أراضي جباليا الخصبة وحدائقها تفقد معالمها
2024-06-10
يوماً بعد يوم، تفقد منطقة غرب بلدة جباليا، شمال قطاع غزة، قدرتها على العودة للحياة مجدداً، بسبب هول الدمار الذي أحدثته قوات الاحتلال فيها منذ بدء عدوانها على القطاع في السابع من تشرين الأول الماضي.
وعلى مدار الأشهر الثمانية الماضية من عمر العدوان، تحولت المنطقة إلى منطقة أشباح لا يسكنها أي مواطن بعد أن كانت من أكثر المناطق جمالاً وحيوية في جباليا ومحافظة شمال غزة بشكل عام.
واستوطن في المنطقة، التي كان يسكنها قبل العدوان نحو ثلاثين ألف مواطن، القطط والكلاب والجرذان والقوارض، بعد أن هيأ الدمار الواسع لها البيئة المناسبة.
وطال الدمار الكامل والجزئي البليغ جميع المنازل والمباني والمرافق والمؤسسات والمستشفيات والعيادات وصالات الأفراح والاستراحات البحرية، وكذلك الشوارع الواسعة والراقية التي كانت تتوسط المنطقة وتؤدي إلى "كورنيشها" الجميل والحديث المطل على شاطئ البحر بشكل مباشر.
ودمّرت قوات الاحتلال بشكل كامل أكثر من تجمع عمراني كبير فيها، وفي مقدمته تجمع الكرامة الذي كان يضم عشرات الأبراج السكنية وسوتها بالأرض، إضافة إلى سلسلة أبراج حرس الرئيس والمخابرات والأبراج المصرية.
وعلى وقع هذا الدمار الشامل وغير المسبوق، اضطرت الغالبية العظمى من سكان المنطقة إلى مغادرتها باتجاه محافظات الجنوب والوسط، لاسيما أنها كانت من أولى المناطق التي تعرضت للدمار والاجتياح.
واستمر الاجتياح الإسرائيلي في المنطقة من نهاية تشرين الأول وحتى نهاية شباط الماضي.
وأدت إطالة أمد احتلال جيش الاحتلال للمنطقة، الذي تجاوز الأربعة أشهر، إلى زيادة رقعة التدمير وتجريف الأراضي والحقول والشوارع، التي أصبح التعرف على معالمها ومساراتها صعباً جداً.
فبعد تفقد المنطقة والسير بين المباني المدمرة لأكثر من ساعتين متواصلتين، لم يُلاحظ وجود أي نوع من أنواع الحياة الآدمية فيها، وبدت المنطقة خالية تماماً من السكان والمواطنين بشكل عام، باستثناء بعض جامعي الحطب والباحثين عن مصدر رزق لهم بين أنقاض المنازل المدمرة.
وتعكس قطع الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية المتناثرة في الكثير من شوارع المنطقة، حدة وطبيعة المواجهات الضارية التي كانت تخوضها قوات المقاومة في التصدي لقوات الاحتلال، التي اقتحمت المنطقة بأكثر من ألف آلية ودبابة، حسب إفادات شهود عيان لـ"الأيام".
وتنتشر قطع هذه الآليات، وهي عبارة عن جنازير وأبراج الدبابات وقطع حديدية ضخمة، على امتداد الشارع المؤدي إلى البحر والذي يخترق المنطقة، وكذلك شارع الرشيد المحاذي لها من الجهة الغربية وداخل الطرق والشوارع الفرعية.
ووسط الكثير من دمار المنازل نمت الأعشاب المعروفة والمجهولة في صورة تعكس هجرة السكان وانعدام الحياة فيها، كما تحول الركام إلى معاقل للكلاب الضالة والقطط والجرذان والزواحف.
ورصدت "الأيام" إلحاق قوات الاحتلال الضرر والدمار بجميع المباني في المنطقة، سواء بشكل كلي أو جزئي، عدا تجريف جميع الأراضي المزروعة والحدائق العامة والخاصة.
ويغلب طابع الفلل السكنية على القطاع العمراني في المنطقة، مع وجود تجمعات للأبراج السكنية المنظمة التي تم بناؤها منذ إقامة السلطة الوطنية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، مروراً بإقامة مدينة الكرامة الممولة ضمن المنحة المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، والتي كان من المفترض أن يتم الانتهاء منها مطلع العام الجاري، كما لم تخلُ المنطقة من عشرات الحقول والبساتين الزراعية الفخمة، عدا بيارات الزيتون والحمضيات.
وتمتد المنطقة الغربية على مساحة أراض تبلغ أكثر من 4 آلاف دونم، وتضم منشآت سياحية كثيرة وكذلك "الكورنيش" البحري وفندقي المشتل والمتحف، والكثير من صالات الأفراح، ومحطات تعبئة الغاز والبنزين، ومستشفى الكرامة وعيادات ومؤسسات حكومية، ومرافق تجارية.