شهيدان وإصابات .. اجتياح وتدمير واسع في طولكرم والمخيم وإجبار سكان على الإخلاء
2024-09-11
قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي شاباً وامرأة وأصابت بالرصاص عشرة آخرين، أمس، خلال عملية عسكرية واسعة النطاق شنتها في مدينة ومخيم طولكرم بعد أيام قليلة من انسحابها منهما.
وقالت وزارة الصحة، إن جثمان شهيد وصل إلى مستشفى الشهيد ثابت ثابت الحكومي في مدينة طولكرم، وجثمان شهيدة إلى مستشفى "الإسراء" التابع للجنة الزكاة، جراء إصابتهما برصاص قوات الاحتلال، فيما أعلن المستشفى الحكومي أن الشهيد هو أحمد مجدوبة "24 عاماً" والذي أكد شهود عيان لـ"الأيام"، أنه كان هدفاً للقتل بدم بارد من قبل جنود الاحتلال لدى وجوده في محيط المستشفى.
وأوضحت وزارة الصحة أن 8 مواطنين وصلوا إلى مستشفى الإسراء بينهم مسعف واثنان إلى المستشفى الحكومي، مصابين بالرصاص بجروح بين متوسطة وطفيفة.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر، بوقوع عدة إصابات برصاص الاحتلال في صفوف المواطنين، من بينها إصابة في الركبة في مخيم طولكرم، إضافة إلى شاب أصيب بجروح خطيرة في محيط المستشفى الحكومي ومنعت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف التابعة للهلال الأحمر من الوصول إليه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، جراء إصابته بالرصاص في رأسه.
وذكرت الجمعية في بيان، أن قوات الاحتلال حاصرت مركز إسعاف الهلال الأحمر في الحي الجنوبي من مدينة طولكرم وطلبت من الطواقم الخروج منه.
وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال تطلق النار بكثافة وبشكل عشوائي باتجاه منازل المواطنين، فيما تقوم الجرافات بتجريف الشوارع وشبكات المياه والكهرباء.
وقال مواطن من المخيم في اتصال مع "الأيام": "لا يمكننا أن نطل رؤوسنا من نوافذ منازلنا لنحاول مجرد معرفة ما يدور حولنا، وكل ما نسمعه هو صوت إطلاق الرصاص بشكل عشوائي وكثيف في كل مكان، وأصوات تفجيرات قوية، إلى جانب أصوات الجرافات الضخمة وهي تدمر كل شيء في طريقها من شوارع وشبكات كهرباء ومياه وواجهات منازل ومحال تجارية ومركبات".
قوات الاحتلال بدأت بإجبار عشرات العائلات من مخيم طولكرم على الخروج من منازلها بقوة السلاح.
واشتكت عدة عائلات من إقدام قوات الاحتلال على إجبارها على الخروج من منازلها بملابسها دون السماح لها بأخذ أي من احتياجاتها واضطر معظم أفرادها وتحديداً النساء والأطفال وكبار السن للتوجه إلى المساجد التي فتحت أبوابها أمام العائلات النازحة.
وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال لجأت إلى إشعال النيران في عدة منازل داخل المخيم دون السماح لطواقم الدفاع المدني بإخمادها.
وكانت قوات إسرائيلية خاصة من وحدات "المستعربين"، تسللت إلى محيط المستشفى الحكومي في طولكرم، وسرعان ما تم اكتشافها من قبل المواطنين، فيما تسللت قوات أخرى إلى محيط المخيم.
وروى شهود العيان أنه بعد انكشاف عملية تسلل "المستعربين" إلى المدينة، بدأت قوات كبيرة من جيش الاحتلال معززة بعشرات الآليات العسكرية ترافقها عدة جرافات ثقيلة باقتحام المدينة ومحاصرة المستشفى الحكومي ومستشفى "الإسراء"، وإخراج قوة "المستعربين" من الموقع الذي تسللوا إليه مستخدمين مركبة تحمل لوحة تسجيل فلسطينية.
وقال أحد الشهود وهو يصف الأوضاع في محيط المستشفى الحكومي قبل انكشاف عملية تسلل قوة "المستعربين" واقتحام قوات الاحتلال: "كنا في ساحة المستشفى، حيث المراجعون والحالات المرضية والأطباء والممرضون، وكانت الأوضاع طبيعية جداً، وفجأة بدأ جنود الاحتلال يطلقون الرصاص بشكل كثيف وعشوائي دون أي اعتبار لوجود المرضى والمواطنين وطواقم المستشفى، وبدأنا نركض على غير هدى وكل واحد منا يبحث عن مكان يعتقد أنه آمن بعيداً عن رصاص الاحتلال".
