مشاهد جديدة من العدوان المستمر على القطاع في يومه الـ 207
يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ 207 دون توقف، وتتصاعد الهجمات والغارات، خاصة في محافظة رفح، جنوب القطاع، بينما تبيد المجازر عائلات بأكملها.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان وتبعاته، ونقلت مشهداً يرصد تعرض محافظة رفح، لأعنف وأوسع غارات ومجازر تتعرض لها منذ بدء العدوان، ومشهداً آخر بعنوان "أشقاء يرحلون معاً"، ومشهداً ثالثاً جاء تحت عنوان "محور نتساريم يشتعل"، ومشهداً رابعاً يوثق حجم الدمار الهائل شرق محافظة خان يونس.
رفح تشهد أعنف الهجمات منذ بدء العدوان
شهدت محافظة رفح، أعنف موجة من الغارات والهجمات الجوية منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول الماضي.
واستهدفت معظم الغارات التي توزعت جغرافياً على جميع مناطق المحافظة، منازل مأهولة، متسببة بسقوط عشرات الشهداء والجرحى، معظمهم كانوا من النساء والأطفال.
ووفق مواطنين في المحافظة، فقد تعمد الاحتلال شن الغارات في وقت متأخر من الليل، أو في الساعات الأولى من الفجر، ما تسبب بارتفاع عدد الضحايا، نظراً لأن الناس يكونون متجمعين في منازلهم، ونياماً في هذا التوقيت.
وقال يوسف عرفات، إن المدينة تتعرض لأكبر موجة من القصف، والملاحظ أن القليل من الغارات تستهدف منازل خالية، أو أراضي مفتوحة، ما يشير إلى نية الاحتلال إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا.
وأكد عرفات أن الغارات المتواصلة، وسماع أصوات سيارات الإسعاف، ومشاهد تشييع الشهداء في رفح، تسببت بنشر الخوف والهلع بين المواطنين، والجميع يربطون بين تلك الغارات، وبين عدوان بري وشيك على المحافظة.
في حين قال محمد ربيع، إن الغارات الجوية العنيفة ترافقت مع تحليق غير مسبوق لطائرات الاستطلاع في أجواء المحافظة، إذ باتت الطائرات المذكورة تغطي السماء في جميع المناطق، وهذا دليل على بذل الاحتلال جهداً استخباراتياً عالياً جداً، ما يعني أن الهجمات ستستمر، وربما تكون برية في بعض المناطق.
وأشار ربيع إلى أن الناس في رفح باتوا يبحثون عن الأمان فلا يجدونه، فحتى خيام النازحين جرى قصفها، والمنازل استهدفت، والخوف بات يسيطر على الجميع.
أشقاء يرحلون معاً
ركز الاحتلال عدوانه على شقق ومنازل مأهولة في معظم مناطق القطاع، وبات يستخدم نوعيات من القنابل الحارقة والمدمرة، التي تتسبب بقتل جميع من يوجدون في الشقق المأهولة.
وبدا واضحاً أن ضحايا المجازر الأخيرة معظمهم عائلات كاملة، وأشقاء، يرحلون دفعة واحدة، إذ سبق ومُسحت عائلة جودة من محافظة رفح من السجل المدني، بعد استشهاد الأب شكري، والأم صابرين، وطفلتهما، وحتى الجنين الذي جرى إنقاذه من رحم أمه الطفلة "روح"، لحقت بعائلتها شهيدة.
كما استشهد خمسة أشقاء ووالدهم من عائلة أبو طه، وأربعة أشقاء "ثلاث بنات وشاب"، من عائلة الخطيب، وأربع شقيقات من عائلة العفيفي، وغيرهم الكثير.
وأكد مواطنون أن ما يحدث أكبر من كارثة، فرحيل نصف أو ثلثي العائلة أمر صعب، يخلف حزناً وحسرة عميقة في قلوب من نجا منهم.
وتساءل سعيد حسنين، من سكان حي تل السلطان غرب رفح: كيف لقلب أم أو أب أن يحتمل رحيل أربعة من أبنائهم دفعة واحدة؟، وهذا أمر تكرر في مجزرتين برفح بفارق زمني لم يتعدَّ بضع ساعات.
وأكد أن ما يحدث في رفح وغيرها من المناطق جرائم لا يمكن لأحد في العالم قبولها، مؤكداً أن كل هذا القتل ولم يبدأ الدخول البري بعد، فكيف الحال لو دخلت إسرائيل إلى قلب رفح؟.
وأكد أطباء أن معظم الشهداء الذين وصلوا مستشفيي أبو يوسف النجار والكويتي في رفح، من عائلات واحدة، إما أشقاء، أو أب وأم وأبناؤهما، وهناك العديد من العائلات مسحت من السجل المدني، وأخرى بقي فيها فرد أو اثنان على الأكثر.
