غزة: الأطفال حديثو الولادة يفتقرون للرعاية المُنقذة للحياة
تحرص النازحة أمل، بين وقت وآخر على زيارة وليدها الذي يخضع للرعاية الطبية في حضانة مستشفى ناصر في خان يونس وسط تخوفات من تعرضه لمكروه، بحسب ما قالت لـ"الأيام".
وأوضحت أمل أنها وضعت جنينها الذكر قبل أسبوعين وصنفت ولادته من الولادات المبكرة ونصحها الأطباء بوضعه في حضانة لعدم اكتمال نموه وللضرورات القصوى بعدم ملاءمة خيمتها لوضعه الصحي.
ويتردد البعض من النساء اللواتي وضعن حديثاً والنساء الحوامل إلى أقسام صحة المرأة في المستشفيين الحكوميين "شهداء الأقصى" في دير البلح و"ناصر" في خان يونس، فيما تبحث أخريات عن مثل هذه الرعاية لدى عيادات ومستشفيات تابعة لجهات دولية.
وأعربت أمل، وهي في الثلاثين من عمرها، عن أملها في أن يحظى وليدها بالحياة في ظل نقص حاد في مقومات الحضانات المتوفرة في المستشفيات الحكومة، مشيرة إلى أنها رزقت به بعدما أنجبت ثلاث بنات أكبرهن في العاشرة من عمرها.
تجربة ولادة نوعية
وللنازحة نسرين (26 عاماً) تجربتها النوعية مع الولادة في خيمة قماشية قبل نحو شهر، لافتة إلى أنها لم تتمكن من الوصول للمستشفى عندما جاءتها آلام الوضع.
وأوضحت نسرين لـ"الأيام" أن نزوحها وأسرتها في خيمة بمنطقة نائية في دير البلح لم يمكنها من الوصول إلى المستشفى بل قامت إحدى النساء القريبات بمساعدتها، مشيرة إلى أن القصف الذي تزامن مع آلام المخاض أجبرها على الولادة في الخيمة.
وأضافت إنها أصيبت بآلام شديدة عقب الولادة ولا تزال تعاني حتى بعد مرور شهر، لافتة إلى أن وليدها يفتقر للغذاء السليم والرعاية الصحية المناسبة.
وقدرت أوساط طبية في حديث لـ"الأيام" أن أوضاع النساء الحوامل والواضعات حديثاً يعانين من نقص كبير في المقومات الطبية في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الطبية.
وقالت الطبيبة في قسم الأطفال في مستشفى ناصر في خان يونس، فداء النادي: الأوضاع الصعبة في غزة تزيد من احتمالية الولادة المبكرة ما يؤثر على حياة الجنين، مشيرة إلى أن الظروف المَعيشة في قطاع غزة بسبب العدوان والنزوح تؤثر بشكل كبير على الحالة الصحية للنساء الحوامل والمرضعات.
وأضافت، في سياق تصريحات صحافية إن هناك نقصاً بحاضنات الأطفال، وأحياناً يتم وضع ثلاثة أطفال في حاضنة واحدة.
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أعلنت مؤخراً عن وجود نحو 7700 طفل وطفلة من حديثي الولادة يفتقرون للرعاية المنقذة للحياة.
النساء الحوامل
من جهتها جلست النازحة ملك، على دكة وسط حشد من النساء الحوامل اللواتي كن ينتظرن دورهن في إجراء الكشف والمتابعة الطبية في عيادة "الأونروا" في مخيم دبر البلح للاجئين، حيث قالت لـ"الأيام"، إنها حضرت إلى العيادة للمرة الثانية فقط في حملها الحالي منذ خمسة شهور، لافتة إلى أن الرعاية التي وجدتها في المرة الأولى كانت محدودة.
ولوحظ تكدس العشرات من هؤلاء النساء في القسم المقام في الطابق الثالث، في إطار الاكتظاظ الذي تشهده العيادة لإجراء فحوص وخدمات طبية مناسبة للنساء الحوامل.
وتقوم "الأونروا" بتقديم الخدمة الطبية لهؤلاء النساء سواء الحوامل أو المرضعات وفق الإمكانات المتاحة لديها خصوصاً أنها تشهد تقليصاً في هذه الخدمات منذ بدء العدوان الإسرائيلي.
أوضحت ملك (28 عاماً) أنها ستنتظر لترى مدى الرعاية المقدمة للحوامل هذه المرة، لكنها أكدت أنها بحاجة ماسة لأي نوع من الخدمة الطبية المقدمة.
وقال مصدر طبي من العيادة، لـ"الأيام" إن "الأونروا" تقوم على رعاية متوسطة للنساء الحوامل والواضعات حملهن حديثاً والمرضعات، لكنها لا تستطيع الإيفاء بكافة الخدمات والرعاية التي قد تحتاجها هؤلاء النساء بسبب العدوان الإسرائيلي.
وأكد المصدر الذي فضل عدم نشر اسمه، أن أعداد النازحات اللواتي يترددن على العيادة يفوق المتوقع وأن الطواقم الطبية لا تستطيع تقديم هذا النوع للجميع بكفاءة عالية، مشيراً إلى أن الاحتلال تسبب بتقليص - إلى حد كبير - من كميات الأدوية والمعينات الطبية والغذائية اللازمة لهؤلاء النساء.
وقدرت أوساط مختصة أن عدد النساء الحوامل المسجلات لدى كافة الجهات واللواتي قد يكن معرضات للخطر بسبب انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة بنحو 55 ألف امرأة، فيما أشارت الطبيبة "النادي" في سياق تصريحاتها، إلى أن نحو 50% من النساء الحوامل فقط يحظين بفرصة متابعة حملهن، لافتة إلى أن من شأن غياب الغذاء الصحي والاعتماد على المعلبات أن يؤثر على صحة المرأة الحامل والمرضعة أيضاً.