معزز عبيات بعد تحرره من النقب: الأسرى يموتون يومياً
2024-07-11
كانت تسعة أشهر من الاعتقال في سجون الاحتلال كفيلة بتغيير كل ملامح الأسير معزز عبيات (37 عاماً) من مدينة بيت لحم، ليخرج من السجن منهاراً عاجزاً وأشبه ما يكون بالهيكل العظمي، بعد أن كان لاعب كمال أجسام صاحب بنيان قوي قبل اعتقاله من قبل قوات الاحتلال.
وبدا الخوف يتملك عبيات وهو يجتاز معبر "الظاهرية" جنوب الخليل، أول من أمس، بعد إطلاق سراحه من سجن "النقب" الصحراوي، حيث كان شعره طويلاً كما لحيته ويرتدي ملابس رثة، وفقد أكثر من ثلثي وزنه، ولم يعد يقوى على الحركة دون الاستعانة بأصدقائه وأفراد عائلته ممن شعروا بالصدمة وهم ينظرون ويتحدثون إليه.
في اللحظات الأولى لخروجه من السجن، بدا عبيات في حال من الخوف الشديد، وهو يعتقد أنه لا يزال في الأسر، رغم وجود أصدقائه وأفراد من عائلته ممن كانوا يحاولون تهدئة روعه، وبرزت أصوات بعضهم تقول: "معزز ما تخاف، أنت في أمان وخارج السجن".
وعندما تيقن عبيات أنه أصبح حراً انفلتت كلمات من لسانه كان لها وقعها على كل من تواجد على المعبر بانتظار وصول أسرى مفرج عنهم إلى معبر الظاهرية، حيث انهمرت الدموع من عينيه وهو يقول: "وضعي صعب جداً.. بن غفير داس على جسدي"، مشيراً إلى أنه منذ اللحظات الأولى لاعتقاله من قبل جنود الاحتلال ولغاية خروجه من السجن ظل يتعرض للتعذيب والضرب المبرح.
وأشار عبيات إلى ضرب مبرح تعرض له في سجن "عوفر"، وتعرضه لعملية قتل، واستفاق في مستشفى سجن "الرملة"، دون تقديم أي علاج له.
ومن ثم سار عبيات بصعوبة نحو مركبة كانت بانتظاره على مقربة من معبر "الظاهرية"، والتفت إلى الوراء قائلاً: "احنا بنموت كل يوم.. احنا في السجن ألفين واحد، كل يوم بنموت"، في إشارة منه إلى العدد الكبير للأسرى في سجن "النقب"، والذين ارتفع عددهم بشكل كبير ويتعرضون للتعذيب والتنكيل منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وجرى نقل عبيات فور إطلاق سراحه إلى مستشفى الجمعية العربية في مدينة بيت لحم لإجراء الفحوص الطبية اللازمة، وهو غير مصدق أنه أصبح خارج السجن وغير مدرك لوضعه الجديد، وعبر عن استغرابه من وصوله إلى هذا المكان، بعد اعتقاده أنه قد استشهد وجرى وضعه داخل كيس أسود وإغلاقه عليه، كما قال.
ووصف عبيات وهو يتحدث لمجموعة من الصحافيين وهو على سرير الشفاء في المستشفى، سجن "النقب" بأنه "غوانتانامو" فلسطين، حيث يتعرض أكثر من ألفي أسير للقتل والضرب والجوع والمرض وكل ما لا يمكن للعقل الآدمي تصوره.
وقال: "أنا فارقت أسرى النقب ولكن أتمنى لو متنا مع بعض"، مشيراً إلى أنه تعرض للضرب منذ لحظة اعتقاله، وفي مركز توقيف "عتصيون" وفي سجن "عوفر"، ومن ثم في سجن "النقب"، حيث كان يتعرض للعقاب باستمرار، وفي مركز "عتصيون" تمّت تعريته من ملابسه كلها، وتبول عليه أحد السجانين، وتم ضربه من قبل السجانين باستخدام قضبان حديدية، وتراقص أحد السجانين على جسده.
وكشف عبيات عن تفاصيل صادمة عمّا يحدث داخل سجون ومعتقلات الاحتلال، وأكد أنه تعرض لمحاولات قتل، بجانب ضغوط نفسية عديدة أبرزها تركه دون طعام لفترات طويلة.
وقال: إن وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، داس على جسده في الرابع من كانون الأول الماضي خلال وجوده في سجن "عوفر"، حيث تعرض للضرب المبرح، وأمضى تسعة أشهر في الأسر رهن الاعتقال الإداري.
وأصيبت عائلة عبيات بالصدمة عندما شاهدته على غير هيئته بعد الإفراج عنه، حيث اعتقل وهو لاعب كمال أجسام وخرج بالكاد يستطيع التوازن في المشي وفي حالة صحية يرثى لها.