مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على غزة
تصاعد العدوان الإسرائيلي على عموم قطاع غزة، خاصة محافظة رفح، وحيّ الشجاعية، في اليوم الـ271 من الحرب المُستعرة، مع اتساع عمليات النزوح، وتصاعد القصف الجوي والمدفعي على مناطق شرق وجنوب ووسط المحافظة.
"الأيام" نقلت مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المُستمر على قطاع غزة، منها مشهد بعنوان: "إنذارات الإخلاء شرق خان يونس تُربك القطاع الصحي"، ومشهد آخر يُوثق توسيع الاحتلال محور "نتساريم" وسط القطاع، ومشهد ثالث تحت عنوان: الخلايا الشمسية رفيق النازحين في تنقلاتهم".
إنذارات الإخلاء تُربك القطاع الصحي
تسببت إنذارات الإخلاء التي تلقاها مواطنون في مناطق جنوب قطاع غزة، خاصة شرق محافظة خان يونس، في خلق حالة إرباك شديد في القطاع الصحي، مع وقوع مستشفى غزة الأوروبي ضمن دائرة الإخلاء.
وأُجبرت الأطقم الطبية على نقل مئات الجرحى والمرضى من مستشفى غزة الأوروبي باتجاه مجمع ناصر الطبي، الذي يُعاد في الوقت الحالي ترميمه وتجهيزه، ليعود للعمل بالقدر الذي تسمح به الظروف. كما جرى نقل معدات طبية، وتفكيك بعض الأجهزة، ونقلها إلى مجمع ناصر في الساعات الماضية.
وعملت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، على نقل طواقمها والمرضى من داخل مستشفى غزة الأوروبي، باتجاه مستشفى ميداني صغير غرب رفح، خشية اجتياح الاحتلال للمنطقة المحيطة بالمستشفى.
وأكد أطباء يعملون في المستشفى، أن الأخير هو أكبر مستشفى يعمل بقدراته شبه الكاملة، حيث لم يتعرض للاقتحام حتى الآن، كما حدث مع مستشفيات شمال وجنوب قطاع غزة، وأن اقتحامه يعني خروجه عن الخدمة، وربما تدمير أقسامه ومبانيه.
وأوضح أطباء أن عملية إخلاء المستشفى ونقل المرضى باتجاه مستشفى ناصر، من شأنها زيادة الضغط على ما تبقى من مستشفيات تعمل، وبالتالي تعريض حياة المرضى والجرحى للمزيد من الأخطار، وفقد مئات الأسرّة وغرف العناية الفائقة التي تقدم خدماتها للمرضى والجرحى.
وطلب الاحتلال من سكان مناطق واسعة جنوب قطاع غزة بالنزوح عن مساكنهم باتجاه الغرب، وقد قُدرت المساحة التي يحاول الاحتلال إخلاءها بما يوازي مساحة محافظتي رفح وخان يونس مجتمعتين.
وواصل مواطنون يقطنون شرق محافظة خان يونس، نزوحهم باتجاه الغرب، خشية عدوان إسرائيلي واسع، على غرار ما يحدث في رفح.
من جهته، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن إرغام الاحتلال على إخلاء المستشفى الأوروبي، وإخراجه عن الخدمة، يعمق الأزمة الصحية في قطاع غزة بشكل غير مسبوق، ويهدد حياة آلاف المرضى والجرحى.
وأشار المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن الاحتلال يرتكب جريمة أخرى، بإصدار أوامر وخرائط، تُرغم المستشفى الأوروبي ومئات الطواقم الطبية في محافظة خان يونس، على الإخلاء ومغادرة المستشفى، ما يشكّل كارثة إنسانية، ويعمل على تعميق الأزمة الصحية في قطاع غزة، التي وصلت إلى درجة غير مسبوقة.
وطالب المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية والأممية، بالتدخل الفوري، والضغط على الاحتلال لوقف حرب الإبادة الجماعية، ووقف استهداف المستشفيات وإخراجها عن الخدمة، كون ذلك يؤزم الوضع الإنساني في قطاع غزة بشكل غير مسبوق.
توسيع محور "نتساريم"
يُواصل الاحتلال تدمير ونسف عشرات المباني والمنازل، وتجريف مساحات كبيرة من الأراضي على جانبي محور "نتساريم"، الممتد من خط التحديد شرقاً، وحتى شاطئ البحر غرباً، ضمن أراضي وسط قطاع غزة.
وذكرت مصادر محلية وشهود عيان، أن جيش الاحتلال يواصل منذ مدة توسيع هذا المحور، عبر مصادرة أراضٍ من الجهتين الجنوبية والشمالية، ومسح أي معالم عمرانية في محيط محور "نتساريم".
