أزمة مواصلات عميقة شمال غزة تنذر بشلّ الحركة
2024-07-22
يعاني مواطنو محافظتي غزة والشمال المحاصرتين من قبل الاحتلال منذ بدء عدوانه على القطاع في السابع من تشرين الأول الماضي من أزمة مواصلات عميقة، شلّت الحركة في المنطقة المدمّرة بشكل شبه تام.
وعمّق إقدام بعض التجار في المحافظتين على تهريب أعداد كبيرة من الخيول والحمير و"التكتك" لمحافظات جنوب القطاع، خلال الأسبوعين الأخيرين، من هذه الأزمة التي تتفاقم يوماً بعد يوم، خاصة أن هذه الوسائل كانت تشكّل عصب قطاع المواصلات بعد تدمير الاحتلال الغالبية العظمى من المركبات والسيارات في المنطقة خلال العدوان.
واستغل العديد من التجار سماح قوات الاحتلال لمواطني شمال القطاع بالانتقال إلى محافظات الجنوب عبر الحمير والخيول و"التكتك"، باصطحابها وبيعها هناك بأسعار خيالية تصل إلى عشرة آلاف دينار أردني مقابل الحمار الواحد، وأكثر من عشرين ألف دينار مقابل الحصان الواحد ونصف المبلغ مقابل "التكتك" الواحد.
واختفت أعداد كبيرة من هذه الوسائل التي اعتاد المواطنون على استخدامها في تحركاتهم طوال الأشهر التسعة الماضية، ما أدى إلى تكدس كبير للمواطنين في الشوارع.
وأصبح هؤلاء يواجهون صعوبات بالغة في التحرك والوصول إلى وجهاتهم، ما دفع القادرين منهم إلى التنقل مشياً على الأقدام تحت أشعة الشمس الحارقة وبظروف غاية في الخطورة.
وتسود حالة من السخط الشديد في أوساط مواطني شمال غزة لعدم وضع حد لعمليات تفريغ محافظتي الشمال وغزة من الحمير و"التكتك" والخيول التي يجري تهريبها بشكل متواصل دون تدخل من أحد.
ويخشى المواطنون أن يتم تفريغ المنطقة بالكامل من هذه الأدوات في ظل الإغراءات الكبيرة التي تقدمها عصابات التهريب، ومنها رفع أسعارها بأكثر من 500% وكذلك تسهيلات الاحتلال التي تتمثل بالسماح بانتقالها دون أي قيود.
واشتكى مواطنون من صعوبة عثورهم بسهولة على أي وسيلة مواصلات من تلك التي يتم تهريبها للجنوب، ما أدى إلى ارتفاع كبير في تعرفة المواصلات تجاوزت 200%.
وعلمت "الأيام" أن عمليات تهريب هذه الوسائل لجنوب القطاع متواصلة على قدم وساق، رغم تعهد بعض الجهات الأمنية بالعمل من أجل وضع حد لها رغم الصعوبات الهائلة التي تعترض تحركاتها بسبب الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة والمتعمدة لها.
وقال المواطن محمود إبراهيم بدر إن شمال قطاع غزة مقبل على أزمة حادة قد تؤدي إلى وفيات في صفوف المرضى والمصابين، لعدم توفر وسائل النقل لنقلهم للمستشفيات، لاسيما مع توقف معظم السيارات ومركبات الإسعاف.
وأضاف بدر الذي يعمل في إحدى المؤسسات المحلية، إنه أصبح ومنذ أسبوع يواجه صعوبات بالغة في التحرك والعمل، ما أجبره على العمل من داخل مركز الإيواء الذي يقيم فيه في مخيم جباليا.
أما المواطن وليد حمادة فأكد أن مشهد اكتظاظ الشوارع والمفترقات بآلاف المواطنين مخيف، ويشير إلى واقع أكثر قسوة ينتظر نحو نصف مليون مواطن ظلوا صامدين في محافظتي غزة والشمال، من أصل مليون ونصف المليون مواطن قبل الحرب.
وعبّر حمادة عن حزنه الشديد للتدهور المتواصل في الأوضاع الحياتية لمواطني المحافظتين الذين يعانون من مجاعة مميتة بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل.
ودعا الجهات المعنية والفصائل والوجهاء والمواطنين إلى التصدي لظاهرة تهريب وسائل النقل إلى محافظات جنوب القطاع، بهدف تعزيز صمود المواطنين، وعدم إجبارهم لاحقاً على إخلاء المنطقة والنزوح للجنوب كما يريد الاحتلال.
وكانت الغالبية العظمى من المركبات والسيارات التي نجت من الدمار والحرق خلال العدوان، توقفت عن العمل بسبب نفاد المحروقات من السوق، وكذلك نفاد البدائل الأخرى التي لجأ إليها السائقون كبديل عن المحروقات الأساسية، كما هو الحال مع السائق محمد أحمد علي.
وقال علي في الأربعينيات من عمره، إن السولار وبدائله نفدت بالكامل من منطقة شمال غزة، ما جعل الحياة أكثر صعوبة وقسوة.
واعتبر علي أن ما يجري الآن من تهريب لوسائل النقل الأخرى هو عملية مدبّرة من قبل الاحتلال لجعل الحياة في المنطقة مستحيلة.