مسعفون ومتطوعون يروون قصصاً مروعة من مجزرة مواصي خان يونس
2024-09-11
"هون في حد، وهناك كمان، بس في هذا المكان كانت عائلة بأكملها، وين راحوا" مثل هذه الكلمات والعبارات تناقلها مواطنون متطوعون ومسعفون أثناء قيامهم بالبحث عن جثامين دفنت في رمال مواصي خان يونس جراء سلسلة غارات جوية "حزام ناري" نفذتها طائرات الاحتلال، فجر أمس.
وقال أحدهم لـ"الأيام"، قضينا الليل ونحن ننتشل جثامين وأشلاء ومع بزوغ النهار تقريباً كنا انتهينا من انتشال الجزء الأكبر من الشهداء وبقيت بعض أشلاء الجثامين مدفونة.
وأضاف أبو رأفت، الذي بدا متعباً من عمله طول الليل وحتى ساعات الصباح، كما ترى المكان عبارة عن حفر متجاورة ومتلاصقة بعدما اقتلعت الصواريخ الخيام بمن فيها ودفنتهم مع الرمل ومنهم من تطاير في الأجواء وعلى أغصان الأشجار.
وكانت قوات الاحتلال قتلت نحو 40 نازحاً وأصابت 60 آخرين بجروح جراء استهداف خيام النازحين شمال غربي خان يونس بثلاثة صواريخ خلفت دماراً وخراباً كبيرين في المكان.
وقال شهود عيان، إن القصف تسبب بدفن نحو 20 خيمة كانت مقامة في المكان وتؤوي عشرات النازحين.
وأضاف أبو رأفت، الذي فضل نشر لقبه فقط وهو في الثلاثين من عمره، إنه يقيم في مكان مجاور لمكان القصف وقد استيقظ على صوت الانفجارات وتوجه للمكان معتقداً انه قصف عادي لكن مشاهد الحفر المتراصة في مكان الخيام وتطاير الأشلاء والملابس والأمتعة في كل مكان كان مشهداً مروعاً.
"لم تتوقف سيارات الإسعاف والسيارات الخاصة عن نقل الجثامين والمصابين والأشلاء منذ وقوع الانفجار وحتى ساعات الصباح" هكذا قال الشاب معتز (29 عاماً) أحد شهود العيان، مشيراً إلى أنه شارك في أعمال انتشال الأشلاء بعد بزوغ النهار.
وأضاف لـ"الأيام"، بعدما انخفضت حركة المسعفين ومركبات الدفاع المدني واصل متطوعون البحث عن أشلاء وجثامين وقد وجدوا بعضها دون أن يعرف لمن من الشهداء، لكنهم ألحقوها إلى مجمع ناصر الطبي.
وقد جمع جزء من هذه الأشلاء، وأخرى ألحقت لجثامين شهداء بحسب ما تم جمعه من مواءمات ومواصفات للجثامين بحسب العمر والجنس، وفقاً لروايات عن مصادر طبية.
يشار إلى أن عددا قليلا من الشهداء تم التعرف على هويتهم والبقية تم تخمينهم من خلال معرفة النازحين من الجيران بأصحاب الخيام المستهدفة بالقصف.
واعتبر الشاب معتز أن من بين المشاهد القاسية، أن تشاهد جزءا من جسد شهيد مدفون بالرمل وتقوم بالحفر حتى التمكن من إخراجه وحينها تتفاجأ من أنه لم يكن أكثر من نصف جسد أو جزء من الأطراف.
وكان من بين المشاهد المؤثرة وجود جريح كان قد سقط في مكان بعيد عن مكان الانفجار وبقي لوقت طويل وهو ينزف دون أن يشاهده أحد، لافتاً إلى أن التركيز يكون عند مكان القصف ولا يُنظر لمسافة عشرات الأمتار.
وتحول مكان الاستهداف في خان يونس إلى مزار من قبل النازحين المقيمين في المكان والجميع يتحدث عن هول الانفجارات التي وقعت، فيما لم يقلل آخرون من الأثر النفسي الذي لحق بالأطفال والنساء الناجين من الجريمة المروعة، كالتي وقعت قبل نحو شهرين والتي أسفرت عن استشهاد 120 نازحاً في مكان قريب، لكن الجميع صاروا بانتظار الجريمة القادمة.