وأوضح شهود عيان أن قوات الاحتلال دفعت بجرافات وآليات ثقيلة على طول المحور المذكور، إذ تقوم الجرافات بحفر الأرض في بعض المواقع، بحثاً على ما يبدو عن أنفاق، ثم تقوم جرافات أخرى بمسح الأرض وتسويتها، مع إقامة أماكن لتمركز الدبابات والآليات المدرعة على طول المحور.
كما بدأت معدات عسكرية ثقيلة بتوسيع الطريق المعبّد، الذي أُنشئ على طول المحور، للسماح على ما يبدو، بحركة أوسع وأسهل للمركبات العسكرية التي تتنقل على طول المحور، الواقع على أنقاض مستوطنة "نتساريم"، التي جرى إخلاؤها في العام 2005.
وذكر موقع "واللا" العبري، أن الجيش بدأ فعلياً بتوسيع محور "نتساريم"، من 2 إلى 4 كيلومترات، تحضيراً للمرحلة الثالثة من الحرب على غزة.
ووفق الموقع فإن الجيش ضاعف تدمير المنازل في مناطق شمال مخيم النصيرات، لتوسيع المحور المذكور.
وكان جيش الاحتلال شرع بإنشاء محور "نتساريم" في شهر تشرين الأول الماضي، وعمل من خلاله على فصل قطاع غزة إلى جزأين، مناطق غزة وشمال القطاع في ناحية، ووسط وجنوب القطاع في ناحية أخرى، حيث تُسيطر قوات كبيرة من جيش الاحتلال على المحور، وتمنع المواطنين من العودة إلى منازلهم، أو التنقل، وتفرض قيوداً مُشددة على حركة السلع والبضائع باتجاه شمال القطاع.
الخلايا الشمسية
باتت الخلايا الشمسية رفيقاً للنازحين في تنقلاتهم من مكان إلى آخر، فلا يمكن لأي عائلة تُجبر على النزوح، أو تريد تغيير مكان إقامتها، ترك الخلية الشمسية، ويسارعون لنقلها معهم أينما توجهوا.
ومع كل موجة نزوح، تُشاهد الخلايا الشمسية موضوعة على متن الشاحنات، ودراجات "توك توك"، بجانب العفش والأثاث، وباقي الحاجيات.
وقال المواطن يوسف رفيق، إنه عانى الأمرّين في الأشهر الأولى من الحرب خلال محاولاته شحن الهواتف والبطارية، حتى قام أخيراً بشراء خلية شمسية، بخمسة أضعاف ثمنها.
وبيّن رفيق، وهو في الأساس من سكان محافظة غزة، وكان يقيم في مناطق شرق خان يونس، ونزح مؤخراً إلى غربها، أنه نزح حتى الآن 6 مرات وفي كل مرة ينقل الخلية معه، ويضعها أمام خيمته في النهار، فيقوم بشحن البطارية، والهواتف عبر جهاز "انفيرتر"، ويشحن لبعض الجيران بطارياتهم، ثم يقوم بإدخالها للخيمة في المساء.
وشدد رفيق على أهمية الخلية الشمسية، التي لم يكن الناس يفكرون باقتنائها في السابق، فبواسطتها يمكن توفير الكهرباء للإنارة، ومن أجل شحن الهواتف، وأمور أخرى.
بينما قال المواطن إياد عطية، الذي نزح مؤخراً من بلدة القرارة، إن أول شيء فكّر في نقله هو الخلية الشمسية والبطارية، فهي من أهم الأمور التي تعين النازحين على رحلتهم، كما أن تركها في المنزل، أو في أي مكان يعرضها للسرقة، خاصة أنها باتت نادرة، وأسعارها ارتفعت بشكل كبير جداً.
ولفت عطية إلى أن الكثير من سكان الخيام يضعون أمام خيامهم ألواحاً شمسية، بعضها مكسور أو معطوب، لكنها تقوم بتوليد التيار بشكل جزئي، ما يمنح المواطنين بعض الكهرباء.
وأشار عطية إلى أن الحاجة للخلية الشمسية في مثل هذه الأجواء تتعدى شحن الهواتف والبطاريات للإنارة، فهي ضرورية من أجل تشغيل الهوايات التي تعمل بواسطة البطارية، ما يخفف من وطأة الحر في ذروة الصيف، ويُهوّن على البعض حياة الخيمة القاسية.
ونوّه إلى أن المواطنين باتوا قبل وضع خيامهم يرسمون مكاناً لوضع الخلية الشمسية، بما يضعها في مواجهة أشعة الشمس، ويقومون بتثبيتها نهاراً، وإدخالها للخيمة ليلاً، والجميع يعتبرونها رفيقة لهم في رحلة النزوح القاسية.
ويواصل الاحتلال قطع التيار الكهربائي بشكل كامل عن قطاع غزة، ويمنع تشغيل محطة التوليد الوحيدة، ويحظر دخول الوقود للقطاع، إلى جانب تدمير البنية التحتية لشبكة الكهرباء في القطاع بشكل كامل، ما يجعل الخلايا الشمسية مصدر التيار الوحيد في القطاع.