:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/73551

محللون: الغارات ستقوّي عزيمة الحوثيين وتمنحهم مشروعية ورصيداً سياسياً

2024-07-22

سيسهم الهجوم الأول المعلن لإسرائيل على المتمرّدين الحوثيين اليمنيين، الذين يتحدّون منذ أشهر ضربات تشنها الولايات المتحدة وبريطانيا ضدّهم، في تقوية عزيمة هؤلاء، وفق محلّلين.
فالضربة التي وجّهتها إسرائيل، أول من أمس، لمدينة الحديدة والتي قال المتمرّدون: إنها أوقعت ستة قتلى وتسببت باندلاع حريق هائل، ستمنح الحوثيين "رصيداً سياسياً" وفق رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ومؤسسه المشارك، ماجد المذحجي.
وقال المذحجي لوكالة فرانس برس: إن الضربة "تضفي مشروعية على ادعاءات الحوثيين أنهم يخوضون حرباً مع إسرائيل"، ما من شأنه أن يجعل المتمرّدين أكثر استقطاباً وسط غضب عارم في اليمن حيال الحرب الدائرة في غزة.
منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" في تشرين الأول/أكتوبر، يفرض الحوثيون أنفسهم ركناً أساسياً في شبكة حلفاء إقليميين لطهران تضم تنظيمات مسلّحة في لبنان وسورية والعراق.
وشنّ الحوثيّون نحو 90 هجوماً على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن اعتباراً من تشرين الثاني. والجمعة الماضي، اخترقت مسيّرة حوثية مفخّخة الدفاعات الجوية الإسرائيلية وأدى انفجارها إلى سقوط قتيل في تل أبيب، ما استدعى الرد الإسرائيلي بضربة لميناء الحديدة.
بعد ساعات على الضربة التي استهدفت الحديدة، خرج مئات اليمنيين إلى شوارع صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمرّدين، ملوّحين بالأعلام الفلسطينية وهاتفين: "الموت لأميركا، الموت لإسرائيل".
واعتبرت أفراح ناصر، المحلّلة في "المركز العربي واشنطن دي سي" أنه "بالنسبة للمتمرّدين، تشكّل هذه الهجمات أداة دعائية مهمة. يمكن حشد مؤيديهم عبر تصوير أنفسهم مدافعين بوجه عدوان خارجي جديد".
وقالت ناصر: "هذا الأمر يمكنه أن يشكل عامل جذب لمجنّدين جدد وأن يقوي قاعدتهم".
صمد المتمرّدون بالفعل أمام ضربات أميركية وبريطانية متكرّرة ترمي إلى ردع هجمات الحوثيين على سفن الشحن، منذ كانون الثاني.
وقال غريغوري يونسن المدير الشريك في معهد النزاعات المستقبلية التابع لكلية سلاح الجو الأميركي: إن "أكثر ما يريده" الحوثيون هو أن "يظهروا على أنهم يقاتلون التحالف الأميركي - الصهيوني".
وجاء في منشور على شبكة للتواصل الاجتماعي للخبير في شؤون اليمن أن "هذا الأمر يساعدهم محلياً من خلال تقاطع أهداف الحوثيين مع القضية الفلسطينية التي تحظى بمناصرة كبيرة في اليمن".
كما لفت إلى أن ذلك "يسكت المعارضة الداخلية ويحيّد الخصوم المحليين".
واندلع النزاع في اليمن في 2014 مع سيطرة الحوثيين على مناطق شاسعة في شمال البلاد، لا سيما العاصمة صنعاء.
وفي العام التالي، تدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعماً للحكومة المعترف بها دولياً، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات آلاف القتلى.
لكن هذا النزاع المستمر منذ نحو عشر سنوات لم يُضعف المتمردين الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من البلاد، لا سيما غالبية سواحل البحر الأحمر.
وقالت إليزابيث كيندال، خبيرة الشؤون اليمنية في جامعة كامبريدج: إن "الحرب الأهلية الدولية الدائرة في اليمن منذ عقد تظهر أن الضربات العسكرية لا تردع القيادة الحوثية".
وأضافت لفرانس برس: إن الحوثيين "يستسيغون وضعية المدافعين عن فلسطين".
ميناء الحديدة، الذي يعد نقطة دخول حيوية لواردات الوقود والمساعدات الدولية لمناطق يسيطر عليها المتمرّدون في اليمن، بقي إلى حد كبير بمنأى من الحرب.
وقال المحلّل السياسي أندرياس كريغ المحاضر في الدراسات الأمنية في كلية كينغز اللندنية: إن الضربة الإسرائيلية "لن تضعف على نحو كبير سلاسل إمداد الحوثيين" بالأسلحة.
وأضاف في تصريح لفرانس برس: إن "مكوّنات الصواريخ يمكن تسليمها بطرق مختلفة ولا تتطلب منشآت مرفئية كبرى"، موضحاً أن "إيران نوّعت على نحو كبير سلاسل الإمداد وستجد طرقاً أخرى" لتسليم مكوّنات الأسلحة التي يمكن تجميعها محلياً.
لكن الهجوم الإسرائيلي ستكون له تداعيات على الحوثيين، إذ يمكن أن يعوق واردات نفطية مستقبلية، وقد أثار بالفعل مخاوف من شح في الوقود في خضم أزمة مالية حادة.
الضربة التي دمّرت خزانات للنفط "ستؤدي إلى نقص حاد في الوقود في شمال اليمن، سيؤثر على خدمات أساسية على غرار المولدات العاملة بوقود الديزل والتي تمد مستشفيات" بالكهرباء، وفق محمد الباشا، محلل شؤون الشرق الأوسط في مجموعة نافانتي ومقرها الولايات المتحدة.
وقال الباشا لفرانس برس: إن "الضرر اللاحق بمحطة الكهرباء في الحديدة وحرّ الصيف الشديد سيفاقمان على نحو كبير معاناة السكان"، مشيراً إلى أن "إعادة الإعمار ستكون مكلفة وستنطوي على تحديات".
وقال نيكولاس برامفيلد الخبير في شؤون اليمن: إن الهجوم "ستكون له عواقب إنسانية وخيمة على ملايين اليمنيين العاديين الذين يعيشون في اليمن تحت سيطرة الحوثيين".
وأشار في منشور على شبكة للتواصل الاجتماعي إلى أن هذا الأمر "لن يرفع أسعار الوقود فحسب، بل كل ما يُنقل بوساطة شاحنات".