:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/73547

مشاهد جديدة من العدوان في يومه الـ289

2024-07-22

ما زال سكان قطاع غزة يواجهون الموت والمخاطر بشكل يومي، مع استمرار العدوان الإسرائيلي لليوم الـ289 على التوالي، على جميع مناطق القطاع دون توقف، وتصاعد المجازر، وتشديد الحصار وتبعاته.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد يرصد توسيع الاحتلال المنطقة العازلة على الحدود المصرية، ومشهد آخر يُوثق تكثيف الاحتلال الضغط والحرب النفسية لإخلاء شمال القطاع، ومشهد ثالث تحت عنوان: "قلة وسائل النقل تدفع سائقي المركبات العمومية لربط عربات في مركباتهم".

توسيع المنطقة العازلة جنوب رفح
يواصل جيش الاحتلال إقامة وتوسيع منطقة عازلة جديدة، يقيمها في مناطق جنوب محافظة رفح، جنوب قطاع غزة، على طول محور صلاح الدين الحدودي "فيلادلفيا".
وأكد شهود عيان أن المنطقة العازلة الجديدة تمتد من معبر كرم أبو سالم أقصى الشرق، وحتى شاطئ البحر غرباً، ومن أجل إقامتها جرى هدم وتدمير آلاف المنازل، خاصة في أحياء السلام، والبرازيل، وقشطة، ومخيمي يبنا والشعوت، وحي تل السلطان.
وخلال إقامة المنطقة العازلة، دفعت قوات الاحتلال بعشرات الجرافات، ونفذت فرق هندسية عمليات نسف واسعة للمنازل، وجرفت طرقات وشوارع معبّدة.
وأظهرت أحدث صور الأقمار الصناعية لمناطق جنوب رفح، مسح وتجريف مساحات بعمق أكثر من 1 كيلومتر على طول الحدود، جرى خلالها تحويل مناطق سكنية إلى أراضٍ جرداء قاحلة، لا شجر فيها ولا حجر.
وقال المواطن إسماعيل حمد، إنه اطلع على صور أقمار صناعية أصابته بالصدمة والذهول، فنصف رفح الجنوبي اختفى تماماً عن الخارطة، وتحول إلى مناطق جرداء، أشبه بالصحراء.
وأشار إلى أنه شاهد صوراً التقطها شبان من بعض المناطق جنوب رفح، تُظهر حجم دمار كبير، يفوق ما حدث في خان يونس، وأي منطقة في قطاع غزة، وكأن الاحتلال بريد فرض واقع جديد في رفح.
من جهته، قال المواطن بهاء عبد الله من سكان مخيم يبنا، الواقع بمحاذاة الحدود المصرية، إن الأخير جرى تدميره بالكامل، كما جرى مسح وتدمير جميع الأحياء التي يمر الشريط الحدودي بمحاذاتها.
وأكد عبد الله أن المشكلة أكبر من مجرد هدم وتدمير منازل، فحتى بعد انتهاء عملية رفح، لن يتمكن المواطنون من العودة إلى بيوتهم، بسبب استمرار تواجد قوات الاحتلال على طول الحدود.
وبيّن أن إقامة وتوسيع المنطقة العازلة الجديدة، يعتبر بمثابة تدمير لنصف مدينة رفح، وحرمان سكانها من العودة إلى بيوتهم، وقضم مزيد من أراضي المحافظة، إذ جرت مصادرة مساحات كبيرة من الأراضي من أجل إقامة منطقة عازلة أخرى على الحدود الشرقية لرفح.
وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي زار معبر رفح المُحتل، مؤخراً، بأن إسرائيل لا تنوي الانسحاب من "محور فيلادلفيا"، ولا الانسحاب من معبر رفح.

