:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/73456

مشاهد جديدة من العدوان في يومه الـ274

2024-07-08

يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ274 على التوالي، ويستمر الاحتلال في مذابحه وجرائمه دون توقف، بينما تتعمق الأزمات في القطاع.
"الأيام" نقلت مشاهد جديدة من قلب العدوان والحصار في قطاع غزة، أبرزها مشهد يسلّط الضوء على تحوّل محور صلاح الدين الحدودي مع مصر، إلى نقاط تموضع جديدة للدبابات، ومشهد آخر تحت عنوان "مطالبات بإجبار إسرائيل على تحمّل مسؤوليتها كسلطة احتلال"، ومشهد ثالث يرصد تزايد ظاهرة نبش أكوام النفايات من قبل الأطفال.

محور صلاح الدين
حوّل جيش الاحتلال محور صلاح الدين الحدودي، الذي يطلق عليه "محور فيلادلفيا"، إلى أكبر نقطة تموضع للدبابات والآليات العسكرية المدرعة، بحيث تنطلق الآليات من تلك المنطقة لتنفيذ عملياتها في محافظة رفح، جنوب قطاع غزة.
ومع دخول العملية البرية على محافظة رفح شهرها الثالث، باتت تأخذ شكل الكر والفر، إذ تتمركز الآليات المدرعة في مواقع على طول المحور المذكور، وتتقدم بشكل مفاجئ باتجاه أحياء المحافظة، وتُنفذ عمليات القصف والتدمير، ثم تعود إلى محور صلاح الدين مجدداً، وهكذا.
وقال المواطن عبد الرحمن منصور، إنه توجه إلى المناطق الشرقية من حي تل السلطان الواقع غرب محافظة رفح، بعد أن أخبره مواطنون بانسحاب قوات الاحتلال من الحي، وبينما كان يحاول الوصول إلى منزله، وإذا بدبابتين ومدرعة تدخلان الحي من ناحية الجنوب، بعد أن انطلقتا من جهة الحدود المصرية.
وبيّن أنه فر مُسرعاً ودخل منزلاً كانت أبوابه مفتوحة، وبقي هناك لساعتين، حتى تراجعت الآليات من جديد ناحية الحدود، واستطاع الخروج، ومغادرة الحي.
وأكد منصور أن بقاء الاحتلال على محور صلاح الدين يُشكل تهديداً كبيراً لكل سكان رفح، حتى بعد انتهاء العملية البرية في المحافظة، فالدبابات تستطيع في دقائق معدودة الوصول إلى أي نقطة في رفح، وتنفيذ مداهمات وعمليات إطلاق نار.
بينما قال المواطن إبراهيم زكريا، إن الاحتلال اعتقل أكثر من مرة شباناً يقومون بحراسة شاحنات المساعدات قرب "مفترق المشروع"، حيث تنطلق المركبات العسكرية من داخل معبر رفح بشكل مفاجئ، وفي غضون أقل من دقيقة تصل إلى مناطق تواجد الشبان، وتحاصرهم وتعتقلهم.
وذكر الشاب خليل سلامة، أنه حاول الوصول إلى حي الجنينة، شرق رفح، بعد أن علم بتراجع الدبابات والآليات العسكرية من المنطقة، لكن بعض الشبان نصحوه بعدم المغامرة، وأخبروه بأن الدبابات تغادر الحي وتعود إليه فجأة عدة مرات يومياً، نظراً لتمركزها على محور صلاح الدين طوال الوقت.
وأشار مواطنون إلى أن الدبابات والآليات العسكرية حوّلت بعض النقاط على الحدود المصرية إلى مرابض للدبابات، ومراكز للمدفعية، خاصة تلة زعرب، وهي تلة مرتفعة، تنطلق منها مئات القذائف ورشقات من الرصاص الثقيل التي تستهدف أحياء وسط وغرب رفح.
وأوضح شهود عيان أن الاحتلال بدأ بإقامة مواقع، ووضع سواتر ترابية على محور صلاح الدين، ما يعني أنه لا ينوي الانسحاب في الفترة القريبة من تلك المناطق.

