:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/73332

مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على غزة

2024-06-14

تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عامة، ومحافظة رفح على وجه الخصوص، في اليوم الـ251 على التوالي، مع اتساع عمليات النزوح، وتصاعد القصف الجوي والمدفعي على مناطق غرب ووسط محافظة رفح.
"الأيام" نقلت مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي، منها مشهد يوثق تصاعد القصف المدفعي على منطقة المواصي، غرب رفح، والتسبب بموجة نزوح جديدة، ومشهد آخر تحت عنوان: "الاحتلال يقتل المعاقين عقلياً"، ومشهد ثالث يرصد انتشار بقايا المركبات المُدمرة في شوارع محافظة خان يونس، ومشهد رابع بعنوان: "عاصمة الجنوب التجارية تنهار".

نزوح جديد من غرب رفح
اضطر عشرات آلاف المواطنين للنزوح مجدداً من مناطق غرب محافظة رفح، تحديداً منطقة المواصي ومحيط دوار العلم، بعد ورود أنباء عن إبلاغ قوات الاحتلال بعض الجهات الدولية، والمستشفيات الميدانية، نيتها تنفيذ عملية برية في تلك المنطقة، وتصاعد القصف المدفعي على تلك المناطق.
وسارع آلاف المواطنين بتفكيك خيامهم، ومغادرة شاطئ ومواصي رفح، باتجاه محافظة خان يونس، وسط أوضاع إنسانية قاسية. وشُوهد مواطنون يسيرون وهم يحملون أمتعتهم، وآخرون يقفون على الشوارع بانتظار مركبات تقلهم برفقة أثاثهم.
وقال المواطن إبراهيم عثمان، إنه يقيم في منطقة مواصي رفح منذ نحو 3 أسابيع، بعد نزوحه من حي تل السلطان، وبقي هناك رغم استمرار إطلاق النار بشكل يومي على تلك المنطقة، لكن منذ الصباح جرى تداول أنباء حول نية جيش الاحتلال مهاجمة تلك المنطقة، فقرر النزوح برفقة عائلته، خشية أن يصيبهم مكروه.
وبيّن عثمان أن الوضع في منطقة المواصي صعب وخطير، وأن المواطنين يفرون دون أن يعرفوا أين سيذهبون، ولسان حالهم يقول: "وين بدنا نروح".
وأشار النازح أكرم ياسين، إلى أن حال النازحين في منطقة مواصي رفح صعب، وأن المواطنين منذ الصباح يفرون، وبعضهم لا يعرفون أين يذهبون، موضحاً أن المشكلة تكمن في أن مناطق غرب خان يونس باتت مكتظة بالكامل، ولا يوجد فيها موطئ قدم، ولا مكان لإقامة خيمة جديدة.
وتعتبر منطقة دوار العلم ومحيطه، على شاطئ بحر رفح، آخر مربع لم تصله دبابات الاحتلال حتى الآن، وباحتلاله تكون الدبابات دخلت جميع أحياء ومخيمات محافظة رفح، في العملية البرية المستمرة منذ خمسة أسابيع.

استهداف المعاقين عقلياً
منذ بدء العدوان استهدفت قوات الاحتلال العشرات من المعاقين عقلياً في قطاع غزة، وقتلتهم بإطلاق الرصاص والقذائف بشكل مباشر باتجاههم.
ووفق مصادر متعددة فإن المعاقين عقلياً، ممن لا يتوقفون عن السير والتحرك في الشوارع، دون إدراك حجم الأخطار، كانوا أهدافاً سهلة لقوات الاحتلال، إذ جرى استهدافهم بشكل مباشر ومتعمد، وأغلبهم سقطوا بنيران طائرات مُسيّرة، وطائرات "كواد كابتر"، ونيران قناصة.
وأحصى نشطاء مقتل ما لا يقل عن 7 معاقين عقلياً في محافظة رفح، بعضهم مازالت جثامينهم في الشوارع.
وذكر المواطن أحمد نعيم، أن أحد الأشخاص وهو معروف بإعاقته عقلياً، كان يسير باتجاه جنوب حي البرازيل في رفح، بداية العدوان، ورغم محاولات بعض المواطنين منعه، إلا أنه واصل السير، حتى جرى إعدامه من طائرة مُسيّرة.
وأكد أن الشخص المذكور وهو من عائلة أبو جزر، كان واضحاً من شكله وطريقة سيره أنه معاق عقلياً وجسدياً، رغم ذلك تعمّد جنود الاحتلال قتله.
من جهته، قال المواطن محمد الأسطل، إن أغلب المعاقين عقلياً في محافظة خان يونس، جرى إعدامهم وقتلهم في الشوارع خلال فترة العدوان على المحافظة.
وأوضح الأسطل أن عائلات هؤلاء الأشخاص لا تستطيع السيطرة عليهم، ولم تتمكن من أخذهم معها في النزوح، فبقوا في الشوارع، وجرى استهدافهم وقتلهم.
ورغم عدم وجود إحصاء رسمي بعدد المعاقين الذين تم قتلهم في قطاع غزة، إلا أن هناك مصادر تؤكد أن عددهم يفوق المئة، بعضهم كانوا في مستشفى الأمراض العقلية وتم تسريحهم قبل تدميره، وانطلقوا في الشوارع ليتم قتلهم.
وحسب القانون الدولي، فإن هؤلاء الأشخاص محميون، وتحظر المعاهدات والمواثيق الدولية التعرض لهم أو قتلهم، كونهم لا يدركون ما يحدث حولهم.

