:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/68972

المعارك العنيفة لم تتوقف في السودان وطوابير طويلة للحصول على الخبز والوقود

2023-04-19

تواصلت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، مساء امس، لتدخل يومها الرابع، على الرّغم من هدنة بوساطة دولية كان يفترض أن يلتزم بها الطرفان لمدة 24 ساعة اعتباراً من المساء لكنّهما لم يفعلا بدليل استمرار دويّ الانفجارات وأزيز الرصاص، ولا سيّما في العاصمة الخرطوم.
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت على تويتر، صباح امس، "الموافقة من جانبها" على مقترح دولي بالالتزام بهدنة إنسانية لمدة 24 ساعة اعتباراً من عصر امس، في الساعة 16:00 ت.غ، لكنّ الجيش قال في تغريدة، إنه "لا علم له" بأي هدنة.
ومساء امس، أكّد الجيش في بيان أنّه "تمّ عرض مقترح هدنة من أطراف دولية لمدة 24 ساعة للنواحي الإنسانية وافقت عليها القوات المسلّحة، إلا أنّ ميليشيا التمرّد لم تلتزم بها ولم تتوقف مناوشاتهم" ولا سيّما في محيط القيادة العامة للقوات المسلّحة ومطار الخرطوم.
وتردد دوي إطلاق كثيف للنيران في خلفية بث مباشر لقنوات تلفزيونية عربية من الخرطوم بعد دقائق من السادسة مساء بالتوقيت المحلي (16:00 بتوقيت غرينتش)، وهو التوقيت المتفق عليه لبدء سريان وقف إطلاق النار.
وكانت الطائرات الحربية تحلق في سماء الخرطوم وسمع مراسل لرويترز دوي نيران دبابات بعد وقت قصير من بدء الهدنة، وقال أحد السكان لرويترز، إنه سمع ضربة جوية في أم درمان، على الضفة الأخرى للنيل المواجهة للخرطوم. وأفاد العديد من الشهود بأن قوة برية كبيرة تابعة للجيش دخلت المدينة من الشرق.
وأصدر الجيش وقوات الدعم السريع بيانين تبادلا فيهما الاتهامات بعدم احترام وقف إطلاق النار. وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة، إنها ستواصل عملياتها لتأمين العاصمة والمناطق الأخرى.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحافيين، امس، "حتى، الآن، يتواصل القتال في السودان بما في ذلك الخرطوم ومواقع أخرى مختلفة .. لا يوجد مؤشر على تراجع حقيقي للقتال".
ويشتدّ القتال بين الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للسودان منذ انقلاب العام 2021 من جهة، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه الجنرال محمد حمدان دقلو. وتشهد العاصمة بشكل خاص حالة من الفوضى، رغم النداءات الدولية الملحّة لوقف المعارك التي أوقعت حتى الآن قرابة 200 قتيل.
وقالت نقابة أطباء السودان، امس، إنّه تمّ "قصف مستشفى الشعب بالطيران"، موضحة أنّ القصف أصاب "المبنى الإداري ومبنى الحوادث وصهريج المياه وسكن الممرضات بمستشفى ابن سينا الجامعي".
وأضافت، إنّه "تم الاعتداء علي العديد من المرافق الصحية في العاصمة الخرطوم والأقاليم وخروج بعضها من الخدمة وإغلاق البعض الآخر".
وأفاد شهود بأنّ شاحنات تحمل مدافع مضادّة للطائرات - تتمركز في مناطق سكنية في الخرطوم - تمّ تزويدها بذخائر جديدة، امس.
ولم تؤت النداءات الدولية بتوقف القتال ثمارها، تماماً كما حصل مع كلّ الاتصالات الدبلوماسية التي أجريت بطرفي النزاع منذ اندلاعه.
وأكّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنّه أجرى محادثات مع الجنرالَين السودانيَين حيث "شدد على الحاجة الملحة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار".
كما أكّد بلينكن تعرّض موكب دبلوماسي أميركي في السودان لإطلاق نار، الاثنين، من دون إصابات، فيما وصفه بالعمل "المتهور".
وفي حادث منفصل، تعرّض سفير الاتحاد الأوروبي في السودان لاعتداء في منزله في الخرطوم، الاثنين، وفق ما أعلن مسؤول الشؤون الخارجية لدى التكتل جوزيب بوريل، فيما أفادت ناطقة فرانس برس بأن الدبلوماسي "على ما يرام".
وحمّل الناطق باسم الجيش السوداني في بيان بالإنكليزية على فيسبوك قوات الدعم السريع المسؤولية عن "الاعتداءات على الدبلوماسيين"، مؤكّداً أنّ القوات المسلّحة تعمل على "تأمين مقار إقامتهم منعاً من وقوع اعتداءات جديدة.
