مشاهد جديدة من العدوان المتواصل في يومه الـ 249
مع دخول العدوان الإسرائيلي المتواصل شهره التاسع، بات المشهد في القطاع المحاصر مأساوياً، والمعاناة وصلت ذروتها، بينما المجازر لا تتوقف.
"الأيام"، تواصل نقل مشاهد حية من قلب العدوان والأزمات الإنسانية التي تفتك بقطاع غزة، منها مشهد يرصد تدمير الاحتلال للقرية السويدية على مواصي محافظة رفح بالكامل، ومشهد آخر يسلط الضوء على آخر تطورات الأزمة الصحية، وعدم قدرة الأطباء في المستشفيات على تقديم الرعاية الطبية للجرحى والمرضى، ومشهد ثالث يوثق انتشار أمراض العيون في صفوف النازحين، ومشهد رابع بعنوان "تزايد كبير في تكدس النفايات الصلبة".
الاحتلال يدمر القرية السويدية بالكامل
دمرت قوات الاحتلال القرية السويدية بالكامل، والتي تقع على الحدود المصرية الفلسطينية على شاطئ بحر رفح.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن القرية التي يقطنها نحو 6000 نسمة، وبيوتها متواضعة البناء، ومعظمها قديم تعود لستينيات القرن الماضي، تعرضت في البداية لقصف مدفعي وجوي عنيف ومتواصل، تسبب بتدمير عدد كبير من البيوت، قبل أن تدخل جرافات عسكرية إسرائيلية للقرية، وتبدأ بهدم ما تبقى فيها من منازل.
وأكد مواطنون نزحوا مؤخراً من منطقة مواصي رفح، أن جميع منازل القرية دُمرت عن بكرة أبيها، ويبدو أن الاحتلال كان يهدف إلى مسح القرية الصغيرة عن الخارطة، فمنذ اللحظات الأولى من العدوان البري بدأت عمليات التدمير التي طالت أيضاً مقبرة القرية الصغيرة.
وتناقل نشطاء صوراً للأقمار الصناعية على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر القرية قبل العدوان وبعده، وقد أظهرت الصور دماراً كاملاً للمنازل، والمباني ومرافق البنية التحتية.
والقرية السويدية هي إحدى أقدم مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، تأسست لبنتها الأولى بتمويل من جنرال سويدي زار رفح في ستينيات القرن الماضي، ومعظم سكانها صيادون فقراء، ومنازلها قديمة ومتواضعة.
من جهته أكد المواطن محمد الخطيب أن المُتابع لسلوك الاحتلال منذ بدء عملية رفح، يلاحظ أن أكثر الدمار تركز في المناطق الملاصقة للشريط الحدودي مع مصر "محور فيلادلفيا"، بدءاً من حي الجرادات شرقاً، مروراً بأحياء السلام، والبرازيل، وقشطة، ومخيمي يبنا والشعوت، وكذلك حيي زعرب وتل السلطان، وانتهاءً بالقرية السويدية، حيث دمرت آلة الحرب الإسرائيلية جميع المنازل والمباني القريبة من المنطقة الحدودية.
عدد الإصابات في المستشفيات يفوق قدرتها
أكد مدير المستشفيات الميدانية في قطاع غزة الدكتور مروان الهمص، أن عدد الجرحى والمرضى ممن يتوافدون إلى مستشفيات القطاع، يفوق قدرة الطواقم الطبية على التعامل معهم، موضحاً أن المستشفيات تتلقى على مدار الساعة جرحى، بعضهم يعانون إصابات حرجة ومعقدة، ولا تتوفر إمكانات علاج بعضهم داخل القطاع.
وأكد الهمص أن جميع المشافي والمراكز الطبية في القطاع، تعاني شحاً شديداً في الأدوية والمستلزمات الطبية وأي دواء ينفد لا يوجد له بديل، وهذا يعمق الأزمة، ويزيد من حجم المخاطر على المرضى والجرحى.
وبيّن أن مرضى الجهاز التنفسي مهددون بفقدان حياتهم، جراء نقص الأوكسجين في المشافي، بسبب تدمير الاحتلال عدداً كبيراً من محطات توليد الأوكسجين، ونقص الكهرباء بسبب انقطاعها، وعدم توفر الوقود اللازم لتشغيل المولدات.
وأوضح الهمص أن عدداً كبيراً من مرضى القلب توفوا في الأسابيع والأشهر الماضية، جراء عدم توفر العلاج اللازم لهم، وتوقف عمليات القلب المفتوح، التي كانت تُجرى في مستشفى الشفاء، الذي تعرض للحرق والتدمير.
وتحدث عن وجود مياه الصرف الصحي الملوثة في محيط بعض المشافي الميدانية غرب محافظة خان يونس، وهذا يُشكل خطراً كبيراً على حياة الجرحى والمنومين في المستشفيات.
كما حذر الهمص من استمرار خروج مشافي محافظة رفح، ومشافي شمال القطاع عن الخدمة، وزيادة الضغط الكبير على المستشفيات الميدانية ذات القدرات المحدودة، موضحاً أن الاحتلال دمر وأحرق بعض المستشفيات بعد إجبار الطاقم الطبي على إخلائها تحت النار.
