مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على غزة
مضى 205 أيام على العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، وما زال العدوان متصاعداً في القطاع، يحصد يومياً عشرات الأرواح البريئة، بينما تتصاعد الغارات الجوية، ويستمر التهديد باجتياح محافظة رفح.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد يوثق بيع أدوية وعقاقير طبية على الأرصفة وفي الشوارع، ومشهد آخر يرصد مواصلة الاحتلال تدمير ما تبقى من بلدات شمال القطاع، ومشهد ثالث يرصد ارتفاع مخاطر تلوث مياه الشرب جراء منع الاحتلال إدخال مواد التعقيم، ومشهد ثالث تحت عنوان: "الاحتلال يدمّر شبكات الكهرباء في خان يونس".
أدوية على الأرصفة
أفرز العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، الكثير من الظواهر السلبية، أخطرها ظاهرة بيع الأدوية والعقاقير الطبية على الأرصفة، والبسطات، بعضها أدوية بسيطة، تستخدم كمسكنات للآلام، وأخرى تستخدم لعلاج أمراض متنوعة.
والخطورة في الأمر أن بعض هذه الأدوية لا تُصرف دون وصفات طبية، وبحاجة إلى شرح من الصيدلاني حول طريقة الاستخدام السليمة.
وشوهد في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، بعض البسطات تعرض كميات من الأدوية، لا يعرف حتى مالكها طبيعتها، ولا طرق استخدامها، وكل ما يعرفه عنها هي أسعارها.
وقال البائع محمود، الذي رفض ذكر اسمه كاملاً، إنه يبيع الأدوية التي اشتراها من بعض الأشخاص، والمرضى هم من يتعرفون على أدويتهم، ويشترونها، فهو يعرف ثمن كل نوع فقط.
وأكد أن البعض يصلون إلى بسطته ويقلبون أشرطة الدواء، ثم يشترون بعض الأنواع، ويدفعون ثمنها ويمضون.
وعن طرق الحصول عليها، أكد أن بعضها صناديق سقطت من شاحنات مساعدات، حيث هاجمها مواطنون، ظناً منهم أنها مواد غذائية، وأخرى لا يعرف كيف وصلت إلى السوق، وهناك صيادلة اشتروا منه الدواء.
بينما أكد المواطن أحمد نصر الله، أنه كان يبحث عن نوعية من أدوية الضغط مفقودة من الصيدليات، وبينما كان يسير بين البسطات غرب رفح، وجد الدواء عند أحد الباعة، واشترى كمية منه تكفيه لشهرين، متسائلاً كيف وصلت هذه الأدوية إلى الباعة، وهي مفقودة في الصيدليات.
وأشار إلى أنه يبحث عن علاج لابنه المصاب بمرض حمى البحر الأبيض المتوسط، ويعتقد أنه قد يعثر عليه لدى بعض الباعة على البسطات، داعياً إلى ضبط الأمر.
ووفق صيادلة فإن جميع أنواع الأدوية قد تفسد جراء وضعها تحت أشعة الشمس، وهناك أنواع أخرى بحاجة إلى درجات حرارة معينة، وفي كل الأحوال من الخطورة عرض الأدوية في الشوارع، وبيعها من قبل أناس غير متخصصين.
تدمير ما تبقى
لم تتوقف آلة الحرب الإسرائيلية عن نشر الدمار والخراب في كل ركن وزاوية من قطاع غزة، خاصة محافظة خان يونس، ومناطق شمال القطاع.
وبدا واضحاً أنه وبعد انتهاء الاحتلال من تدمير مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، انتقل لتدمير ما تبقى في قرى وبلدات شمال القطاع، خاصة مناطق بيت حانون، وبيت لاهيا، والأجزاء الشرقية من مخيم جباليا.
ووفق شهود عيان، فقد شنت قوات الاحتلال عملية برية وجوية جديدة شمال القطاع، مؤخراً، استكملت من خلالها تدمير ما تبقى من منازل ومزارع، وأي مقومات للحياة هناك، فيما تستمر تلك القوات بمسح المنطقة، وتعميق المنطقة العازلة التي كانت بدأتها في وقت سابق.
وحذر المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، من ارتكاب جيش الاحتلال مذبحة جديدة في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ومحو آخر ما تبقى منها، وتنفيذ عملية تهجير قسري جديدة، عقب إصدار أوامره غير القانونية لمن تبقى من السكان فيها، والمقدر عددهم بـ50 ألف مواطن ومواطنة، بالإخلاء الفوري، داعياً إلى تحرك فوري من الأمم المتحدة وأطراف المجتمع الدولي لحماية المدنيين الفلسطينيين.
