مشاهد جديدة من العدوان المتواصل على القطاع في يومه الـ 417
دخل العدوان الإسرائيلي المُتواصل على قطاع غزة يومه الـ 417 على التوالي، بمزيد من الجرائم والمذابح الإسرائيلية، وتفاقم معاناة النازحين والمواطنين، خاصة في ظل المنخفض الجوي الحالي، وما نتج عنه من تدمير لآلاف الخيام.
تواصل "الأيام"، نقل مشاهد جديدة ومتنوعة من قلب الحرب وتبعات الحصار، منها مشهد يرصد تدمير المنخفض الجوي لأكثر من 10 آلاف خيمة، ومشهد آخر بعنوان "ثالوث الخوف والجوع والبرد يفتك بالنازحين"، ومشهد ثالث يرصد شيوع مظاهر الفوضى في قطاع غزة.
المنخفض الجوي يجرف ويدمر 10 آلاف خيمة
لا تزال تداعيات المنخفض الجوي، الذي قيمته دوائر الأرصاد الجوية على أنه متوسط القوة، تعصف بالنازحين، ممن فقدوا خيامهم وحاجياتهم، إذ جرف البحر ودمر أكثر من 10 آلاف خيمة لنازحين.
ولا يزال عشرات الآلاف من المواطنين يعيشون بلا مأوى، وبعضهم بلا فراش وأغطية، بعد أن سحبتها الأمواج العاتية التي ضربت خيامهم.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإنه وعلى مدار يومين تلفت قرابة 10 آلاف خيمة، حيث جرفتها مياه البحر بعد امتداد الأمواج، بسبب دخول فصل الشتاء ودخول المنخفض الجوي.
وأطلق المكتب الإعلامي نداء استغاثة انساني عاجل للمجتمع الدولي، ولجميع دول العالم، ولكل المنظمات الدولية والأممية، لإنقاذ مئات آلاف النازحين في قطاع غزة قبل فوات الأوان، خاصة وأن أعداد النازحين لا تزال في تدفق وازدياد يوماً بعد يوم، في ظل فرض الاحتلال جريمة التهجير القسري، حيث بلغ عدد النازحين حوالي 2 مليون شخص في محافظات قطاع غزة، وهؤلاء نزحوا أكثر من 5 مرات متتالية، ولا يزالون تحت قهر الظروف القاسية التي يفرضها الاحتلال.
وبحسب معلومات المكتب الإعلامي، فإنه ووفقاً لفرق التقييم الميداني، فإن ما نسبته 81% من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، وذلك بعد تلف واهتراء 110 آلاف خيمة من أصل 135 ألف خيمة، وهي بحاجة إلى تغيير واستبدال فوري، نتيجة اهتراء هذه الخيام تماماً، ونتيجة دخول المنخفضات الجوية وفصل الشتاء، وجرف أمواج البحر لآلاف الخيام، حيث إن هذه الخيام مصنوعة من القماش والنايلون، وهذه الخيام اهترأت مع حرارة الشمس، ومع ظروف المناخ في قطاع غزة، وخرجت عن الخدمة بشكل كامل، خاصة بعد مرور أكثر من 417 يوماً على حرب الإبادة الجماعية، وعلى جريمة التهجير القسري، والنزوح الإجباري، وهذه الظروف غير الإنسانية.
وأكد المكتب الإعلامي، أن قطاع غزة، مُقبل على أزمة عميقة وكارثة إنسانية حقيقية، بفعل دخول فصل الشتاء، وظروف المناخ الصعبة، وبالتالي سوف يصبح 2 مليون إنسان بلا أي مأوى في فصل الشتاء، وسيفترش هؤلاء الأرض وسيلتحفون السماء، بسبب إغلاق المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، وبسبب منع الاحتلال إدخال 250 ألف خيمة و"كرفان" إلى القطاع في ظل هذا الواقع الإنساني الخطير.
ثالوث الخوف والجوع والبرد يفتك بالنازحين
يواجه النازحون في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة، أوضاعاً مأساوية، وقاسية، بعد أن اجتمع عليهم الخوف والجوع، والبرد الشديد.
فبالإضافة للغارات اليومية التي تشنها الطائرات تجاه خيام النازحين، وحالة الخوف والقلق الشديدة التي يعيشها الناس هناك، بات الجوع يستشري في جميع المخيمات، مع شح الطحين، وتناقص السلع الغذائية، والارتفاع الكبير وغير المسبوق على الأسعار في الأسواق.
ويقول المواطن يوسف صلاح، إن حياة النازحين باتت صعبة وقاسية، بعد أن اجتمعت عليهم الأزمات، وحاصرتهم الكوارث من كل جانب، فالخوف من جانب، والجوع من جانب آخر، بينما يواجهون البرد والأمطار التي فتكت بهم.
وأكد صلاح أنه يبحث عن الطحين منذ 3 أيام، ولم يجد سوى طحين قديم، مليء بالحشرات والدود، وقد اشترى الكيلوغرام الواحد مقابل 20 شيكلا، وحين أعدته زوجته لم يستطع أبناؤه أكله بسبب مذاقه السيئ، ورغم ذلك أُجبروا على أكله، لعدم توفر البديل.
وأشار إلى أن السوق خالية من المواد الغذائية عدا القليل من المعلبات، والرز، وبعض أصناف الخضروات، وجميع ما ذُكر أسعاره عالية جداً، تتجاوز قدرة 80% من العائلات على شرائها.