إخلاء شمال القطاع
كثف جيش الاحتلال، خلال الأيام الأخيرة، من وسائل الضغط النفسي على المواطنين من سكان شمال قطاع غزة، ببث مئات آلاف الرسائل الصوتية عبر الهواتف، يطالبهم فيها بإخلاء منازلهم في محافظتي غزة وشمال القطاع، والتوجه إلى محافظات جنوب القطاع.
وتلقى مواطنون رسائل ترهيب وترغيب، تدعوهم للانتقال إلى مناطق وسط وجنوب القطاع، لحماية أنفسهم وعائلاتهم من الموت، والحصول على الغذاء والماء المتوفر في مناطق النزوح، حسب ادعاءات الاحتلال.
وترافقت الرسائل المذكورة، مع زيادة الضغط على سكان شمال القطاع، من خلال تعميق المجاعة من جانب، وتكثيف الاجتياحات البرية، وعمليات القصف المدفعي والجوي من جانب آخر.
وذكر مواطنون من سكان شمال القطاع، أن الاحتلال يسعى إلى تحويل حياتهم إلى جحيم، ويضغط عليهم بكافة الوسائل لدفعهم إلى النزوح، مدعياً توفر المواد التموينية والمساعدات في الشطر الآخر من القطاع، ومحاولاً تقليل مخاوفهم، بعدم وجود تفتيش على الحواجز عند محور "نتساريم".
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن الاحتلال يُحاول خداع المواطنين، عبر بث صور ومشاهد لنازحين يمرون عبر الحواجز، والإيهام بعدم وجود تفتيش عبرها.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي المواطنين من أكاذيب الاحتلال وخداعه، مؤكداً أن الاحتلال يُمارس أبشع صور التعذيب والتنكيل بحق النازحين بعيداً عن عدسات الكاميرات، وإعدام العشرات منهم، وترك المصابين ينزفون حتى الموت.
ودعا المواطنين إلى عدم التجاوب مع هذه الرسائل، والثبات في منازلهم ومناطقهم، مؤكداً أنه لا مناطق آمنة في محافظات قطاع غزة كافة، وأن الاحتلال يمارس القتل بحق المواطنين حتى في خيام النازحين، في المناطق التي يدعي أنها آمنة.
ولفت المكتب الإعلامي إلى أن استمرار الاحتلال في استخدام وسائل الضغط والإرهاب النفسي لتهجير المواطنين عن منازلهم، يعبّر عن فشله وعجزه في تنفيذ هذا المخطط؛ فمن رفض إخلاء منزله تحت القصف والدمار، لن يستجيب لهذه الرسائل الخبيثة.
وأمام كل هذا الضغط، ما زال سكان شمال قطاع غزة يرفضون النزوح، ويواصلون البقاء في منازلهم.
وطالب المكتب الإعلامي المجتمع الدولي بالتدخل العاجل والضغط على الاحتلال لوقف سياسة التهجير التي يمارسها منذ بداية الحرب، مستخدماً التجويع في محافظتي غزة وشمال غزة كسياسة ممنهجة من أجل إجبار المواطنين على مغادرة المحافظتين.

قلة وسائل النقل
دفعت قلة المركبات العامة، وارتفاع أسعار الوقود في السوق السوداء، معظم ملاك سيارات الأجرة، إلى وضع عربات تجرها مركباتهم، حتى يجلس فيها الركاب.
وبات مشهد السيارات التي تجر خلفها عربات مُصنعة محلياً، من المشاهد الدارجة في قطاع غزة، خاصة محافظة خان يونس، إذ تمتلئ كراسي المركبة بالركاب، ثم يبدؤون بالصعود إلى العربة، التي تستوعب ما بين 7 و12 راكباً.
وقال محمد صالح، أحد سائقي مركبات الأجرة، إنه يقوم بخلط السولار مع زيت الطعام لاستخدامه كوقود، ويشتري لتر السولار الواحد مقابل 70-80 شيكلاً، وحتى يغطي تكلفة الوقود، ويحقق بعض العوائد يجب أن تتحرك المركبة بما لا يقل على 15 راكباً، وأن يُحصل أجرة مضاعفة، تتراوح بين 3 و5 شواكل داخل المدينة، حسب المسافة.
وبيّن صالح أنه ورغم كل ذلك، إلا أنه وفي بعض الأيام لا يحقق أي عائد، وبالكاد يغطي ثمن الوقود الذي يشتريه، خاصة إذا ما تعطلت مركبته، أو حدث ثقب في إحدى الإطارات وقام بإصلاحه بمبلغ كبير.
في حين قال السائق عبد الله رزق، إن فكرة الركوب في عربة تجرها مركبة، أو في شاحنة مكشوفة، كانت مرفوضة لدى الكثير من المواطنين، لكن مع الوقت، وعدم وجود بدائل، أصبح الناس يتقبلونها.
ونوّه إلى أنه اضطر لتصنيع عربة عند أحد الحدادين، حتى يستطيع العمل على مركبته المتوقفة منذ عدة أشهر، وهو يعمل داخل محافظة خان يونس، وينقل الركاب، مبيناً أن العربة يمكن أن تستوعب 10 أشخاص، إضافة إلى 5 في المركبة، ورغم كل ذلك يحقق دخلاً أقل مما كان يحققه قبل الحرب، حين كان ثمن لتر السولار أقل من 7 شواكل.
وأشار رزق إلى أن العربات المذكورة تُشكّل عبئاً وضغطاً كبيرين على المركبات، وتضرها مع مرور الوقت، فالسيارات الصغيرة مصممة لحمل ما بها من ركاب، وسحب عربة قد يصل وزنها إلى نصف طن، يؤدي إلى سرعة تلف المحرك.
وأكد أن مركبات الأجرة قلت بصورة كبيرة في قطاع غزة، فالاحتلال دمّر عدداً كبيراً منها، وأخرى تعطلت ولا يتوفر في القطاع قطع غيار، كما أن استخدام زيت الطعام كوقود أدى إلى تلف المُحركات، وما تبقى من المركبات قليل، والمواطنون يواجهون صعوبات كبيرة خلال تحركاتهم، والكثيرون يضطرون إلى ركوب عربات "كارو" تجرها حيوانات، أو دراجات "توك توك".