:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/7061

أحزاب اليمين في أوروبا تزدهر وقت الأزمات

2015-12-15

لندن - أثبتت سلسلة من التجارب مؤخرا أن اليمين في الغرب يصل إلى ذروة نجاحه عندما تعج الأجواء السياسية بالأزمات، إذ حقق انتصارات متتالية في عدة دول أوروبية ليس لاقتناع الأغلبية ببرامجه السياسية، لكن في كثير من الأحيان لخوف الناخبين من المجهول.
وهذا المجهول هو أحزاب أكثر تشددا تسعى في أوروبا إلى وضع نهاية للاتحاد بين دولها، وتحارب التنوع الثقافي في المجتمع، وتحمل أيديولوجيا معادية للمسلمين وغيرهم من الثقافات الوافدة.
وفي أحيان كثيرة وجد اليسار نفسه مضطرا على مضض إلى وضع يده في يد اليمين كي يتمكنا معا من إقصاء اليمين المتطرف الذي تحول من مجموعات ضاغطة كانت تنحصر أنشطتها في التظاهر سابقا، إلى أحزاب تتمتع بشعبية واسعة وتهدد أكثر من أي وقت مضى تماسك المجتمعات الغربية المستقرة لعقود.
وتجلى هذا بالأمس حينما وجدت الجبهة الوطنية، وهي تحالف تتزعمه السياسية الفرنسية مارين لوبان، نفسها خالية الوفاض بعد انتهاء المرحلة الثانية من انتخابات المناطق، حيث فازت الجبهة التي تروج لخطاب متطرف باكتساح في مرحلتها الأولى.
وحدث ذلك بعدما لجأ الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي ينتمي إليه الرئيس فرانسوا هولاند إلى تصويت تكتيكي سحب بموجبه مرشحيه من الجولة الثانية في شرق فرنسا ليكثف مساعيه لفرض “حصار” انتخابي على اليمين المتطرف، بعدما حل حينئذ في المركز الثالث.
وأعاد هذا الإجراء زعيم المعارضة اليمينية الرئيس السابق نيكولا ساركوزي مرة أخرى إلى الواجهة.
وكانت الجبهة الوطنية بزعامة لوبان تقدم نفسها للناخبين الفرنسيين باعتبارها الضامن لإنهاء مشكلات فرنسا، لكنها حرصت طوال الوقت على تغليف خطابها بطابع عنصري.
وكما في دول أوروبية عدة، يتبنى اليمين المتطرف في فرنسا أجندة انفصالية عن الاتحاد الأوروبي، كما يعادي بشدة العملة الموحدة واستقبال المزيد من اللاجئين المسلمين، خصوصا بعد مقتل 130 شخصا في باريس الشهر الماضي إثر هجمات أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن ارتكابها.
وقادت نفس اللهجة التي تبناها في الانتخابات العامة في بريطانيا حزب الاستقلال اليميني المتطرف إلى اكتساح حزب المحافظين للانتخابات وتمكنه منفردا من تشكيل الحكومة بقيادة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
ويعني ذلك انزواء الأحزاب اليسارية مؤقتا وتركز الصراع بين اليمين واليمين الأكثر تطرفا.
وعلق زعماء أوروبيون على خطر صعود اليمين. وإلى جانب المخاوف التي عبرت عنها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حذر هولاند من “خطر” شعبية اليمين المتطرف المتزايدة في فرنسا، فيما قال الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو إنه “لا خطر أكبر على إيطاليا من الدعوات التي تريد انفصال البلد عن الاتحاد الأوروبي”.
لكن لم توقف هذه التحذيرات تقدم أحزاب اليمين المتطرف، إذ تتنامى شعبية حزب “الفجر الذهبي” في اليونان يوما بعد يوم إثر زيادة معدلات البطالة تحت وطأة سياسة التقشف القاسية التي تصر حكومة اليسار بزعامة أليكسيس تسيبراس على تبنيها كجزء من إصلاحات اقتصادية واسعة.
ويوصف أعضاء الحزب اليوناني المتطرف بـ”النازيين الجدد”.
ويقول المحلل السياسي الإيطالي فرانشيسكوغالييتي أن هذه الظروف “تصب في صالح المتطرفين في أوروبا بشكل عام، وتدفع أنصار يمين الوسط الذي كان يتزعمه رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني للتصويت لجبهة ليغا نورد التي تتزعم جناح اليمين المتطرف في إيطاليا”.
وأضاف “قداسة التجربة الأوروبية وعملتها الموحدة (اليورو) انتهت في إيطاليا منذ زمن بعيد