سلطة احتلال
مع احتلال معبر رفح، ومحور صلاح الدين الحدودي جنوب المحافظة بشكل كامل، بات القطاع خاضعاً لاحتلال إسرائيلي كامل، مع فصله إلى منطقتين معزولتين.
وشكّل هذا الوضع عودة لما كان عليه الحال قبل العام 2005، حيث أعلنت إسرائيل انتهاء احتلالها لقطاع غزة بعد انسحابها من القطاع في نفس العام.
وأكد خبراء وقانونيون أن قطاع غزة خاضع الآن للاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل وفعلي، وبموجب القانون الدولي فإن إسرائيل مُلزمة بتوفير احتياجات 2 مليون مواطن، بما في ذلك المياه، والكهرباء، والمواصلات، والطعام، والمياه الصالحة للشرب، وغيرها، داعين إلى تحرك في المحافل الدولية، لإجبار إسرائيل على تحمل مسؤولياتها تجاه القطاع، بموجب القانون الدولي، كسلطة احتلال.
وطالب مواطنون مؤسسات الأمم المتحدة بالضغط على دولة الاحتلال حتى تتحمل مسؤوليتها في توفير احتياجات سكان قطاع غزة، إذ قال المواطن مصطفى عرفات، إن إسرائيل كانت طوال الوقت تحاول التملص من كونها سلطة احتلال لغزة، وتدعي أن معبر رفح ومحور صلاح الدين غير خاضعين لسيطرتها، لكن حالياً وبما أنها تحتل غزة بشكل كامل، يجب عليها أن تتحمل المسؤوليات.
وشدد على ضرورة أن تعيد إسرائيل تشغيل معبر رفح، وتمكين المسافرين من القدوم والمغادرة، بما في ذلك سفر الجرحى، وإدخال الأدوية، وإعادة تشغيل المستشفيات، وغيرها من الإجراءات المُلزمة لها بصفتها سلطة احتلال فعلية.
ووفق محللين وخبراء فإن خطوة الاحتلال بإحراق معبر رفح، هي محاولة لقطع الطرق على أي مبادرات أو حلول قد يقدمها الوسطاء لإعادة تشغيل المعبر، سواء بسيطرة السلطة الفلسطينية عليه، أو بوجود مراقبين أجانب، وهي بمثابة إمعان وتشديد للحصار المفروض على قطاع غزة، ومنع تحرك الأفراد من خلال المعبر.
وحاولت إسرائيل طوال السنوات الماضية نفي صفة احتلال غزة عنها، من خلال إبقاء الحدود الجنوبية للقطاع مع مصر، وعدم وجودها في معبر رفح، حتى لا تتحمل مسؤوليات وتبعات قانونية تجاه القطاع.

نبش أكوام النفايات
دفع الجوع والفقر، عدداً كبيراً من الأطفال والفتية إلى التوجه لأكوام النفايات الصلبة، التي يتواجد معظمها في محيط مخيمات النزوح، خاصة جنوب ووسط القطاع، ونبشها في محاولة لإيجاد ما يمكن استعماله أو بيعه من بعض الأدوات.
وشوهد في مناطق شارع 5، وغرب خان يونس، فتية يقفون وسط أكوام من النفايات المُتجمعة، ويقومون بنبشها والبحث وسطها عمّا يمكن استعماله.
ويقوم الأطفال بتجميع ما عثروا عليه من أشياء داخل أكياس، ثم ينقلونها إلى مناطق أخرى، إذ قال الطفل عبد الرحمن عمر، إنه نزح وعائلته خمس مرات منذ بداية الحرب، واستقروا مؤخراً في خيمة غرب خان يونس، وبات يبحث وسط النفايات الصلبة عمّا يمكن استخدامه.
وبيّن أنه يُركز في بحثه عن قطع معدنية "ألمنيوم"، حيث يبيعها لبعض التجار مقابل 70 أغورة للكيلوغرام الواحد، إضافة إلى البحث عن أدوات منزلية قد تكون صالحة للاستخدام، فإما تستخدمها والدته، وإما يقوم بتنظيفها وبيعها.
ولفت عمر إلى أن العمل وسط أكوام النفايات التي تكون في أغلب الأحيان مشتعلة، ويصدر عنها دخان ذو رائحة كريهة، أمر مُرهق ومُتعب، لكنه مُجبر على ذلك لمساعدة عائلته في توفير قوت يومها، خاصة في ظل الفقر، وانعدام توزيع المساعدات.
من جهته، قال فتى يدعى "ياسر"، رفض ذكر اسمه كاملاً، إنه كان يعمل في السابق بنبش مكب جحر الديك شرق مدينة غزة، وكان يحصل على الكثير من الأشياء التي يمكن بيعها بسهولة، لكن الآن يواجه مشكلتين: الأولى خلو الأكوام من الأشياء الجيدة، فالفقر دفع الناس للحرص، وعدم رمي أي شيء يمكن الاستفادة منه، وتكاد تكون النفايات عبارة عن معلبات أطعمة فارغة، والمشكلة الثانية صعوبة بيع ما يجمعونه، ففي السابق كانت هناك مصانع للبلاستيك تأخذ منهم ما يجمعونه، لكنه رغم ذلك مستمر في عمله، في محاولة لتوفير قوت عائلته.
واشتكى فتية يعملون في نبش النفايات الصلبة، من إصابتهم بأمراض منها السعال، والطفح الجلدي، إضافة إلى فيروس الكبد الوبائي، بسبب وجودهم وسط بيئة ملوثة لساعات طويلة يومياً، عدا اشتمام رائحة الدخان الناجم عن حرق النفايات.