حطام المركبات يملأ الشوارع
دمّرت آلة الحرب الإسرائيلية خلال عدوانها على محافظة خان يونس مئات المركبات، إما عبر استهدافها بالقذائف المدفعية، أو عبر سحقها تحت جنازير الدبابات والجرافات.
وشوهد حطام عدد كبير من المركبات في شوارع محافظة خان يونس، خاصة قرب الحي الياباني، وفي محيط منطقة الصناعة، وجميعها تحولت إلى كومة من الحديد.
وذكر شهود عيان من سكان محافظة خان يونس أن آليات الاحتلال كانت تجوب شوارع المحافظة، وأينما وجدت مركبة تقوم بسحقها أو قصفها، حتى باتت السيارات المدمرة تملأ الشوارع.
وأوضح المواطن خالد فارس أن مركبته كانت داخل "كراج" خارجي، فقامت الجرافة بهدم جدار الكراج، وتدمير المركبة، والسير فوقها، وحولتها إلى كومة من المعدن، لا تصلح لشيء.
ولفت فارس إلى أن الاحتلال كان يتعمد إحداث أكبر قدر من الدمار في خان يونس، والمركبات كانت ضمن دائرة الاستهداف، ومشهد السيارات المدمرة في جميع أنحاء المحافظة يشير بشكل واضح إلى تعمد استهدافها وتدميرها.
بينما قال المواطن أحمد النجار إن جميع المركبات في شارع الصناعة، جرى إخراج ركابها منها وتدميرها أمام أعينهم، إذ أقام الاحتلال حاجزاً، وأمر المحاصرين في مناطق غرب خان يونس بالمرور من خلاله، وكل من كان يستقل مركبة، جرى إخراجه منها، وسحقها أمام عينيه.
ونوّه النجار إلى أن خسائر المواطنين جراء هذا التدمير كبيرة، فبعض المركبات التي سحقت يصل ثمنها إلى 30 ألف دولار، وجزء كبير منها اشتراها ملاكها بنظام القسط المؤجل، وبعضها مركبات أجرة كانت مصدر دخل لعائلات كثيرة. وأشار إلى أن جميع المركبات التي جرى تدميرها لا تصلح لشيء، ولا حتى لأخذ قطع غيار منها.

عاصمة الجنوب التجارية تنهار
على مدى عقود طويلة، كانت محافظة خان يونس بمثابة عاصمة جنوب قطاع غزة التجارية، إذ تشهد أحياؤها، خاصة منطقة الوسط، أكبر مراكز تجارية وعمرانية، وتمتاز أسواقها بالاتساع مقارنة بجارتيها رفح ودير البلح.
وخلال السنوات الخمس الماضية، شهدت محافظة خان يونس نمواً تجارياً مضاعفاً، إذ أقام مستثمرون متاجر ضخمة، ومشروعات كبيرة، منها مطاعم وأسواق، حتى باتت تضم أكبر أسواق ومتاجر لبيع "الموبايلات".
لكن الاحتلال، وخلال عدوانه الحالي، ركّز على سلب المدينة هذه الصفة، ووجّه ضربات كبيرة للاقتصاد عامة، والحركة التجارية على وجه الخصوص، فدمّر مطاعمها، ونسف أبراجها العالية، التي ضمت أكبر وأنجح المشروعات، مثل "برج تايتنيك"، وبرج "ليفل أب"، ودمر محال تجارية، وأحرقت قذائف دباباته "سوق الحب"، أحد أقدم وأعرق الأسواق في خان يونس.
وقال المواطن عبد الله معمر إن القطاع الاقتصادي والتجاري في خان يونس تعرض لضربة قاسمة، وفقدَ قدرته على العودة في المنظور القريب، ولن تعود خان يونس إلى عاصمة تجارية في السنوات المقبلة على الأقل.
وبيّن معمر أن الاحتلال يبدو أنه كان يعلم جيداً مواقع المرافق الاقتصادية الكبيرة، والتي كلّف إنشاؤها مبالغ ضخمة، وكان يتعمد تدميرها بل مسحها.
وأشار إلى أن منطقة البلد، التي كانت مركز التجارة في خان يونس، وكانت بمثابة واجهة المحافظة الحضارية، جرى تدميرها على نحو غير مسبوق، ويبدو أن المدينة لن تعود إلى ما كانت عليه.