وكانت وزارة الصحة في غزة أعلنت مؤخراً عن وجود أكثر من 20 ألف جريح ومريض يعانون حالة الخطر الشديد، وهم بحاجة ماسة للسفر السريع للخارج، من أجل إنقاذ حياتهم، وأن بقاءهم في القطاع بفعل إغلاق المعبر، يشكل خطراً حقيقياً على حياتهم، وأن أعداداً منهم يفارقون الحياة بشكل يومي.
أمراض العيون تنتشر بين النازحين
يعاني النازحون في مناطق جنوب ووسط القطاع، الكثير من المشكلات الصحية، منها الأوبئة والأمراض المعوية والتنفسية، وحديثاً ظهرت مشاكل العيون، إذ يعاني الكثير من النازحين من إحمرار وألم في العيون، يرافقه نزول غزير للدموع، وتورم في الجفون.
"الأيام"، رصدت تزايداً كبيراً في أمراض العيون، لكلا الجنسين ومن مختلف الأعمار، خاصة قاطني الخيام، ممن يتعرضون لأجواء حارة، ولأشعة شمس مباشرة معظم فترات النهار.
وقال المواطن نبيل صالح، إن أبناءه الثلاثة وزوجته عانوا من مشاكل في عيونهم، وقد توجه إلى المستشفى، وكتب الطبيب لهم مراهم، وقطرات عيون، وأخبرهم أنها نوع من الحساسية، ينجم عن التعرض لدرجات حرارة مرتفعة، وأشعة شمس مباشرة، وطالبهم بالوقاية من تلك المسببات.
وبيّن أنه من الصعب الوقاية، فالخيمة بطبيعتها حارة في النهار، والخروج تحت أشعة الشمس أمر إجباري، فكيف يمكن أن يقوموا بتعبئة المياه، وجلب الطعام، دون المشي تحت أشعة الشمس.
بينما قالت المواطنة سامية حمد، إنها تعاني منذ بداية شهر حزيران الجاري من تورم في عينيها، ورغبة في فركهما، واحمرار في اللون الأبيض من العين.
وأكدت أنها جلبت قطرة عيون، وتضع منها 3 مرات يومياً، وتضع كمادات مياه، لكنها لم تتحسن، مبينة أن الكثير من جيرانها يشتكون من نفس الأعراض.
وأكد أطباء في المستشفيات أن هناك تزايداً في أمراض العيون، والكثير يصلون المستشفيات والعيادات العاملة، طلباً للعلاج، وأن أشعة الشمس هي السبب الرئيس في تلك المشاكل.
تزايد كبير في تكدس النفايات الصلبة
شهدت الأسابيع القليلة الماضية تزايداً كبيراً وغير مسبوق في تكدس النفايات الصلبة في جميع مناطق القطاع، لاسيما في محيط مخيمات النزوح غرب خان يونس.
وتحول الجزء الغربي من شارع 5 غرب محافظة خان يونس، إلى ما يشبه مكباً للنفايات الصلبة، وكذلك الحال في محيط جامعة الأقصى، إذ تراكمت في الموقعين المذكورين أكوام كبيرة من النفايات الصلبة، وتحولت إلى ما يشبه الجبال، بالإضافة لتراكم النفايات في مناطق أخرى.
ونشرت تلك النفايات التلوث في المناطق التي تعج بالمواطنين والنازحين، إما من خلال روائحها الكريهة، أو عبر اشتعال النار فيها، حيث بات يصدر عن تلك الأكوام سحابات من الدخان الكثيف، سيئة الرائحة.
وأكد المواطن أكرم عايش، أنه أقام خيمته في الجزء الغربي من شارع 5 غرب خان يونس، ومنذ وصل كانت هناك أكوام من النفايات الصلبة، ومع مرور الوقت تزايدت، وانتشر التلوث على نحو غير مسبوق.
وبيّن عايش أن روائح تلك النفايات كريهة، وتزيد خلال الليل، وأحيانا تشتعل النار فيها، وأسوأ ظاهرة، هي رمي الحيوانات النافقة في تلك المنطقة، ما يزيد من التلوث، موضحاً أنه يعتقد أن إصابة اثنين من أبنائه بفيروس الكبد الوبائي، وثالث بنزلة معوية، جراء التلوث الناجم عن النفايات الصلبة.
في حين يقول المواطن حسن عاشور، إن النفايات الصلبة باتت من أكبر المشكلات التي تواجه المواطنين والنازحين في القطاع، خاصة مع مرور الوقت، وتعذر ترحيل النفايات للمكبات الرئيسة شرق القطاع.
وأكد عاشور أن هناك تقاعساً واضحاً في دور البلديات، سواء في فتح الشوارع، أو تزويد المواطنين بالمياه، أو علاج مشكلات الصرف الصحي، أو حتى ترحيل النفايات الصلبة، والناس باتوا يعيشون وسط بيئة شديدة التلوث، خاصة تلوث النفايات الصلبة ومياه الصرف الصحي.