قانون الآثار الإسرائيلي.. وسيلة لتصعيد هدم المنازل والاستيلاء على الأراضي بالضفة
2024-07-22
منذ عشرات السنين، يتخذ الاحتلال من المناطق العسكرية في الضفة، ذرائع لمنع المواطنين من دخول الأراضي الزراعية وحظر البناء.
ولطالما اتخذ الاحتلال من "المناطق العسكرية المغلقة ومناطق إطلاق النار، والمستوطنات ومحيطها"، أسباباً لحرمان الفلسطينيين من استخدام أراضيهم أو زراعتها أو البناء عليها.
ومؤخراً، صادقت لجنة في "الكنيست" الإسرائيلي على مشروع قانون يمنح سلطة الآثار الإسرائيلية صلاحيات العمل والتنقيب في الضفة، وينص على أن صلاحيات سلطة الآثار ستشمل البحث عن الآثار في مناطق الضفة كما لو أنها في إسرائيل.
وقال مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" سهيل خليلية، إن "الآثار كانت ذريعة لإثبات ملكية الاحتلال للأرض الفلسطينية، والاحتلال كان يعدّ الحفريات لأن تكون مشاريع تهدف لتثبيت هويتهم كيهود في الأراضي المحتلة، وهي بشكل غير مباشر وسيلة للاستيلاء على الأراضي، وتشكيل الهوية اليهودية في الأرض الفلسطينية".
وأضاف خليلية، "الاحتلال بدأ بالنبش على الآثار في القدس وبلدة سلوان وشيلو وسبسطية، والتي كانت تعتبر ولا تزال وسيلة لتجريد الناس من ملكيتهم".
وأشار إلى أن "مشروع القانون الذي يتم الحديث عنه، يعطي صلاحيات لسلطة الآثار، وهي مقدمة فعلية لعملية ضم الأراضي بشكل قانوني إسرائيلياً، ومخالف للقانون الدولي".
وأوضح خليلية أن القضية تضع الفلسطينيين أهل البلاد الأصليين تحت رقابة وسيطرة إسرائيلية بشكل أوسع مما هم عليه اليوم، ويصبح ما يسمى وزير "التراث في سلطة الآثار الإسرائيلية" شكلاً آخر من أشكال التحكم في الأراضي الفلسطينية.
وبيّن أن سلطة الآثار ستتحكم في المواقع الأثرية في المناطق المسماة "ج" على وجه التحديد، ولكن القانون سيشمل كل المناطق حتى مناطق "أ" و"ب"، وهذا يعطي سلطة الآثار الذريعة لاستخدام الأراضي الفلسطينية بهدف حرمان المواطنين من الوصول إلى أراضيهم واستعمالها، تحديداً كما فعلوا مع المقدسيين بضمهم للقدس الشرقية بشكل مخالف للقانون، وأعلنوا أن أراضي المقدسيين "أراضٍ خضراء" حتى لا يستطيع المقدسيون البناء عليها.
وكشف خليلية عن أن القانون مدعوم من قبل جمعيات يمينية، وهي من ابتدعت قصص التراث اليهودي، وحاولت ربط الآثار المزعومة بقصص توراتية، لافتاً إلى أنه ورغم القضايا المبتدعة، فإنها لاقت معارضة حقيقية من علماء الآثار الإسرائيليين والأكاديميين، وهم من أكدوا عدم وجود آثار حقيقية تشير إلى موضوع آثار يهودية في الأراضي الفلسطينية.
ورأى خليلية أن الأهداف الحقيقية للمشروع المطروح، اليوم، هي لاعتبارات سياسية للسيطرة والاستحواذ على الأراضي الفلسطينية ولكن بشكل آخر، وقال، "الاحتلال استولى على الكثير من الأراضي الفلسطينية تحت ذريعة عسكرية، ولكن هذه الأوامر العسكرية صلاحيتها التنفيذية آخذه بالنفاذ، لأنهم لا يستطيعون تشديد هذه الأوامر الخاصة بالمناطق العسكرية المغلقة لسنوات أطول مما هم عليه، لذلك نرى مؤخراً أن الاحتلال بدأ يلجأ لأساليب أخرى لإبقاء السيطرة على الأراضي خاصة في المناطقة المصنفة "ج".
ونوّه إلى التزايد في الإعلان عن أراضٍ فلسطينية على أنها محميات طبيعية، وانتشار واسع وتزايد ملحوظ في إعلان مناطق فلسطينية كثيرة على أنها محميات طبيعية، "فإما أن تبقى محميات تحت سيطرة الاحتلال أو يتم ضمها إلى مستوطنات قريبة".
وقال، "الاحتلال لم يكتفِ بالإعلان عن محميات طبيعية، وإنما لجأ إلى استعمال قانون الآثار، وأعطى سلطة الآثار الصلاحيات لمد نفوذها إلى مناطق الضفة بكامل تصنيفاتها، ما يعطيها صلاحية السيطرة عليها ومنع البناء الفلسطيني وهدم المنازل، وينتهي بمنع المواطنين من دخول أراضيهم".
وأضاف، شهدنا هدم خمسة منازل فلسطينية قرب قصر هشام في أريحا، وهذه إشارة إلى أن الاحتلال مستعد للدخول إلى وسط المناطق التي يسيطر عليها الفلسطينيون، ويقوم بهدم المنازل تحت مسميات مختلفة "بناء غير مرخص".
وأكد خليلية أن خطورة القانون جعل سلطة الآثار وباءً حقيقياً على الشعب والأرض الفلسطينية، وذريعة حقيقية لتحييد الفلسطيني عن استعمال واستغلال أرضه في الضفة.
من جهته، قال الناشط في مجال الاستيطان بشار القريوتي، إن "سياسة الاحتلال في السيطرة على الضفة أصبحت تنفذ وتطبق فعلياً، ضمن إجراءات الدوائر الاستيطانية التي أصبحت تسابق الزمن لتنفيذ مخططاتها في ظل الأوضاع المتوترة والحرب على غزة".
وأوضح أن دائرة الآثار الإسرائيلية سيطرت على الكثير من المناطق المصنفة "ج"، وتحاول الدخول لمناطق السلطة للتنقيب عن الآثار وتحديداً المناطق المصنفة "ب".
وبيّن القريوتي أن الكثير من الأماكن بداخلها شواهد إسلامية ومساجد قديمة، لافتاً إلى أن المستوطنين يقتحمون القرى والبلدات بحجة وجود مقامات دينية تاريخية، وذلك للسيطرة على مواقع استراتيجية وتلال تقع في المناطق المصنفة "ب"، والتي هي أساساً ضمن سيطرة السلطة الفلسطينية.
ورأى أن الإجراءات التي يقوم بها الاحتلال والمستوطنون على حد سواء، هي لتقسيم الضفة وفرض سياسة أمر واقع جديد، للسيطرة على كل ما هو فلسطيني.