مدينة ألعاب في خان يونس.. من مكان للترويح إلى مأوى للنازحين
2024-07-19
لم تعد مدينة "أصداء" للألعاب بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة مكاناً للهو والترويح عن النفس، بل أصبحت ملاذاً للنازحين، ومشهداً لآلام تركتها حروب إسرائيل على قطاع غزة.
ففي ظل الحرب المتواصلة منذ أكثر من 9 أشهر، تحولت مدينة الألعاب إلى ملجأ للعائلات التي فقدت منازلها، حيث تعيش في ظروف قاسية تحت تهديد مستمر من قصف إسرائيلي قد يصيبهم.
واضطر نحو 1.3 مليون مواطن إلى النزوح مع بدء العملية العسكرية في رفح منذ أيار الماضي، والتي تجاهلت تحذيرات دولية بشأن تداعياتها، متسببة في كارثة إنسانية وأوضاع معيشية قاسية.
النازحون في مدينة الترفيه يعانون من نقص حاد في المياه والدواء ومواد النظافة الأساسية، ويكافح الرجال والنساء يومياً مع أطفالهم للحصول على ماء نظيف من أماكن بعيدة، ما يزيد من معاناتهم ويضاعف من تحدياتهم اليومية.
غالباً ما يضطر النازحون للاعتماد على مصادر غير آمنة للمياه لعدم وفرتها، ما يجعل حياتهم أكثر قسوة مع تزايد في انتشار الأمراض بسبب المياه الملوثة وقلة النظافة.
ولأكثر من مرة، حذرت مؤسسات صحية محلية ودولية من انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف النازحين، نتيجة التكدس في مراكز الإيواء وانعدام سبل النظافة الشخصية والعلاجات اللازمة.
وتكتظ مدينة "أصداء" بمئات الأسر التي نزحت من أماكن مختلفة جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والمستمرة منذ 10 أشهر.
وداخل مدينة الألعاب، يحلم أحمد أبو عزوم (44 عاماً) بعودة الأيام إلى سابق عهدها، حتى يتمكن هو وأطفاله من اللعب والترفيه كما اعتاد دائماً اصطحابهم في الإجازات الأسبوعية. لكن حرب الإبادة المستمرة ضد أهالي غزة حالت دون تحقيق هذا الحلم وزادت من معاناتهم اليومية.
أبو عزوم أبدى حزنه الشديد جراء ما تسببت به الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي أجبرته على النزوح برفقة عائلته المكونة من 7 أفراد. وقال: "تلك المدينة التي كنت أصطحب أطفالي إليها في الإجازات للعب والترفيه وقضاء أوقات ممتعة، أصبحنا اليوم ننزح إليها".
وأضاف: "أقمنا خيمة تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، ولجأنا إليها بعدما توغل جيش الاحتلال في مدينة رفح جنوب قطاع غزة".
وتابع: "بفعل الحرب والإبادة الجماعية اضطررنا للنزوح إلى خيام بدلاً من مدينة الترفيه، وأصبحت المدينة مكاناً للتعب والشقاء والبحث عن مياه وطعام".
ويأمل أبو عزوم أن تعود مدينة الألعاب إلى مقصدها الأصلي من اللعب والترفيه، وأن تنتهي الحرب والمعاناة والنزوح.
أسفل أرجوحة كبيرة في "أصداء"، تجلس الفتاة آلاء أبو شهلوب (13 عاماً) وتتذكر أياماً أمضتها فيها، حيث كانت تقضي أوقاتها في اللعب واللهو والضحك مع صديقاتها وإخوتها عندما كانوا يزورونها.
لكن تلك الأرجوحة تحولت إلى غطاء يوفر الظل ويحجب أشعة الشمس عنهم، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وعدم توفر وسائل تبريد في ظل انقطاع الكهرباء المستمر بموجب الحصار الإسرائيلي على القطاع.
المكان أصبح مصدر بؤس ومعاناة لآلاء التي تحلم بالعودة إلى مقعد الدراسة لتكمل تعليمها، كما يفعل أقرانها في دول العالم.
وفي 12 تموز الجاري قالت وكالة الغوث "الأونروا"، إن قطاع غزة على عتبة فقدان جيل كامل من الأطفال بسبب الحرب الإسرائيلية.
جاء ذلك على لسان جولييت توما، مديرة الإعلام والتواصل في "الأونروا"، وأوضحت أن 600 ألف طفل في غزة لم يتمكنوا من الذهاب إلى المدارس منذ بدء الحرب الإسرائيلية.
وبينما تتأمل الطفلة آلاء تلك المدينة التي كانت تقضي فيها أوقاتاً ممتعة، قالت: "كنا نأتي للعب هنا، لكن اليوم أصبح مكاناً للنزوح".
وأضافت: "نزحنا من مدينة رفح إلى مدينة الألعاب، فلا مأوى غيره يؤوينا بسبب الحرب"، وتأمل الطفلة أن تعيش حياة كريمة بعيدة عن الحرب، أسوة بأطفال العالم.
وفي 3 تموز قالت كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة سيغريد كاخ، إن هناك 1.9 مليون نازح بأنحاء القطاع الذي يشهد حرباً إسرائيلية مدمرة منذ نحو 9 أشهر.
وذكرت كاخ في إحاطة قدمتها أمام مجلس الأمن الدولي أن "الحرب لم تخلق أزمة إنسانية فحسب، بل أطلقت العنان أيضا لدوامة من البؤس الإنساني، حيث انهار نظام الصحة العامة ودُمِرت المدارس، ما يهدد بتعطل نظام التعليم أجيالا قادمة".
وأوضحت أنه "عقب الهجوم الإسرائيلي على رفح منذ السادس من أيار الماضي، نزح أكثر من مليون شخص مرة أخرى في غزة، وهم يبحثون بشكل يائس عن الأمان والمأوى".
وأنشأ النازحون مخيمات مؤقتة في مناطق متفرقة بقطاع غزة الذي يعاني من اكتظاظ بالنازحين بسبب الظروف الصعبة الناتجة عن الحرب، وفق مسؤولين حكوميين في غزة.
وتفتقر المخيمات لأبسط مقومات الحياة، وتمثل ملاذاً مؤقتاً للعديد من الأسر التي نزحت جراء القصف، حيث يعيش السكان في ظروف صعبة تحت ظلالها.
ومنذ 7 تشرين الأول تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة، خلفت أكثر من 128 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.