار الانقسام والتشرذم الداخلي وتصعيد حرب الاستيطان والإبادة الإسرائيلية.. ألسنا اليوم إزاء «بلفور جديد» في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
- حدث تطور كبير ممثل في انطلاق الانتفاضة الشبابية من طلاب الجامعات والثانويات وعمال والبطالة والفقر والجوع، هؤلاء جميعا سيمثلون انتفاضة الشباب في تونس ومصر لإنجاز قضايا المجتمع وتحت رايات الخبز والكرامة والديمقراطية التعددية والدولة المدنية والمساواة بين المرأة والرجل والعدالة الاجتماعية... تلك الانتفاضات الشبابية تحوّلت إلى ثورات شعبية أدت إلى إسقاط الثوابت العليا لنظام الاستبداد لفتح الطريق نحو هذه المبادئ، وعندما تمت محاصرة الموجة الثورية الأولى في بعض البلدان العربية جاءت الموجة الثورية الثانية... إلا أن الشباب في فلسطين يستلهمون هذا كله وبجانب هذه المبادئ يرفع الشباب رايات الحرية والاستقلال لا للاحتلال والاستيطان، لا للمفاوضات بعد 22 عاما من الفشل. نعم، لحقوق الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية المستقلة وحل مشكلة اللاجئين وفق القرار 194 هذه الانتفاضة الشبابية دخلت الآن أسبوعها الخامس... تتوسع ولكن لم تتحول بعد إلى انتفاضة شعبية شاملة بينما في تونس ومصر تحوّلت منذ أيامها الأولى إلى ثورة شاملة وعندما تعثرت هذه الانتفاضة الشعبية الشاملة على يد القوة القديمة والإخوان، جاءت موجة ثورية ثانية تحت برنامج ثورة 25 يناير في مصر وثانية بتونس لوضع حد لسياسة الاحتكار على يد «الترويكا» وتوجه النهضة تحديدا إلى محاولة إحكام القبضة على مفاصل الدولة التونسية.
عندنا الوضع أكثر تعقيدا.. احتلال لكامل الأراضي الفلسطينية عام 1967 وتوسّع الاستيطان وكمثال عندنا اتفاق أوسلو كان مجموع المستوطنين 97 ألفا، الآن عندنا 350 ألف مستوطن إسرائيلي في القدس و450 ألفا في الضفة أي 800 ألف، هذا كله يؤشر للشباب على مخاطر تفتيت الأرض الفلسطينية وتحويلها إلى أجزاء منفصلة بفعل المستوطنات وكل ذلك ضمن مخطط منع قيام دولة فلسطينية على حدود 4 جوان 1967 وضم كل القدس العربية لدولة إسرائيل وإقامة جدران عالية لمنع اللاجئين في حقهم في العودة طبقا للقرار الأممي 194 وفضلا عن ذلك المصاعب الاقتصادية وغياب العدالة الاجتماعية وانقسام مدمّر بين فتح وحماس، كل هذا يشكل الدوافع للانتفاضة الجارية الآن وفق الرايات التي ذكرنا...
أنتم في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، كيف تعاطيتم مع هذه الانتفاضة... وأي دور لعبته الجبهة في هذا الخصوص؟
- الآن في الأراضي المحتلة مؤشرات على محاولات تطويق الانتفاضة الشبابية وإجهاضها تحت عناوين الهدوء مقابل الهدوء... لا للتصعيد ولا للعنف بينما الاحتلال واستعمار الاستيطان هو العنف الكامل، والإرهاب المنظم، وليس انتفاضة شباب وسلاح بدائي، السكاكين.
ولذلك نقول لا لهذه المحاولات فهي وليدة ضغوط أمريكية وإسرائيلية، وعلينا العمل من أجل تطوير الانتفاضة لكي تتحول من حالة عفوية إلى حالة منظمة.
لقد دعونا إلى تشكيل قيادتها الشبابية ودعوت إلى قيادة وطنية موحدة شاملة لكل الفصائل والكتلة الشبابية على أن تكون لها ثقل مقرّر لحماية الانتفاضة والماهية في تطويرها إلى انتفاضة شعبية شاملة من أجل حقوقنا الوطنية وتدويلها وإسقاط الانقسام وإعادة إحياء الوحدة الوطنية.
