المقاومة ولا رهان على غيرها - حمادة فراعنة
2015-12-01
قبل حرب أكتوبر المصرية ضد جيش الاحتلال الإسرائيل عام 1973، خطط لها عبد الناصر، قبل رحيله عام 1970 ، عبر تزويد الجيش المصري بالمعدات والأجهزة والأسلحة المناسبة من الاتحاد السوفيتي، وعبر زياراته الميدانية لكتائب جيشه على طول جبهة قناة السويس لرفع معنويات الجنود والضباط وتأهيلهم النفسي ووضعهم في صورة تطورات الأحداث الجارية .
هدى جمال عبد الناصر ، كتبت مقالاً عن إحدى زيارات والدها الرئيس لجبهة القناة، ونشرته الأهرام يوم 25/11/2015 ، وعنوانه “ ماذا قال عبد الناصر لجنوده في نهاية حرب الأستنزاف “ نقلت فيه ومن خلاله، حرفياً ما قاله عبد الناصر لجنوده إستعداداً للمعركة المقبلة :
“ مفيش حاجة اسمها حل سلمي، الكلام اللي بينكتب في الجرايد عن الحل السلمي، واجتماع الدول الكبرى، كل ده لن تكون له نتيجة لسبب بسيط وهو أن أمريكا ما زالت تؤيد إسرائيل ، ولن تقبل أمريكا أي شيء لا ترضى به إسرائيل ، وإسرائيل لن ترضى إلا إذا سلمنا لها تسليماً كاملاً، وإحنا لا يمكن أن نسلم لها ما تريد، يبقى لازم حندخل المعركة ، وعلينا واجب، وعندنا أرض محتلة ، ولذلك حنحارب في سبيل إسترداد الأرض المحتلة بتاعتنا “ .
أسوق كلام عبد الناصر بما يجري حالياً على المشهد السياسي بعد زيارة جون كيري لفلسطين يوم 24/11/2015 ، وما قاله هناك أمام نتنياهو “ عن حق إسرائيل للدفاع عن نفسها في مواجهة الأرهاب الفلسطيني الذي تتعرض له “ ، وما قاله أمام الفسطينيين في رام الله في أن زيارته “ تستهدف التهدئة ووقف العنف “، التهدئة بين الجلاد المجرم والمحتل الإسرائيلي ، وبين الفلسطيني الضحية، ضحية إجراءات جيش الإحتلال وأجهزته، وضحية إجرام المستوطنين الذين لا يعاقبهم أحد، ضحية المشروع الاستعماري التوسعي الاحتلالي الإسرائيلي، الذي لا يُطالب أحد بإنهائه ، مع أنه أحد أهم أسباب العنف والأرهاب الذي يجتاح العالم العربي ومنه نحو أوروبا وبقية العالم ، الأرهاب الذي ضرب واشنطن في نوفمبر 2001 ، وعاد بلا انقطاع وضرب باريس في نوفمبر 2015، الأول على يد القاعدة والثاني على يد داعش التي انشقت عن القاعدة .
نتنياهو سعى لربط الكفاح الفلسطيني بالأرهاب الذي يجتاح العالم الآن، مثلما سعى شارون عام 2001 لربط هذا الكفاح بالأرهاب الذي ضرب واشنطن بالعشرية الأولى من بداية هذا القرن الواحد والعشرين .
نتنياهو يسعى لربط الكفاح الفلسطيني بالأرهاب “ الإسلامي “ ويسعى لربط معاناة “ الإسرائيليين “ بسبب شجاعة المقاومة الشبابية الرافضة للاحتلال، مع معاناة الأوروبيين من تنظيمي داعش والقاعدة، قافزاً عن حجم الخسائر والتضحيات التي دفعها العرب والمسلمين على أيدي تنظيمي القاعدة وداعش، فالعرب خسروا وسقط منهم الضحايا بسبب الأرهاب في سوريا والعراق واليمن وليبيا وتونس ومن قبلهم في الجزائر والمغرب والأردن والكويت وما جرى في لبنان وتركيا ومالي، أكثر من أي شعب آخر، وأكثر من أي شريحة إنسانية أخرى، والنضال ضد الأرهاب الجدي والحقيقي والملوس، بكل تلاوينه وتصنيفاته يتم على أيدي العرب والمسلمين أكثر من إسهامات أميركا وأوروبا بما فيها روسيا ضد الأرهاب .
أسباب الأرهاب ودوافعه لم تعد خافية على أحد وأولها ما فعله ويفعله المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي من إحتلال وتخريب ومؤامرات لا تستثني أحداً من العرب، وثانيها بقاء الأنظمة الديكتاتورية في العالم العربي والإسلامي، وإسناد أميركا وأوروبا لهذه الأنظمة الديكتاتورية ذات الشخص الواحد والعائلة والطائفة واللون الواحد ، ولولا ما تحظى به من دعم أميركي وأوروبي لما حظيت بمتعة البقاء، مثلما كان دور الدعم الأوروبي سابقاً والأميركي لاحقاً إذ لولاهما لما صمدت إسرائيل أمام الكره والرفض العربي لمشروعها التوسعي على أرض بلادنا في فلسطين وجنوب لبنان والجولان السوري المحتل .
ما قاله عبد الناصر بلهجته المصرية هو المضمون الذي يجب أن يُقال باللجهة الفلسطينية، وعلى الرغم من الفجوة الزمنية التي تصل إلى حوالي نصف قرن ، فالرؤية والسياسة والوقائع ما زالت هي هي لم تتغير، فلا أمل نحو أي تسوية غير مسنودة بالمقاومة الشعبية، ولا رهان على الأميركيين لأنهم حماة للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، ولا تغير في السياسات الإسرائيلية إذا لم يكن ثمناً مكلفاً للاحتلال، وبدون هزيمة أخلاقية لمشروع الاحتلال، لن يتحرك المجتمع الدولي، حتى يضع إسرائيل في خانة الأدانة ومن ثم العقوبة، ومن ثم العزلة، كما حصل لجنوب أفريقيا العنصرية المهزومة .