:مصدر المقال
https://ajalia.com/article/74103

آلة القتل الإسرائيلية تلاحق النازحين في مآويهم

2024-12-06

كان المواطن عزيز علي مبارك يظن أن نزوحه من جباليا إلى منطقة غرب غزة سيوفر له الحماية ويبعد عنه شر آلة القتل الإسرائيلية التي حصدت العشرات من أقاربه وجيرانه مطلع العملية العسكرية المتواصلة في جباليا، منذ مطلع تشرين الأول الماضي.
ولم يكن يعلم مبارك أن مجرد بحثه عن المياه في شارع النصر لسقاية أفراد أسرته سيكلفه حياته، حيث كانت طائرات الاحتلال المسيّرة بالمرصاد له ولمجموعة من الباحثين عن المياه والطعام والهائمين على وجوههم من النازحين.
وفي لحظة ما قتلت صواريخ هذه الطائرات مبارك، في الخمسينيات من عمره، وعدداً آخر من المواطنين وجرحت عشرات، ومن بين الشهداء الذين ارتقوا في الجريمة المروعة جاره قبل النزوح وفي النزوح الشاب دانيال أحمد أبو وردة في الثلاثينيات من عمره. وفارق الاثنان الحياة بعد ثوانٍ معدودة من قصفهما بعدة صواريخ كما تحدث عدد من شهود العيان لـ"الأيام".
وأضاف الشهود وهم من المقربين للشهيدين، أنهما كانا حريصين على عدم الخروج من مأواهم إلا للضرورة القصوى لتلبية احتياجات أسرتيهما.
وأوضح محمد مبارك أحد أقارب الشهيد عزيز ويتقاسم معه السكن، أن الأخير كان يظن أنه يسكن منطقة آمنة "ودائماً ما كان يقول لي إننا في منطقة آمنة بسبب بعدها عن مركز العمليات في جباليا واكتظاظها بالنازحين".
وأشار مبارك إلى أنه وقبل لحظات من استشهاد عزيز كان يتحدث مع النازحين في المكان عن تفاؤله بقرب عودته إلى منزله في جباليا، عازياً ذلك إلى حديث الإعلام عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
أما رائد أبو وردة صديق الشهيد دانيال فلم يُخفِ صدمته بعد استشهاد صديقه وتحويل الصواريخ جسده إلى أشلاء، مشيراً إلى أن الشهيد دانيال كان يظن أنه يسكن في منطقة آمنة، لاسيما أن جيش الاحتلال طلب منهم اللجوء إليها بعد إخراجهم بالقوة من جباليا قبل نحو شهر ونصف الشهر.
وأوضح أبو وردة انهم دائماً ما كانوا يتجولون في شوارع المنطقة ظناً منهم أنها آمنة، ولكن جيش الاحتلال يثبت كل يوم انه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة.
ولفت إلى أنه بدأ يفكر في تغيير مكانه أو طريقة حياته بعد أن تعرضت المنطقة لأكثر من هجوم جوي خلال الأيام الأخيرة.
وينزح معظم سكان محافظة شمال غزة قسراً إلى مناطق وأحياء غرب مدينة غزة الفارغ معظمها من سكانها الذين نزحوا إلى جنوب القطاع في مستهل العدوان الإسرائيلي على القطاع قبل نحو 14 شهراً.
ويسكن النازحون الجدد، وعددهم أكثر من مئة ألف، المساكن والمنازل الفارغة وجميعها مدمرة بأشكال متفاوتة بسبب تكدس مراكز الإيواء المتاحة وغير المدمرة.
وقال النازح إبراهيم علوان إن قوات الاحتلال لم تكتفِ بإخراجهم من منازلهم وتدميرها وتجويعهم وفرض الحصار عليهم، بل تقوم بملاحقتهم وقتلهم أينما ذهبوا وارتحلوا.
وأوضح علوان أن الاحتلال يتعمد ضرب مناطق النزوح لإجبار المواطنين على النزوح باتجاه محافظات الجنوب والوسط من أجل تفريغ محافظتي غزة والشمال من المواطنين لإفساح المجال أمام إحياء المشاريع الاستيطانية في القطاع، والتي كانت قائمة حتى نهاية صيف العام 2005.
وتنفذ قوات الاحتلال منذ شهرين في شمال غزة وبشكل خاص في جباليا عملية عسكرية هي الأوسع والأعمق منذ عدوانها الحالي على القطاع، أدت إلى استشهاد نحو ثلاثة آلاف مواطن وإصابة واعتقال عشرة آلاف آخرين، وتهجير معظم سكان المحافظة.