هذه المطالب والأهداف، كيف ترون فرص تحقيقها اليوم في ذكرى رحيل «أبو عمار» التي تحل هذه الأيام... وما هي خياراتكم، في هذه المرحلة؟
- بصراحة كاملة، أبو عمار شكل قيادة بارزة بجانب قيادات وزعامات أخرى بارزة وفي ذات الوقت لم ينجح أبو عمار ولم ننجح جميعا في بناء مؤسسات وطنية ائتلافية وعلى قاعدة التعددية في المكونات والتيارات ولذلك شكل رحيل «أبو عمار» فراغا كبيرا، لو تمكنا في ذلك الوقت من بناء المؤسسات الائتلافية الوطنية لما كان هناك فراغ، هذا الفراغ عبر عن نفسه فإنه لم يعد ممكنا قيادة فردية وانفرادية والمطلوب الانتقال إلى ائتلاف وحكم جماعي مبني على مؤسسات منتخبة، هذا الذي يؤدي إلى حيوية جماعية في المجتمع والتعويض عن الفراغ الذي حصل برحيل «أبو عمار» ولذلك إن الموروث عن «أبو عمار» لن يتمكن من قبضة فردية وانفرادية، الشعب على الأرض المحتلة أكثر وعيا ويطالب بالتعددية في كل مؤسسات المجتمع والسلطات التنفيذية والتشريعية بقوانين التمثيل النسبي الكامل، فنحن في مرحلة تحرر وطني ولسنا في مرحلة ما بعد الاستقلال ولذلك نحتاج إلى كل الطبقات ومكونات المجتمع داخل الوطن وخارجه للتخلص من التفتت في مؤسسات السلطة والشارع وفي موروث الاتصال لهذا الفصيل أو ذاك ولهذا القرار وذاك، والأمثلة أصبحت معروفة، انفلاتات عسكرية على يد فتح وحماس أدت إلى انقلاب حماس ووضع يدها على قطاع غزة ووقع الفصل بين غزة والضفة والنضال للتخلص من ذلك جاء على يد القوى الديمقراطية فرضت حوارا وطنيا شاملا على الجميع، أنجزنا 4 برامج لإسقاط الانقسام:
1) برنامج مارس 2005 في القاهرة
2) يونيو 2006 في غزة
3) برنامج نوفمبر 2009 في الحوار الشامل في القاهرة
4) الرابع في 4 مايو 2011 بعد اندلاع ثورة يناير 2011 وأنجزنا قانون انتخابات لكل مكونات الشعب في فبراير 2010 لكن هذا كله لم يأخذ طريقه حتى الآن للتنفيذ لسببين:
1) مصالح فئوية وطنية في حماس
2) صراع المحاور الإقليمية العربية والشرق أوسطية على النفوذ داخل الحركة الفلسطينية، مثلا محور قطر وتركيا والإخوان مع حماس وإيران مع حماس والجهاد والدول المانحة العربية والأجنبية مع سلطة عباس وفتح.
ولهذا الآن كل من قادة حماس وفتح يقولون إن الانقسام مدمر ولمصلحة إسرائيل... ولذا ندعو إلى تنفيذ برامج الإجماع الوطني لتشكيل حكومة وحدة وطنية والعودة إلى الشعب بانتخابات شاملة، نحن في مرحلة تحرّر وطني يحتاج إلى الجميع، هنا العقدة والآن اتفقنا على دورة جديدة لبحث كل هذه القضايا.
حديثكم عن صراع المحاور يحيلنا مباشرة إلى الحديث عن الملف السوري... السؤال هنا، دكتور، وأنت الذي كنت مؤخرا هناك في دمشق... ما هي قراءتكم لمسار الأزمة هناك بعد التدخل الروسي الأخير؟
- الأزمة السورية دخلت عامها الخامس، دموية متوحشة وعشرات الآلاف من القتلى وتهديم المدن وخراب الاقتصاد واستنزاف كل هذا وصل خلال هذه السنوات الخمس إلى طريق مسدود، النظام لا يستطيع أن يفرض نفسه على المعارضات السورية والمعارضات لا تستطيع ذلك وفشلت كل الجهود لحل الأزمة، الوضع وصل إلى الانسداد الكامل بينما النزيف في كل سوريا بما فيه مئات الاف القتلى والخراب الاقتصادي ولذلك لفك الانسداد وتعديل ميزان القوى على الأرض جاء التدخل الروسي المباشر هذا لأول مرة يفتح أفقا للحل السياسي لم يكن متعجلا عليه أي من فرقاء الصراع داخل سوريا، إقليميا ودوليا، الآن بدأت المحادثات لجنيف 3 بفعل ثقل التدخل الروسي ولأول مرة يبدأ على المائدة الدولية مشاركة روسيا والولايات المتحدة وطهران وكل هذا في إطار شيء من التوازن السياسي بعد أن حقق التدخل الروسي توزانا على الأرض وللتو جرى توسيع الرباعية الدولية بدخول إيران وكذلك مصر والأردن ولبنان وجيران سوريا وشكل مائدة حوار من 17 دولة ستسعى إلى طريق التحضير لحل سياسي للأزمة السورية.