محور نتساريم يشتعل
تحول محور نتساريم الواقع في المنطقة الفاصلة بين وادي غزة، وجنوب مدينة غزة، ويمتد من خط التحديد شرقاً، وحتى شاطئ البحر، إلى أكثر المناطق اشتعالاً بالمقاومة، إذ تعرضت قوات الاحتلال المتمركزة في هذا المحور لهجمات متتالية، كان أكبرها تلك التي وقعت مساء الأحد الماضي، وتسببت بمقتل وإصابة عدد كبير من جنود الاحتلال.
ويومياً تصدر فصائل المقاومة بيانات وبلاغات، تؤكد فيها خوض مواجهات مسلحة، أو إطلاق قذائف صاروخية تجاه أهداف عسكرية على هذا المحور.
بينما يؤكد مواطنون من سكان مخيم النصيرات، وهو أقرب منطقة للمحور المذكور، أن دوي الانفجارات لا يتوقف في هذه المنطقة، وفي أغلب الأيام تُشاهد طائرات مروحية تهبط في تلك المنطقة، لإجلاء ضحايا من جنود الاحتلال.
وتحاول فصائل المقاومة تصعيد الضربات على هذا المحور، في محاولة على ما يبدو لرفع كلفة بقاء الاحتلال فيه، خاصة بعد قيام الاحتلال بتوسعة هذا المحور، وإنشاء مواقع عسكرية، ووضع أبراج مراقبة.
وقال أحمد يونس، من سكان مخيم النصيرات، إن محور نتساريم لا يهدأ ليلاً ولا نهاراً، فالقصف وإطلاق النار يتواصل على مدار الساعة، والغارات الجوية لا تتوقف، فرغم مسح المنطقة المحيطة بالمحور، وتدمير كل شيء فيها، إلا أن الاشتباكات تتواصل بصورة يومية هناك، وتشهد تلك الاشتباكات تصاعداً كبيراً في بعض الأوقات.
وأوضح يونس أن الاحتلال بات يعزز وجوده عند هذا المحور بشكل أكبر، حيث تنتشر الدبابات والعربات المصفحة، بينما تحلق الطائرات بمختلف أنواعها في الأجواء ودون توقف.
شرق خان يونس دمار يفوق الخيال
لطالما كانت مناطق شرق محافظة خان يونس، والتي اصطلح على تسميتها "الشرقية"، وتضم ست قرى وبلدات، ويقطنها نحو 130 ألف نسمة، من أجمل المناطق على مستوى القطاع، إذ تمتاز بريفها الجميل، ومناطقها الزراعية الخلابة، ومساكنها الحديثة.
فعلى مدار أربعة أشهر كاملة عاث الاحتلال خراباً ودماراً في تلك المناطق، وسرق آلاف الدونمات من أراضيها، بعد إنشاء ما تسمى المنطقة العازلة.
ولم يقتصر الدمار على الشوارع، والمنازل، ومرافق البنية التحتية، إذ ركز الاحتلال خلال عدوانه في تلك المناطق على استهداف القطاع الزراعي، والذي تشتهر به تلك المناطق، إذ جرف ودمر آلاف الدونمات، واقتلعت الجرافات عشرات الآلاف من الأشجار المثمرة، ودمرت مرافق وبنية تحتية زراعية.
وقال المواطن محمود النجار، إنه صدم حين عاد إلى مناطق شرق خان يونس، ولم يكن يتخيل أبداً أن يصيبها هذا الحجم الهائل من الدمار، فلا يكاد يخلو شارع أو حي من دمار وخراب غير مسبوق.
وأكد النجار أن الاحتلال حوّل خلال أقل من أربعة أشهر أجمل مناطق خان يونس، إلى أكوام من الركام والخراب، وشرد نحو 100 ألف مواطن من هذه المناطق، عدا الدمار الأوسع في مناطق خان يونس الأخرى.
فيما قال المواطن عبد الله شاهين، إنه حتى لو توقفت الحرب، فإن عدداً كبيراً من المواطنين من سكان شرق خان يونس لن يكونوا قادرين على العودة إلى أراضيهم أو بيوتهم، بسبب مصادرتها داخل ما تسمى المنطقة العازلة، وجزء آخر من السكان سيكونون عرضة لإطلاق النار والقصف المستمر، حيث تقع منازلهم قبالة مناطق خط التحديد التي يسيطر عليها الاحتلال.
وأشار إلى أن الاحتلال نجح بتدمير قطاعَي الزراعة والإنتاج الحيواني في مناطق شرق خان يونس، والتي كانت بمثابة السلة الغذائية لجميع محافظات وقرى قطاع غزة، وما بعد الحرب سيكون الوضع صعباً، ولن يحصل المواطنون في غزة على غذائهم من مزارع داخل القطاع، وقد يعتمدون على الاستيراد لسنوات، فبعد أن كانت غزة تصدر الخضراوات للخارج، باتت تستورد كل شيء، بدءاً بالبندورة والبطاطا، ومروراً بالفواكه، وليس انتهاءً بالدواجن.