:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/70460

أيهما تحط أولا؟.. مركبتان تتسابقان نحو القمر

2023-08-11

عادت روسيا بقوة إلى السباق على القمر الذي يشهد حاليا زخما جديدا، علاوة على محاولة دول جديدة مثل الهند التي انطلقت مركبتها إلى هناك في 14 يوليو، وهذه هي الأسباب. على خلاف الرحلات الفضائية السابقة إلى قمر الأرض الوحيد التي اعتادت على النزول في منطقة القمر الاستوائية، تتوجه المركبة الفضائية الروسي "لونا – 25" إلى قطب القمر الجنوبي في مهمة تاريخية تتواصل لمدة عام.

إلى ذات المنطقة كانت انطلقت البعثة الفضائية الهندية " تشاندرايان -3" منذ منتصف يوليو الماضي، في محاولة جديدة بعد فشل مسبارها "فيكرام" خلال المهمة القمرية "تشاندرايان -2"، في الهبوط على سطح القمر وتحطمه في سبتمبر 2019.

الهند إذا نجحت هذه المرة، فستكون رابع دولة تحقق مثل هذا الإنجاز الفضائي المعقد، وتنضم إلى روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة والصين، وأيضا سنرى من سيصل أولا إلى هناك، روسيا العريقة فضائيا، أم الهند الجديدة والتي انطلقت مركبتها الفضائية قبل الروسية في 14 يوليو، ودخلت مدار القمر في نهاية الأسبوع الماضي.

من المتوقع أن تهبط المركبة الروسية القمرية "لونا – 25" على سطح القمر في الفترة ما بين 21 إلى 24 أغسطس، بالتزامن تقريبا مع المركبة القمرية الهندية.بالعلاقة مع ذلك، تستبعد وكالة الفضاء الروسية "روسكوسموس" أن تضايق المهمتان القمريتين بعضهما، لأن منطقتي الهبوط مختلفتان.

تصميم بعض الدول مركبات فضائية لرحلات تستهدف استكشاف القطب الجنوبي للقمر يعود بالدرجة الأولى إلى وجود موارد محتملة هناك، وذلك لأن الهوات العميقة والمعتمة بشكل دائم في قطب القمر الجنوبي قد تحتوي على جليد يمكن أن يستخدم لمياه الشرب ولاستخلاص الأكسجين والوقود، الأمر الذي يساعد على إرسال بعثات مأهولة لفترة طويلة في المستقبل.

السباق الدولي الجديد على القمر قال عنه مدير وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، بيل نيلسون في مؤتمر صحفي عقد يوم الثلاثاء بالمناسبة: "سنرى عدة مركبات فضائية، ربما بعضها من دول أخرى، ستهبط على القطب الجنوبي في المستقبل القريب... هناك اهتمام متجدد بالقمر بالطبع بسبب وجود إمكانات مائية. سنعود لنتعلم العيش في بيئة الفضاء السحيق لفترات طويلة من الزمن، حتى نتمكن من الذهاب إلى المريخ والعودة بأمان".

"لونا – 25" الروسية ستكون مهمتها بالدرجة الأولى البحث عن آثار المركبات العضوية والماء، وهذه المركبة مزودة بجهاز لاستخراج التربة من عمق يصل إلى 40 سم.الميزة هذه المرة تتمثل في أن تحليل التربة سيجري على الفور على متن المركبة الفضائية الروسية، ولن يتم انتظار العودة إلى الأرض لإنجاز ذلك، كما سيسمح مطياف خاص، بالكشف عن التركيب النظائري الأولي.

إضافة إلى كل ذلك، ستقوم المركبة القمرية الروسية "لونا – 25" بإجراء قياسات للخلفية الإشعاعية للنيوترونات وأشعة جاما على سطح تلك المنطقة القمرية، وسيتم دراسة مكونات البلازما والغبار.

الجدير بالذكر أن الرحلة القمرية السابقة "لونا - 24 "، والتي جرت في أغسطس 1976، نقلت إلى الأرض عمودا من التربة القمرية يبلغ طوله حوالي 160 سم وبوزن 170 غراما، إلا أن المركبة الحالية لديها مهام جديدة تماما، وتتمثل في دراسة تربة القمر والغلاف الخارجي بالقرب من القطب الجنوبي.

المسيرة القمرية الدولية كانت بدأت بالمركبة الفضائية "لونا – 1"، التي أرسلها الاتحاد السوفيتي مبكرا في اختراق تاريخي في يناير عام 1959. نجحت تلك المركبة في الوصول على السرعة الكونية والتغلب على الجاذبية الأرضية والوصول إلى سطح القمر خريف ذلك العام، وقامت من هناك لأول مرة في التاريخ بإرسال صور للجانب البعيد من القمر، فيما كان الامريكيون قد فشلوا مرارا في تلك الفترة في إطلاق مركبات "بايونير".الريادة السوفيتية للفضاء بإرسال أول قمر صناعي إلى المدار عام 1957، وإرسال يوري غاغارين، أول رائد فضاء وصل إلى الفضاء الخارجي ودار حول الأرض في عام 1961، وسوابق مماثلة دفعت الولايات المتحدة إلى حشد إمكانيات هائلة والقيام بجهود جبارة لمنافسة غريمتها، حتى أنها أعادت النظر في مناهجها الدراسية، وواصلت جهودها إلى أن تمكنت من إرسال بعثات مأهولة إلى القمر.

بعثات الأمريكيين المأهولة إلى القمر على الرغم من أن عددها وصل إلى ست ببين عامي 1969 – 1972، إلا أن أصحاب نظيرة المؤامرة بما في ذلك بعض المتخصصين في الغرب يرفضون تصديقها، ويسوقون الأدلة على أنها بعثات جرت في استوديوهات هوليوود!

على كل حال، السابق الدولي على اكتشاف الفضاء بحد ذاته محرك هام ودافع لتحشد الدول ذات العلاقة جهودها وتحقق إنجازات "يفترض أنها للإنسانية كافة"، وتصب في مصلحة الجميع، هذا من الناحية النظرية الصرفة بالطبع.

في هذا السياق تخطط الولايات المتحدة لإيصال امرأة وشخص ملون في عام 2025 إلى سطح القمر، ولأول مرة ستكون محطة الوصول في القطب الجنوبي، وربما تتزامن هذه الرحلة المستقبلية مع رحلات أخرى، بفضل السابق الدولي الفضائي السلمي.