جيش الاحتلال يشنّ حرباً شرسة على القطاع الصحي شمال غزة
2024-06-06
لم تمضِ على إعادة تشغيل المستشفى الأندونيسي، وهو الأكبر في محافظة شمال غزة، أيام معدودة بشكل جزئي، بعد أن أخرجته قوات الاحتلال عن الخدمة في كانون الأول الماضي، حتى عادت لتخرجه مرة أخرى وربما للأبد خلال عدوانها الأخير على بلدة جباليا ومخيمها والأحياء المجاورة لها خلال الأسابيع الأخيرة.
فبعد حصار جيش الاحتلال مستشفى العودة الصغير نسبياً والمجاور تماماً للمستشفى الأندونيسي خلال ذروة عدوانه الأخير على جباليا ومحاصرة مستشفى كمال العدوان القريب، أيضاً، تقدمت الدبابات والآليات العسكرية إلى المستشفى الأندونيسي، وشرعت بعمليات تجريف في محيطه قبل أن تضرم النار في جميع أقسامه ومبانيه وإحراقه بالكامل وجعله غير قابل للعمل مرة أخرى.
ورغم مغادرة طواقمه والمرضى المنومين قبل وصول قوات وآليات الاحتلال لحي تل الزعتر المجاور، إلا أنها شرعت باقتحامه وتدمير كل معداته والأجهزة الطبية قبل أن تقدم على سكب كميات هائلة من المواد المشتعلة، ومن ثم إضرام النار فيها حسب ما أفاد شهود عيان لـ"الأيام".
وأوضح الشهود أن جنود الاحتلال يتلذذون في تدمير المستشفيات وإحراقها وإخراجها عن الخدمة منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول الماضي.
وتعمدت قوات الاحتلال تدمير المستشفيات بشكل ممنهج، خاصة الموجودة في منطقة شمال غزة، وبشكل خاص في محافظة شمال غزة، حيث دمرت في الاجتياح الأول للمحافظة جميع المستشفيات وأخرجتها عن الخدمة وهي، الأندونيسي وكمال عدوان والعودة وبيت حانون، عدا مراكز صحية أخرى، حيث قتلت المئات من طواقمها الطبية ورحلت الآلاف إلى جنوب القطاع.
وعادت قوات الاحتلال لتشن حملة شرسة ضد هذه المستشفيات بعد أشهر قليلة من إعادة تشغيل أقسام محدودة منها وغالبيتها للطوارئ، بهدف تجفيف منابع الحياة وجعل الحياة في شمال غزة غير ممكنة، لدفع سكانه للرحيل إلى الخارج أو النزوح باتجاه محافظات الجنوب.
ولم تخفِ المصادر الطبية والمواطنون قلقهم الشديد من تعمد قوات الاحتلال تدمير المستشفيات في منطقة شمال غزة، التي تضم محافظتي الشمال وغزة، عندما يتم تشغيلها مرة أخرى، لا سيما أنها تقدم الخدمة لنحو 600 ألف مواطن ظلوا صامدين فيها، رغم كل محاولات الاحتلال لترحيلهم ليلحقوا بنحو 900 ألف نزحوا من المنطقة منذ بدء العدوان.
وقالت المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، إن تدمير القطاع الطبي والصحي في الشمال يهدد أمن المواطنين، خاصة أنه أصبح عاجزاً تماماً عن تقديم الحد الأدنى من الخدمات الطبية الأولية للمرضى والمصابين الذين يصلون يومياً بالعشرات وأكثر.
وفي صورة تعكس قتامة الوضع الصحي في المنطقة، بات المستشفى المعمداني المتواضع من حيث الإمكانات الطبية والتدخلات الجراحية، الوحيد الذي يعمل في المنطقة كاملة، كما لم يتبق في محافظة شمال غزة إلا عيادة واحدة فقط للرعاية الأولية، من أصل نحو عشر عيادات تابعة لوكالة الغوث "الأونروا" والحكومة، كانت تعمل قبل العدوان.
وأوضح مصدر طبي لـ"الأيام" أن مركز الرعاية الأولية المتبقي في محافظة شمال غزة ويطلق عليه "عيادة أبو شباك" الحكومية يعمل بطاقة ضعيفة جداً وبإمكانات متواضعة، ولا يستطيع تقديم الحد الأدنى من الخدمات الأولية للمواليد والأطفال الرضع.
وعكس لجوء أطباء جراحين وأخصائيين لاتخاذ ما تبقى من صيدليات مكاناً لعملهم وتدخلاتهم الطبية صعوبة وخطورة وكارثية الوضع الصحي في المنطقة، التي فقدت أهم مستشفياتها على الإطلاق وهو مستشفى الشفاء الذي دمرته قوات الاحتلال بالكامل في آذار الماضي.
وعدا تدميرها المستشفيات لا تسمح قوات الاحتلال بإدخال المحروقات لهذه المستشفيات عندما تعمل وكذلك الأدوية، ما يضاعف من المصاعب والعقبات التي تواجهها الطواقم الطبية التي تعمل بطاقات مضاعفة، نظراً لانخفاض أعدادها بعد قتل الاحتلال عدداً كبيراً منهم، عدا اعتقال العشرات وترحيل قسم كبير منهم إلى محافظات الجنوب.
وعلمت "الأيام" أن عدد الأطباء العاملين في مستشفى كمال عدوان لا يتجاوز العشرة يضطرون للعمل وتقديم الخدمات لآلاف المرضى والمراجعين.
وترفض قوات الاحتلال حتى اللحظة الدعوات المؤسساتية والدولية للسماح بإقامة مستشفيات ميدانية دولية على غرار تلك المقامة منذ بدء العدوان في محافظات رفح وخان يونس، حيث تعمل الكثير من المستشفيات وفي مقدمتها الأميركي والإماراتي والأردني والتركي وغيرها.
وشددت المصادر الطبية على ضرورة أن يضغط العالم على الاحتلال لإقامة مستشفيات ميدانية سريعة في منطقة الشمال لإنقاذ المرضى والمصابين، في ظل رفض قوات الاحتلال السماح لهم بالخروج للعلاج في مستشفيات خارجية أو حتى في مستشفيات جنوب القطاع.