:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/7123

ليس دفاعاً عن ايمن عودة-د. ثابت أبو راس

2015-12-22

الهجوم الذي بادر اليه بعض النشيطين الحزبيين ضد ايمن عوده وزيارته ل"رأس الحية" و "قلعة الامبريالية" هو ليس امر عابرا مع انه لم يخل من الجوانب الشخصية عند البعض وخاصة من لم يتقبل ايمن على رأس القائمة المشتركة منذ اليوم الاول؟ فهذا الهجوم والموقف من الزيارة يستحق التوقف عنده ومناقشته.

النقاش الان بين غالبية ابناء شعبنا الذين يرون الحاجة الى خطاب جديد ورؤية استراتيجية شمولية واضحة للأقلية الفلسطينية في اسرائيل وبين اصحاب الخطاب التقليدي الغير متجدد في عالم يتجدد يوميا. هذا الخطاب اعتمد حتى الان بالأساس على رد الفعل. . لم يكن يوما خطابنا ونشاطنا السياسي مبادرا في اغلبه , في العشرين سنة الاخيرة على الاقل, بل انتظرنا تصريح عنصري لليبرمان مثلا لنرد عليه او استفزازا في الاقصى لزيارته بدون التقليل من اهمية هذه النشاطات لكنها لا تكفي .

غالبية ابناء شعبنا ترى في وحدة الاحزاب العربية واقامة القائمة المشتركة فرصة لم يسبق لها مثيل وتضغط من اجل رؤية مردود سياسي سريع للقائمة. وللحقيقة فأن عمل اعضاء الكنيست من القائمة المشتركة قد تحسن بكثير والاجواء العامة بين الاحزاب (مع الخلافات الكبيرة بينها) قد تحسن ايضا.

لكن احد الابعاد الجديدة والهامة في عمل قياداتنا السياسية هو تبني المرافعة الدولية وتعريف العالم على قضايانا. من لم ير في زيارة ايمن عوده وفي نفس الفترة احمد الطيبي للولايات المتحدة اختراق الأقلية الفلسطينية للمحافل الدولية يفتقر الى رؤية شمولية للعمل السياسي وخاصة اهمية الدول الغربية ودورها السياسي والاقتصادي في عصر العولمة. مؤسف ان مؤسسات المجتمع المدني قد سبقت الاحزاب في هذا المضمار وما مخطط برافر وفضحه دوليا قبل ثلاثة اعوام الا خير دليل على ذلك. فقد قادت الجمعيات النشاط الدولي وعلى رأسها مركز عدالة والذي تتوج في قرارين الاول لمجلس حقوق الانسان في جنيف والثاني للبرلمان الاوروبي واللذان وصما مخطط برافر بالعنصري وطالبا بإلغائه.

العالم اليوم اصبح قرية كونيه واحده يحكمه الاعلام والمال القادم من عدد قليل من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة, الدولة الاقوى والاكثر تأثيرا في العالم. هذه حقائق يجب الاعتراف بها. نعم نحن نرى في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط سياسة عدائية للشعوب العربية ونحملها قسط وفير لما يحدث في المنطقة. فهي الدولة التي تتصدر دول العالم في بيع الاسلحة والاتجار بها (30% من مجمل صفقات السلاح) وحماية الانظمة الدكتاتورية التي تسبح في فلكها. وليس صدفة ان السعودية ودولة الامارات في قائمة الخمس دول الاكثر شراء ا للسلاح في العالم بين الاعوام 2010-2014.

في الولايات المتحدة ايضا الاعلام الاقوى في العالم. جامعات, مراكز ابحاث, حركات سلام , مؤسسات مجتمع مدني ومجموعات اثنية مختلفة. هل تتوقعون مقاطعتها على يد ايمن عوده؟ هناك المجموعات اليهودية السياسية الأقوى في العالم الا تريدون التعلم منها؟ الا تريدون اقناع بعضها بسياسة نتانياهو العدائية للمواطنين العرب؟

ان زج اسم طيب الذكر توفيق زياد في الامر هو قمة التجني على الحقيقة وعلى ذكراه العطرة. فعنما تنادون "علمنا زياد وقال امريكيا راس الحية" يجب ات تعلموا ايضا ان المرحوم زياد قد زار الولايات المتحدة اكثر من مرة لأنه امن بالتواصل بين الشعوب, هذا بالإضافة الى الحاجة الى فضح السياسة الامريكية. ثم هل زيارة المانيا, فرنسا او بريطانيا او الاتحاد الاوروبي اقل ضررا؟ او ليس جزءا من المنظومة الامبريالية؟ هذا دون الولوج الى الدعم المادي الذي يصل الى مؤسسات وجمعيات لها علاقة بغالبية القيادات؟ والمتهجمون على الزيارة للولايات المتحدة, ام ان هذه الاموال غير امبريالية؟

العمل السياسي المهني يتطلب محاولة التأثير في كل مكان حتى لو كان ضئيلا في البداية ولهذا السبب اخترنا العمل من خلال الكنيست الاسرائيلي. وحسنا تفعل القائمة المشتركة بإيجاد التمويل الكافي لفتح مكاتب دولية على الاقل في واشنطن وفي بروكسل للتأثير على الكونغرس الأمريكي والبرلمان الاوروبي بما يخدم مصالح مواطنينا العرب. هكذا تعمل الاقليات المستضعفة في العالم والاحزاب ذات الرؤية الاستراتيجية. الم يحن الوقت للتعلم من تجارب الشعوب الاخرى؟؟

اعلم ان التغير عند البعض يؤلم لذلك فهو غير مرغوب. فمن يريد ان ير ان سلاح المظاهرة والشعارات يكفي فليستمر, لكنه سيبقى للوراء دون شعبه الذي يسعى دوما الى الافضل. شبابنا وشاباتنا يطالبوننا بطرق ابواب العالم جميعها من اجل تحسين طروفهم ورفع مكانة الاقلية الفلسطينية في اسرائيل وحمايتها. هل سمعتم؟
تحية لك ايمن عوده فسر الى الامام فغالبية شعبنا تؤيد وتدعم خطابك ومساعيك المحلية والدولية.