صيف وحرب وحصار.. أزمة عطش غير مسبوقة في قطاع غزة
2025-07-17
يعيش قطاع غزة اليوم واحدة من أسوأ أزماته الإنسانية، إذ يواجه أكثر من مليونَي إنسان خطر العطش وسط توقف شبه كامل لمصادر المياه الأساسية، وتضاعف ارتفاع درجات الحرارة أزمة المياه سواء العذبة أو مياه الاستخدام اليومي.
وتوقفت مياه خط "ميكروت" الإسرائيلي الذي كان يغذي القطاع بكميات حيوية من المياه العذبة، كما توقفت محطة التحلية الرئيسية في دير البلح وسط القطاع عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونفاد الوقود اللازم لتشغيلها.
وتواجه بلديات غزة أزمة حادة مع نفاد الوقود المخصص لتشغيل الآبار ومحطات الضخ، ما أدخل القطاع في حالة عطش غير مسبوقة تهدد حياة السكان، وتفاقم المعاناة في ظل حصار خانق وعدوان مستمر.
وحذر رئيس بلدية دير البلح، نزار عياش، من تفاقم أزمة العطش غير المسبوقة التي يعاني منها عشرات الآلاف من النازحين والمواطنين في وسط وجنوب قطاع غزة، في ظل توقف المحطة الرئيسية لتحلية المياه وانقطاع التيار الكهربائي المستمر منذ بداية الهجمة الإسرائيلية الأخيرة على القطاع.
وأوضح عياش أن مدينة دير البلح كانت تعتمد على ضخ نحو 1600 كوب من المياه المحلاة يومياً، إضافة إلى خط "ميكروت" الذي كان يضخ كميات كبيرة من المياه العذبة، ما ساهم سابقاً في تمويل مناطق واسعة منها محافظة خان يونس بمياه الشرب، وساعد في تحقيق حالة من الاستقرار النسبي للمولدات ومحطات الضخ.
لكن مع توقف خط "ميكروت" وانقطاع الكهرباء، توقفت تماماً عمليات التشغيل في محطة التحلية بدير البلح، ما أدى إلى فقدان المياه الحلوة بشكل كامل، في وقت لا توجد فيه أي كميات كافية لتلبية احتياجات السكان، وفق عياش.
وأشار إلى أن دير البلح، التي يبلغ عدد سكانها نحو 100 ألف نسمة، إضافة إلى آلاف النازحين الذين لجؤوا إليها من مناطق أخرى، تواجه أزمة مياه حادة، مع عجز البلدية عن توفير الحد الأدنى من كميات المياه اللازمة للشرب والاستخدام اليومي.
من جهته، وصف رئيس قسم المياه في بلدية خان يونس، سلامة شراب، الوضع المائي في المدينة بالأكثر من خطير؛ في ظل توقف خط "ميكروت" المغذي الرئيسي للمدينة؛ الذي يزوّد المدينة بـ4 آلاف لتر مكعب يومياً؛ إلى جانب وقوع 90% من آبار ومصادر المياه بالمدينة تحت نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية هناك.
وبيّن شراب أن الآبار والخزانات أصابتها أضرار كبيرة منذ المرحلة الأولى من حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال، لافتاً إلى أن 75% من منظومة المياه في خان يونس مدمرة بالكامل، وأن 25 بئر مياه تعرضت لدمار كلي من أصل 37، فيما تعمل بقية الآبار بكفاءة لا تتجاوز 50% من طاقتها.
وأشار إلى أن العجز في إيصال المياه لا يقتصر على منطقة المواصي المكتظة بالسكان، بل يشمل مختلف أحياء خان يونس، لافتاً إلى وجود خزانين رئيسيين غرب المدينة، إلا أنهما فارغان تماماً بسبب تدمير الآبار المغذية لهما بشكل شبه كامل.
وقال: "خزان البراق مثلاً، فقد 8 من أصل 10 آبار كانت تغذيه، إضافة إلى تعطل الخطوط الناقلة للمياه والتي لم تتمكن البلدية من ترميمها حتى اللحظة نتيجة وقف كافة التدخلات الدولية لإعادة الإعمار وترميم البنية التحتية، في انتظار نهاية الحرب".
وأكد أن كميات الوقود المتوفرة حالياً لا تغطي سوى 20% من الاحتياجات اليومية لتشغيل مرافق المياه، سواء لإنتاج المياه أو لإعادة ضخها وتوزيعها، محذراً من كارثة إنسانية إذا استمر الوضع على هذا النحو دون تدخل عاجل.
وتعيش مدينة غزة الأزمة ذاتها، وقد احتدّت منذ أسبوعين بسبب الأوضاع الأمنية وكثافة القصف الجوي والمدفعي، خاصة في الأحياء الشرقية من المدينة.
وقال المتحدث باسم بلديات غزة، حسني مهنا: إن ما يصل إلى مدينة غزة حالياً لا يزيد على 15% من إجمالي احتياجها الفعلي للمياه؛ بسبب استهداف الآبار، وعدم توفر الوقود اللازم لتشغيل ما تبقى منها، إضافة إلى ضعف منظومات الطاقة الشمسية والبطاريات بسبب إطالة أمد الحرب.
وأوضح مهنا أن الحرب تسببت في خروج نحو 100 بئر مياه عن الخدمة، ولم يتبقَّ سوى 19 بئراً فقط تعمل وتزوّد سكان مدينة غزة بالمياه، هذا يعني أن أكثر من 80% من مصادر المياه أصبحت خارج الخدمة.
وأشار إلى أن الاحتلال دمّر محطة تحلية المياه في شمال غربي مدينة غزة، والتي كانت تنتج حوالى 15 ألف كوب يومياً، أي ما يقارب 10–15% من احتياج المدينة، لكن اليوم المحطة خرجت بالكامل عن الخدمة.
أما خط مياه "ميكروت"، فتتحكم به سلطات الاحتلال بشكل كامل، حيث تفتح وتغلق المحابس في الأوقات التي تريدها، دون أي التزام بالاتفاقات أو القوانين، ما يقلل من استفادة المواطنين منه.
وأوضح أن متوسط حصة الفرد من المياه هبط إلى أقل من 3 لترات يومياً، وهي كميات لا تكفي للاستخدامات الأساسية، محذراً من تفشي الأمراض نتيجة شح المياه وصعوبة تأمين النظافة الشخصية والعامة، خاصة في مراكز الإيواء المكتظة.