:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/6914

المفتاح عند اوباما-معاريف

2015-11-28

عقد الرئيس الامريكي جورج بوش الاب في العام 1991 مؤتمر مدريد الذي شاركت فيه اسرائيل، الاردن، سوريا، لبنان ومصر وكذا وفد اردني – فلسطيني ومندوبو الولايات المتحدة، الاتحاد السوفييتي والاتحاد الاوروبي. بعد المؤتمر بدأت في واشنطن محادثات في ثلاث قنوات: اسرائيل – الاردن/الفلسطينيين، اسرائيل – سوريا واسرائيل – لبنان. وفتحت هذه الطريق لمحادثات غير رسمية بين اسرائيل وم.ت.ف .
قاد الرئيس بيل كلينتون الامور نحو اتفاقات اوسلو: اعلان المبادىء عن الاعتراف المتبادل بين اسرائيل وم.ت.ف في 1993، والاتفاق الانتقالي اوسلو في 1995. وبين هذا وذاك دفع كلينتون في 1994 للتوقيع على اتفاق السلام بين اسرائيل والاردن. في كانون الاول 2000، بعد مؤتمر كامب ديفيد وضع "مبادىء كلينتون" كأساس لمواصلة المفاوضات على التسوية الدائمة.
الرئيس جورج بوش الابن بادر الى خريطة الطريق للسلام في 2002، رسالة الرئيس في 2004 حول تغييرات الحدود التي ستكون مطلوبة كي تعكس الواقع على الارض ومؤتمر انابوليس في 2007. ورافق عملية المفاوضات المكثفة الاسرائيلية – الفلسطينية التي بدأت في اعقاب المؤتمر واستمرت نحو سنة. الرئيس براك اوباما حصل على جائزة نوبل للسلام في 2009، قبل ان تكتمل له سنة في ولايته الاولى. حتى هنا، خلافا لاسلافه الثلاثة، لم يخلف أي مرسى سياسي لمفاوضات اسرائيلية – فلسطينية أو لحوار اسرائيلي – عربي في سياق اقليمي. زيارة وزير الخارجية الامريكي الى اسرائيل والى السلطة الفلسطينية كانت الفرصة، ربما الاخيرة، لعمل ذلك: قبل سنة من الانتخابات للرئاسة في الولايات المتحدة، قبل 14 شهرا من ترك اوباما البيت الابيض في نهاية ثماني سنوات ولايته. المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين بوساطة كيري بدأت في حينه بصوت صخب عال، مع تحديد هدف طموح في شكل تسوية دائمة في غضون تسعة اشهر. وقد تقلص هذا الهدف، ولاحقا اكتفت واشنطن بامكانية صياغة ورقة امريكية. تفجير المحادثات في نيسان 2014، بدء معركة فلسطينية دبلوماسية – قانونية – اقتصادية ضد اسرائيل واشتعال العنف في الجرف الصامد لم تخلف ذكرا من جولة المفاوضات.
مع بدء المحادثات في الجولة التي قادها كيري، بمباركة الرئيس اوباما وبرعايته في تموز 2013، اوصيناه، السفير السابق دان كيرتسر وأنا، بالكف عن محاولة "تربيع الدائرة" ووضع على الطاولة صيغة امريكية مفصلة لمبادىء بموجبها تتبلور تسوية كاملة في المستقبل. على مثل هذه الصيغة أن تقدم صورة شاملة عن المواضيع الجوهرية ومعالجتها بشكل يقلص نقاط الخلاف، ويرسم رؤيا لتصميم مواصلة مسيرة المواصلات. كيري – هكذا كتبنا – لا ينبغي أن يطلب موافقة الطرفين على هذه الصيغة، بل ان يتوقع منهما ان تخدمهما المبادىء كنقطة انطلاق في المفاوضات.
رغم حقيقة انه لم يتحقق اي اتفاق في السنتين اللتين مرتا منذئذ، فان هذه الدعوة لكيري لان يعرض علنا الورقة الامريكية وفيها المبادىء التي بحثت في المحادثات التي قادها، لا تزال سارية المفعول. وسواء تحفظ عليها الطرفان أم أعرب أي منهما عن موافقته على بعضها، سيكون هذا علامة طريق سياسية للرئيس اوباما. واذا كان ثمة خطوة يمكن للرئيس الامريكي ان يقوم بها كي يدفع الى الامام واقعا مرغوبا فيه لدولتين للقوميتين بين النهر والبحر – فهذه هي الخطوة.
في غياب خطوة رئاسية كهذه، ولما كانت حكومة اسرائيل لا تتخذ اي مبادرة مستقلة لتصميم حدودها حول دولة ديمقراطية وفيها اغلبية يهودية، فمحكوم على اسرائيل استمرار الجمود السياسي، الارهاب والتدهور الى واقع الدولة ثنائية القومية. من ناحية اسرائيل، ينبغي أيضا الافتراض ان في مثل هذه الوثيقة الامريكية ستكون جيدة لها بما لا يقاس اكثر من كل مبادرة دولية اخرى، وعلى اي حال من كل مشروع قرار في مجلس الامن في الامم المتحدة، كالمسودتين الاردنية او الفرنسية. ولعل هناك بالذات يختبىء الحل الذي سيخدم كل الاطراف: لماذا لا تقدم وثيقة المبادىء من اوباما لاتفاق اسرائيلي – فلسطيني كمقترح بقرار من مجلس الامن في الامم المتحدة.