شمال غزة: مبادرات شبابية بنقل وإخلاء الجرحى ودفن الشهداء
شكّلنا فريق عمل في كل حادثة قصف يوجد فيها ضحايا، ووزعنا المهام حسب المناطق الجغرافية"، بهذه الكلمات تحدث الشاب فضل لـ"الأيام" حول مبادرات تحمّل المسؤولية الخاصة بنقل وإخلاء الجرحى والناجين من حوادث الاستهداف والقصف في مناطق بيت لاهيا وجباليا، شمال قطاع غزة.
وأضاف فضل (30 عاماً) من بيت لاهيا: بعدما تعطل عمل فرق الدفاع المدني والمسعفين لم يعد هناك من يتحمل المسؤولية إلا أقارب الضحايا ومعارفهم، ومع مرور الوقت تدخل متطوعون كثر من الشبان الذين نظموا عملهم مع مرور الأيام، وتزايد الحاجة لنقل الجرحى".
وأطلق عشرات الشبان على أنفسهم فرق "تحمل المسؤولية" رغم ما يواجه عملهم من مخاطر شديدة بسبب استمرار حرب الإبادة في بيت لاهيا ومخيم جباليا.
ودفعت الحاجة والمسؤولية عددا قليلا من الشبان الذين وجدوا أنفسهم أمام مسؤولية إخلاء الضحايا والناجين من مكان الحدث عبر وسائل بدائية في غياب مركبات الإسعاف.
وقال فضل في البداية كنا عددا محدودا تواجد بمحض الصدفة في بعض المناطق المستهدفة، ومع مشاهدة الجرحى الذين يحتاجون للعلاج تطوعنا بنقلهم إلى مستشفى كمال عدوان وهو الأقرب أو إلى منازل محددة أو نقاط طبية".
وأشار إلى أن توالي الأيام واستمرار القصف تكررت التجربة والمسؤولية في عدة مناطق أخرى، حتى باتت مسؤولية الشبان المتواجدين في مناطق الاستهداف وحدهم.
لم يقلل غياب مركبات أو حتى عربات "التكتك" من رغبة هؤلاء المتطوعين في مساعدة الضحايا بل زادتهم إصراراً، واستخدموا عربات "الكارو" في عملهم.
عربات "الكارو"
وقال الشاب محمد في الثلاثينيات من عمره: كنا ننقلهم عبر كارات تجرها حيوانات، لكن ومع تعميق الأزمة لم تعد هذه الحيوانات موجودة، فصار أحد الشبان هو المسؤول عن جر العربة إلى مكان تلقي العلاج، وبالطبع بمساعدة شبان آخرين.
وأضاف: يحاول الشبان طيلة الوقت تأمين عربة "كارو" وتجهيزها لنقل الجرحى، وغالباً لا يتم نقلهم إلى المستشفيات نظراً لتوقف عمل غالبيتها، بل يجري نقلهم إلى نقاط طبية تعمل بشكل مؤقت في منازل المواطنين أو مفترقات معروفة.
وقال محمد الذي ينزح في جباليا، إن الشبان قد ينقلون الجرحى أيضاً إلى حدود المناطق التي منعت فيها إسرائيل عمل طواقم الإسعاف والواقعة عند الحدود الجنوبية لبلدة جباليا، تمهيداً لنقل هؤلاء الجرحى إلى مستشفيي المعمداني والشفاء بغزة عبر مركبات الإسعاف.
من جانبه قال المتطوع أبو فادي (37 عاماً) إن غالبية الشبان المتطوعين لا يمتلكون الخبرة ولا الوسائل لنقل الجرحى، مشيراً غلى أنهم بحاجة لنقالات أو أية أدوات مناسبة لحملهم على الأكتاف أو بالأيدي.
وأوضح لـ"الأيام": نقوم بنقل الجرحى عبر ألواح خشبية أو في أكياس وأقمشة وهو ما يضر بهم في حال لم يتم التعامل معهم وفق التعليمات الطبية الخاصة بالإسعاف الأولي.
متطوعون للدفن
اللافت يقوم هؤلاء المتطوعون بالتجول في مناطق أخرى وسط مخاطرة كبيرة للبحث عن جثامين شهداء ملقاة في الشوارع ودفنها بدون معرفة هويتها.
وانتشرت خلال الأيام الماضية فيديوهات لشبان يجمعون بقايا أشلاء شهداء لم تعرف هويتهم من الشوارع مستخدمين عربات يدوية تمهيداً لدفنها.
وينظم متطوعون من المواطنين والنازحين أنفسهم لدفن ومواراة الشهداء الثرى، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية شمال قطاع غزة.
وقال أحدهم ممن شارك في هذه الجهود لـ"الأيام": يتم التواصل مع أشخاص مسؤولين عن أماكن الدفن لكي يقوموا بتجهيز الحفر ونقوم نحن بإيصال الجثامين إليهم مع الاحتفاظ بمذكرات حول تفاصيل وأماكن استشهادهم.
وأضاف: يختار المتطوعون أماكن مناسبة للدفن سواء كانت في أراض خالية أو ساحات منازل أو جانبي الطرق الرئيسة ومرات كثيرة في أماكن القصف عندما يكون الشهداء من أصحاب المنزل المقصوف.