الأمريكان لم يكونوا متعجلين على إنهاء الأزمة السورية وكانوا يصرون على إنهاء الأزمة السورية دون مشاركة روسيا وبعد الانتهاء من ظواهر داعش في العراق سينتقلون إلى سوريا وكان هذا يحتاج إلى نحو 3 سنوات كانوا ينوون تشكيل قوة مسلحة سورية على غرار ما حدث في العراق حين استقدمت أمريكا أحمد الجلبي.
الآن لم يعد ممكنا بعد التدخل الروسي، التوازنات على الأرض ستؤدي إلى توازنات سياسية، الآن فتح أفق أسقط البرنامج الأمريكي، هذا تطور جديد له طبيعة إيجابية نأمل أن ينجح لأن البديل هو مزيد من الدمار والخراب بينما سوريا لها أراض محتلة تحتاج إلى جيش سوري قوي حتى تستعيد أراضيها المحتلة بعد 5 سنوات من الاستنزاف لكل شيء في سوريا.
لكن، إذا فشل الحل السياسي الذي تشيرون إليه هنا، ما البديل في سوريا؟
إذا فشل الحل السياسي ستتواصل الحرب الأهلية داخل سوريا وما يترتب على ذلك من مآس.
وستتجه سوريا إلى التقسيم والحرب الإقليمية والدولية الدائرة في سوريا.
أجريتم لقاءات وكان بعضها مع كل من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ووزير الخارجية الطيب البكوش.. ما هي عناوين هذه اللقاءات ونتائجها؟
- العلاقات بين القيادة الجديدة في تونس والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين علاقات تاريخية وتعمقت بعد ثورة 14 يناير 2011.
أجريت مباحثات متعددة عبر السنوات 2011 حتى مع هذه القيادات، تم عقد الحوار والمباحثات مع السيد الباجي قائد السبسي والعلاقة بيننا عمرها عشرات السنين ومع السيد وزير الخارجية الطيب البكوش وسنلتقي بالجميع في المباحثات التي تمت اليوم، الرئيس أكد أن التحولات الديمقراطية ستتسع وتأخذ مجراها وأشار إلى الصعوبات الكبرى الاقتصادية والاجتماعية ولا توجد حلول سريعة للبطالة والأوضاع الاجتماعية نحاول حل عدد من المشكلات الاقتصادية بقروض خارجية من أجل التنمية... أيضا أشار إلى الأزمات حول تونس بفعل أعمال إسلام سياسي.
وكل هذا يضعنا أمام تكاليف مادية جديدة، تكلم عن الوضع الفلسطيني في ظل حالة الأنظمة العربية وأكد أن تونس تقف مع فلسطين ودولة فلسطين على حدود 67 وحل مشكلة اللاجئين، تكلمت عن الظاهرة الجديدة الانتفاضة السنية تحت رايات الحرية والاستقرار وترتيب البيت الفلسطيني وأشرت إلى التدارس الجاري الآن بين كل الفصائل الفلسطينية والذي جرى يوم السبت مع «أبو مازن» أن الانتفاضة وفشل المفاوضات يدفع نحو قرارات دولية جديدة وقرارات جديدة لترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وفي مقدمة مشروع قرار جديد للأمم المتحدة من أجل الاعتراف بدولة فلسطين دولة كاملة العضوية وليس فقط دولة مراقبة باعتراف الأمم المتحدة عام 2012، دولة كاملة تحت الاحتلال.. تترتب عليها دعوة الأمم المتحدة لتخليص الشعب من الاحتلال وإرسال قوات دولية وبرنامج أممي لمعاقبة الاحتلال الإسرائيلي والتوسعي الاستعماري... وهذا يؤدي إلى نتيجة أخرى دولة تحت حماية الأمم المتحدة وهنا علينا إعادة النظر في وضع السلطة الفلسطينية لأنها سلطة دون سلطة والاحتلال دون كلفة وبالتالي ينعقد مجلسا وطنيا فلسطينيا بدورة جديدة للدفع نحو اتحاد هذه القرارات الدولية وترتيب البيت الفلسطيني الداخلي أي دولة تحت الاحتلال بمثابة حكومة مؤقتة لكل الشعب في الداخل والخارج وندعو إلى انتخاب برلمان جديد.