وفي نيويورك، قالت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توما غرينفيلد، إنه "ستكون هناك محاسبة، ولا بدّ من ذلك، لأيّ طرف - بمن في ذلك الجيش واللاعبون السياسيون - الذين يحاولون تأجيل أو تعطيل التقدم نحو الديمقراطية في السودان".
ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية الأطراف المتنازعة إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
وأكّد رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر فريد أيوار أنّه "لدينا سيارات إسعاف وأفراد قادرون على تقديم الإسعافات الأولية والدعم النفسي والاجتماعي، ولكن هذا لن يكون ممكناً إلا بضمان الممرّات الإنسانية".
بدوره، أكّد المدير العام لمنظمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس أنّ "الإمدادات التي وزّعتها منظمة الصحة العالمية على المرافق الصحية قبل التصعيد الأخير للنزاع نفدت، الآن".
وأضاف، "هناك تقارير مثيرة للقلق عن تعرّض بعض المرافق الصحية لأعمال نهب واستخدام مرافق أخرى لأغراض عسكرية. كما وردت تقارير عن أنّ بعض المستشفيات أغلقت بالفعل أو على وشك الإغلاق بسبب الهجمات ونقص الكوادر البشرية والإمدادات الطبية".
ويشير محلّلون إلى أنّ القتال الدائر في عاصمة الدولة التي تعاني منذ مدة طويلة من عدم الاستقرار، غير مسبوق وقد يطول أمده، رغم الدعوات لوقف إطلاق النار وتكثيف النشاط الدبلوماسي.
ويقضي سكان الخرطوم الذين يعيشون حالة ذعر آخر أيام رمضان وهم يشاهدون من نوافذهم الدبّابات تجوب الشوارع بينما تهتزّ المباني ويتصاعد الدخان نتيجة الحرائق التي تسبّبت بها المعارك.
ويجد الأشخاص المضطرون لمغادرة منازلهم أنفسهم وسط طوابير طويلة للحصول على الخبز والوقود في المتاجر والمحطات التي ما زالت تفتح أبوابها، في ظلّ انقطاع للكهرباء.
وفيما تحذّر محلات البقالة التي ما زالت مفتوحة من أنّ ما لديها من بضائع سينفد بسرعة، بدأ رجال ونساء يحملون أكياسا كبيرة بمغادرة العاصمة إلى حيث لا توجد معارك في المناطق المتاخمة للعاصمة جنوبا.
وقال رئيس بعثة الأمم المتّحدة في السودان فولكر بيرثيس، إن 185 شخصا على الأقل قُتلوا في المعارك حتى الآن فيما أصيب 1800 بجروح.
ولم تعلن أيّ جهة حصيلة للضحايا المحتملين من الجيش وقوات الدعم السريع.
وكان ثلاثة من موظفي برنامج الأغذية العالمي من بين الأشخاص الذين قتلوا، السبت، في دارفور، حيث تم نهب موارد طبية وغير ذلك تابعة لمجموعات إغاثة، بحسب ما ذكرت منظمتا "أنقذوا الأطفال" وأطباء بلا حدود.
وعلّقت عدة منظمات عملياتها مؤقتا في البلاد حيث يحتاج ثلث السكان إلى المساعدات.
وأعلنت مصر أنّها ناقشت مع السعودية وجنوب السودان وجيبوتي الحاجة لبذل الجهود من أجل المحافظة على الاستقرار.
وبينما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طرفي النزاع للعودة إلى طاولة المفاوضات، قال، إنه يعمل في الأثناء على إعادة قوة مصرية "رمزية للتدريب المشترك" احتجزت قوات الدعم السريع عناصرها في قاعدة جوية، السبت.
ولم تعد أيّ رحلات جوية لطائرات مدنية تصل إلى الخرطوم حيث أحدث القتال أضرارا في طائرات.
واندلعت المعارك بعد خلافات بين البرهان ودقلو الملقّب بـ"حميدتي" بشأن خطة دمج قوات الدعم السريع في صفوف الجيش النظامي، وهو شرط أساسي لاتفاق نهائي يهدف لطي صفحة أزمة تعيشها البلاد منذ انقلاب 2021 الذي أخرج عملية الانتقال الديمقراطي عن مسارها.
ويصرّ الطرفان على أنهما يسيطران على مواقع رئيسة تشمل المطار والقصر الرئاسي، وهو أمر لا يمكن التحقّق من صحته بشكل مستقل.
واستأنف الجيش، الإثنين، البثّ على التلفزيون الرسمي.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، امس، أن أعمال العنف التي اندلعت في السودان، يوم السبت الماضي، أسفرت عن مقتل 270 شخصا وإصابة 2600 آخرين.