الحياة بين حفر الصرف الصحي في دير البلح.. معاناة تفوق مرارة النزوح
لم تعد المواطنة "أم ياسين" تحتمل مجمع القاذورات وحفر الصرف الصحي التي تحيط بها من كل جانب.
وطفحت هذه الحفر على الخيام المجاورة لها وتحولت إلى مساحات واسعة من البرك، ما دفع بالمواطنة "أم ياسين" إلى الصراخ والعويل بأعلى صوتها، هل من منقذ من هذه الحياة الصعبة؟
"لا يوجد من نشتكي إليه فلا أحد يستمع لشكوانا لا بلدية أو وكالة أو أي جهة تهتم بنا" هكذا أضافت أم ياسين (38 عاماً) التي تعيش في خيمة مهترئة وسط تجمع كبير للخيام المقام قبالة شاطئ دير البلح وسط القطاع.
وأوضحت في حديث لـ"الأيام" أن جميع الجيران وهي أيضا حفروا حفراً من أجل تصريف المياه العادمة منذ بداية نزوحهم وتلك الحفر الامتصاصية امتلأت وطفحت في المنطقة المجاورة.
وقالت، "تخيل أن جميع هذه الحفر طفحت وأغرقت المساحة الضيقة الموجودة بين الخيام".
تعدد الأعباء وسط التحديات
وفقدت "أم ياسين" كل السبل لكي تحافظ على النظافة الشخصية لأطفالها الذين تظهر عليهم الأوساخ المؤدية للأمراض المعدية.
وقالت، إنها عجزت عن توفير مقومات النظافة لأطفالها الخمسة فهم طيلة الوقت يلهون بين الأتربة القذرة ويقتربون من برك تجمع الصرف الصحي بين الخيام، مؤكدة أنها فقدت القدرة للسيطرة عليهم.
وعن تفاصيل حياتها القاسية أضافت "أم ياسين"، "الأعباء كثيرة ومتعددة في تجهيز الطعام وجلب المياه والعمل في بيع المعجنات لتوفير القوت لهؤلاء الأطفال، كل هذه مهام أساسية خلال اليوم يجب القيام بها كي نستطيع الصمود ومواجهة ظروف الحياة القاسية".
وفقدت "أم ياسين" زوجها شهيداً أثناء نزوحها من بيت حانون في الشهر الأول من العدوان ونزحت برفقة أطفالها اكبرهم 14 عاماً واصغرهم عمره عامان وتعاني من مرارة العيش ليس فقط بسبب النزوح والعدوان بل بسبب الفقر، مشيرة إلى أنها لم تعد تتلقى مساعدات وباتت تعتمد على نفسها في توفير قوت أبنائها.
سقوط الأطفال ومرضهم
"أم ياسين" واحدة من عشرات آلاف المواطنين الذين يعيشون حياة بائسة بسبب تردي أوضاع النازحين في كافة خيام النزوح والتشرد.
وقال النازح نوح الأشقر في الخمسين من عمره، إن مشكلة طفح حفر التصريف التي تم إنشاؤها مع بداية النزوح تسبب أيضا مخاطر سقوط الأطفال الذين يقضون غالبية وقتهم في الشوارع وبين الخيام بهذه الحفر وأيضا تدهور نظافتهم الشخصية.
وأضاف، "تخيل أننا ننام عند مسافة لا تزيد على نصف متر من حفرة للتصريف الصحي التابعة لأحد الجيران ولا يفصلنا عنها سوى قطعة قماش بالية".
ويتابع الأشقر، البيئة القذرة والأوساخ الناجمة عن مواقد النار والأفران الطينية في المناطق الترابية، فضلا عن نقص كبير في الحصول على المياه اللازمة للاستخدامات المنزلية ومياه الاستحمام، تجعل من هذه البيئة بيئة قذرة مسببة للأمراض والأوبئة.
وقال، إن جميع أحفاده أصيبوا بأوبئة معدية كاليرقان والكبد الوبائي والمغص الناجم عن تلوث مياه الشرب وغياب عامل النظافة العامة عند تجهيز الطعام.
وأوضحت النازحة من مدينة غزة "أم بلال" أنها لا تستطع التعامل مع القاذورات الناجمة عن الإهمال وحالة النزوح، مشيرة إلى أن حفر الصرف الصحي تحيط بخيمتها من كل الجوانب.
من جانبها، رأت مصادر طبية أن غالبية الأسباب التي تؤدي إلى انتشار الأوبئة والأمراض ناجمة عن غياب النظافة الشخصية والنظافة العامة في وقت التدهور المستمر للبيئة، مشيرة إلى أن فصل الصيف يشهد غالباً انتشار الأمراض الجلدية والمعوية المعدية.