وأكدت مصادر محلية، أن قوات الاحتلال اقتحمت طولكرم معززة بعدد كبير من الآليات العسكرية ترافقها عدة جرافات، وحاصرت بداية المستشفى الحكومي ومستشفى الإسراء، وتمركزت على المداخل الرئيسة والفرعية لمخيم طولكرم.
وتزامنت عملية الاقتحام، مع بدء خروج التلاميذ وطواقم التدريس من المدارس ورياض الأطفال في اليوم الثاني من العام الدراسي الجديد، فيما تم احتجاز الطاقم التعليمي وعدد من الطالبات داخل مدرسة طولكرم الأساسية التابعة لوكالة "الأنروا" في المخيم، في ظل الانتشار المكثف لآليات وقوات الاحتلال والتي كانت تطلق النار بشكل عشوائي صوب كل جسم متحرك، في وقت تم فيه احتجاز عدد من أطفال روضة "فلة"، داخل صيدلية المستشفى الحكومي، بعد محاصرته من قبل قوات الاحتلال.
ودفعت قوات الاحتلال بالمزيد من التعزيزات العسكرية إلى وسط المدينة من المحور الغربي، بالتزامن مع اكتظاظ الأسواق بالمواطنين، وطالبت عبر مكبرات الصوت المواطنين بمغادرة الأسواق وأصحاب المحال التجارية بإغلاقها خلال خمس دقائق، مع تهديداتها بإطلاق النار على كل من يتجاوز المهلة المحددة، ما تسببت بحدوث أزمات مرورية شديدة في منطقة دوار ثابت ثابت، وشارع نابلس، ومحيط المستشفى الحكومي، فيما تمركزت قوات أخرى في محيط دوار "العليمي"، المعروف باسم "دوار المحاكم"، وشرعت بتجريف البنية التحتية، وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع على ارتفاع منخفض.
وبالتزامن مع اقتحام المدينة ومحاصرة المستشفيات وإعلان فرض حظر التجول، بدأت قوات الاحتلال بفرض حصار مشدد على مخيم طولكرم، ونشرت آلياتها العسكرية على مداخله الرئيسة والفرعية، وقناصتها على البنايات المطلة على المخيم، وسط تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في سماء المنطقة، قبل أن تبدأ جرافات الاحتلال باقتحام المخيم حيث شرعت بتجريف الشوارع وتدمير مرافق البنية التحتية وإلحاق أضرار كبيرة بالمنازل والمحال التجارية ومركبات المواطنين، وسط إطلاق كثيف للنيران وأصوات انفجارات.
ودهمت قوات الاحتلال مركز "العودة" في المخيم، واحتجزت ستة أشخاص من طاقم العاملين فيه، وحولته إلى ثكنة عسكرية ونشرت فرق القناصة على نوافذه.
وقال رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم فيصل سلامة، إن هناك عدواناً وتهجيراً قسرياً بحق مخيم طولكرم، وإن هذه المرة من أصعب الاقتحامات التي تنفذها قوات الاحتلال، إذ أجبرت معظم سكان المخيم على الخروج من منازلهم بدءا من "حارة المقاطعة" جنوباً وحتى "حارة المدارس" شمالاً، في نزوح قسري غير معروف المصير.
وأضاف سلامة إن قوات الاحتلال ترافقها الكلاب البوليسية دهمت المنازل وبثت الخوف والرعب في نفوس الأطفال والنساء، وأجبرتهم على مغادرتها، واستولت على أجهزة الهواتف النقالة الخاصة بالمواطنين، وحولت عدداً من المنازل إلى ثكنات عسكرية ونقاط لقناصتها.
وأوضح أن الاحتلال أحرق عدداً من المنازل بعد أن غادرها أصحابها قسراً، وهدم بعضها بجرافاته التي دمرت وجرفت الشوارع والبنية التحتية المدمرة من الاقتحامات السابقة، في خطوة تهدف لتدمير ما تبقى من المخيم وجعله غير قابل للحياة والسكن.
واعتقلت قوات الاحتلال عدداً من الشبان، واستخدمت بعضهم دروعاً بشرية في أزقة المخيم.
وطالت عمليات التجريف البنية التحتية وممتلكات المواطنين في حارات: حمام، والشهداء، والمقاطعة، والربايعة، والبلاونة، والغانم، والمدارس.