جباليا: سوء الأحوال الجوية حلقة أخرى من الحصار
2024-11-27
لم يشفع سوء الأحوال الجوية لآلاف المحاصرين في جباليا بالخروج من منازلهم والإفلات من الحصار المحكم التي تفرضه عليهم قوات الاحتلال منذ مستهل عمليتها العسكرية الواسعة والعميقة في محافظة شمال غزة.
وعلى عكس الجولات السابقة من العمليات العسكرية والاجتياحات خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ اكثر من 13 شهراً لم يستطع المحاصَرون استثمار سوء الأحوال الجوية للإفلات من الموت والقتل الذي تمارسه بحقهم قوات الاحتلال، حيث لم تكن الأحوال الجوية بالسيئة لدرجة منعها طائرات الاحتلال المسيّرة من مواصلة التحليق فوق سماء المنطقة، ما حدّ من محاولات المحاصرين النجاة من الموت المحقق.
واضطر المحاصرون للبقاء في منازلهم بعد ان قتلت قوات الاحتلال مجموعة من المواطنين لحظة وصولها الخط العسكري الفاصل بين محافظة شمال غزة ومدينة غزة.
وتلقف المحاصرون أخبار استشهاد عدد قليل حاول كسر الحصار ظناً منه أن سوء الأحوال الجوية ستخدمه هذه المرة كالمرات السابقة، ولكنهم تفاجؤوا بمواصلة قوات الاحتلال إحكام سيطرتها العسكرية المطلقة على حدود المنطقة.
ولعل المواطن حلمي الطيب في الخمسين من عمره ابرز الذين حاولوا كسر الحصار ولكنه سرعان ما استُشهد عند وصوله مقبرة الفالوجة الفاصلة جنوب جباليا.
وقال شهود عيان تمكنوا من سحب جثمانه ان طائرات الاحتلال استهدفته بصاروخ لحظة اقترابه من الخط العسكري الذي يفصل جباليا عن حدود مدينة غزة.
وأكد الشهود لـ"الأيام" انهم شاهدوا جثثاً لعدد من المواطنين خاضوا نفس تجربة حلمي، ولكنهم فشلوا امام القدرة الهائلة والفائقة لطائرات الاحتلال المسيرة في التحليق في اسوأ الظروف الجوية.
ولوحظ عدم مفارقة طائرات الاستطلاع والتجسس كبيرة الحجم سماء المنطقة رغم الأمطار الشديدة والغيوم الكثيفة التي وصلت المنطقة ليومين متتاليين.
ولا يزال آلاف المواطنين محاصرين في مناطق واحياء متفرقة من مدينة جباليا ومخيمها غير قادرين على الخروج، ويعانون اوضاعاً صحية وحياتيه قاسية جداً ومن مجاعة حقيقية بعد نفاد الطعام والشراب.
ويخشى هؤلاء على مصيرهم وحياتهم في ظل تصاعد عمليات القصف والقتل بحق المتبقين في المنطقة التي تخضع لعدوان إسرائيلي قاسٍ جداً أدى الى استشهاد نحو 2500 مواطن واصابة واعتقال الآلاف وتهجير معظم السكان.
وبالرغم من عدم وجود آليات عسكرية على أجزاء كبيرة من المحور الذي يفصل محافظة الشمال عن محافظة غزة والذي يبلغ طوله نحو سبعة كيلومترات، إلا ان عشرات الطائرات المسيّرة المسلحة والمروحية تتكفل بمراقبته على مدار الساعة بالتزامن مع عمليات قصف مشددة ومكثفة تنفذها مدفعية الاحتلال.
وتزداد الأوضاع النفسية للمحاصرين سوءاً في ظل انعدام أي بوادر لفك الحصار وانتهاء العملية الإسرائيلية التي رسمها مجموعة من الجنرالات الإسرائيليين بقيادة الجنرال غيورا ايلاند المستشار العسكري والأمني السابق لرئيس حكومة الاحتلال، والتي تهدف الى ترحيل سكان محافظتي غزة والشمال الى الجنوب، وإحياء المشاريع الاستيطانية من جديد في المنطقة التي كانت تضم عدداً من المستوطنات اليهودية قبل انسحاب قوات الاحتلال الكامل من قطاع غزة في نهاية صيف عام 2005.