وذكر "الأورومتوسطي" أن جيش الاحتلال بدأ بشن هجمات جوية ومدفعية مكثفة على بلدة بيت لاهيا قبيل نشره أوامر الإخلاء للسكان بزعم أنها "منطقة قتال خطيرة"، والتهديد بأنه "سيعمل بقوة شديدة" في البلدة.
ونبّه إلى أن كل منطقة يعلنها جيش الاحتلال منطقة عمليات عسكرية يتم استكمال تدميرها بشكل كامل، ويفرض عليها حصاراً مشدداً، ويرتكب خلالها مجازر مروّعة بحق من يتبقى من السكان فيها، لعدم نزوحهم بسبب افتقادهم أي ملجأ آمن، وذلك في سياق جريمتي الإبادة الجماعية والتهجير القسري اللتين يواصل تنفيذهما في قطاع غزة.
تلوث المياه
بات خطر انتشار الأوبئة الناجم عن تلوث مياه الشرب مرتفعاً للغاية في قطاع غزة، بعد منع الاحتلال إدخال مواد التعقيم للمياه.
وأكدت وزارة الصحة في قطاع غزة، أن جميع مواطني قطاع غزة يتناولون مياهاً غير آمنة وحياتهم معرضة للخطر، مؤكدة توقف مختبر الصحة العامة، وعدم القدرة على فحص مياه الشرب، وما زال الاحتلال يمنع إدخال مادة الكلور، أو أي بديل عنها لمعالجة مياه الشرب من خلال "الكلورة".
ووفق خبراء ومختصين، فإن مادة الكلور مهمة جداً للتخلص من التلوث "الميكروبيولوجي" في مياه الشرب، والناجم عن وجود جراثيم وبكتيريا ضارة في المياه، وبالتالي تحويلها إلى مياه نظيفة وآمنة.
وأوضح الخبراء أن مياه بعض الآبار في غزة ملوثة، جراء ترسب مياه الصرف الصحي إلى الخزان الجوفي، واختلاطها بمياه البحر في بعض المناطق، لذلك من الضروري إجراء عملية "الكلورة".
بينما أعرب مواطنون عن خشيتهم من انتشار أوبئة أكثر فتكاً بسبب تلوث المياه، من بينها وباء "الكوليرا"، إذ أكد بعضهم ومنهم المواطن خليل الحاج، أنه بدأ بغلي مياه الشرب قبل تناولها، حفاظاً على حياة أبنائه.
وبيّن أنه يضع المياه التي ينوون شربها في وعاء، ويشعلون النار حتى تغلي، ثم يتركونها حتى تبرد، ثم يضعونها في عبوات نظيفة لشربها.
وأكد أن النازحين تحملوا كل شيء سيئ، لكن من أخطر الأشياء تناول مياه ملوثة، قد تصيبهم بأمراض خطيرة.
تدمير شبكات كهرباء
بدا واضحاً أن الاحتلال تعمّد خلال عدوانه على قطاع غزة، تدمير مرافق البنية التحتية، خاصة شبكات الكهرباء والمياه، إذ أحدث فيها دماراً كبيراً وغير مسبوق، خاصة في محافظة خان يونس.
ووفق شركة توزيع الكهرباء في غزة، فإن الدمار الذي طال شبكات الكهرباء في محافظة خان يونس فاق حد الوصف، بإضافة إلى الدمار الكبير الذي طال فرع الشركة بمدينة خان يونس، والمخزن الملحق به، والذي يحتوي على العديد من مواد الصيانة الأساسية، والآليات والمركبات، نتيجة العمليات العسكرية المكثفة في المحافظة، حيث تعد هذه الخسائر من أكبر وأفدح الخسائر التي تعرضت لها البنى التحتية لقطاع الكهرباء منذ تأسيس الشركة.
وأشارت الشركة إلى أن دمار فرعها في المحافظة، والذي يعد من أكبر وأهم الفروع ويخدم قرابة 500 ألف نسمة، بمثابة تقويض لأي جهود لإعادة ترميم وإحياء هذه المنظومة المتكاملة.
وشمل التدمير إسقاط وتدمير أعمدة كهرباء، وتقطيع كوابل، وتحطيم محولات، وكذلك تخريب قواطع، وخطوط للضغط العالي والمنخفض.