وأوضح صلاح أنه وعائلته يعيشون حالة جوع، ووصل بهم الأمر لنقع المعكرونة بالماء، ثم عجنها وتحضيرها كخبز، كما يتناولون بعض المعلبات على وجبة الغداء، وفي غالب الأيام ينام أطفاله دون عشاء، فلا يوجد طعام كاف يمكن أن يقدمه لهم.
في حين قال المواطن محمد المصري، إن النازحين في مناطق المواصي يواجهون أصعب وضع منذ بدء الحرب، بعد أن اجتمعت عليهم كل أشكال المعاناة، فالناس ينامون جوعى، يعانون البرد، ويشعرون بالخوف.
وأكد أنه يبحث طوال اليوم عن الطعام لأفراد أسرته، مع بحثه المستمر عن أغطية وفراش لأطفاله، دون أن يغفل حالة الخوف التي يعيشونها، والأخيرة لا يمكن إيجاد حل لها، فالاحتلال لم يدع مكاناً في القطاع آمناً، وجميع المناطق باتت خطيرة.
ويتواجد في مواصي خان يونس نحو مليون نازح، يعيشون معاناة كبيرة، ويواجهون الجوع منذ نحو الشهرين، بسبب تشديد الحصار من قبل الاحتلال.
الفوضى تعم القطاع
باتت مظاهر الفوضى تتعمق داخل قطاع غزة بصورة واسعة، مع وقوع حوادث يومية تنتج عن انتشار السلاح، وغياب دور فاعل وحقيقي للجهات الأمنية.
فلا يكاد يمر يوم دون وقوع شجارات مُسلحة، ينتح عن بعضها قتلى وجرحى، فقد حدث قبل يومين شجار أمام أحد المخابز وسط القطاع، تخلله إطلاق نار، ما تسبب بمقتل سيدتين، وإصابة أخرى بجروح.
كما أُغلقت طرقات في بعض شوارع خان يونس لساعات طويلة، بسبب شجارات وقعت بين عائلات، عدا اتساع حالات السطو والبلطجة.
وأفيد بسرقة سيارة تابعة لوزارة الصحة بغزة، يتواجد فيها مسؤول في الوزارة بغزة، بعد إجباره وسائقه على مغادرتها، كما أفاد شهود عيان بسرقة حقيبة سيدة من قبل لصين يستقلان دراجة نارية، وقد اختطفا الحقيبة ولاذا بالفرار.
ووفق الشاب علي، الذي رفض ذكر اسمه كاملاً، فإنه كان عائداً من مدينة دير البلح، وبرفقته بضائع ثمينة، وفجأة أوقفه لصان مُسلحان، وأجبراه على السير معهما إلى أحد البيوت المهجورة، وحين حاول المقاومة اعتديا عليه بالضرب، وهناك أخذوا منه تحت تهديد السلاح كل ما يحمل من أموال وبضائع، فحتى هاتفه النقال سرقوه، ثم أمروه بالمغادرة.
وأكد أنه عرف المنزل الذي اقتيد إليه، وتواصل مع وجهاء ورجال إصلاح من نفس المنطقة التي تعرض فيها للسرقة، في محاولة لإعادة المسروقات، لكن دون جدوى، فقد علم أن هؤلاء ضمن عصابة لصوص، ينفذون عمليات سرقة بالإكراه في نفس المنطقة.
بينما أفيد بتعرض مواطنين عائدين من رفح للسطو والسرقة على طريق صلاح الدين، بعد أن خرج عليهم لصوص، وأشهروا سلاحاً في وجوههم، وسرقوا ما جلبوه معهم من بيوتهم.
وأكد الشاب محمد سالم، أن لصوصاً سرقوا منه لوح طاقة شمسية، كان جلبه من منزله شرق رفح، بعد أن أخفاه لعدة أشهر.
وقال سالم إنه وحين نزح من رفح كان الوقت أمامه قصيراً بسبب القصف، ولم يكن معه وسيلة مواصلات مناسبة، لنقل كل الحاجيات، ما اضطره لترك خلية شمسية وقد أخفاها، وبعد عدة أشهر، وبعد مخاطرة وصل إلى منزله، وجلب الخلية، وخلال محاولته العودة بها لمحافظة خان يونس سُرقت منه.
وأكد سالم أنه لم يتخيل أن تصل الفوضى في القطاع لحد سرقة الناس في الشوارع، وقد سمع عن حوادث سرقة متكررة بهذه الطريقة.
بينما يشكو سكان الخيام من تكرار تعرضهم للسرقة من لصوص يتسللون الى الخيام في الليل، ويسرقون بعض ما فيها.
في حين يقول المواطن أحمد إسماعيل، إنه وضع مركبته في أرض محاطة بسور ولها بوابة كبيرة، ظناً منه أنه وضعها في مكان آمن، وتفاجأ في الصباح بأن لصوصاً قفزوا من فوق الجدار وفككوا عجلاتها الأربع، وسرقوها مع العجلة الاحتياط، وتركوها تقف على حجارة.
وأوضح أنه صُعق من المشهد، وقدم بلاغاً لدى جهات الاختصاص، لكن دون فائدة، فالعجلات سُرقت، وهو يُدرك أن الفوضى باتت مُستشرية في القطاع.